المنفي مدعو لحضور احتفالات نوفمبر    ربيقة يسلّم دعوة لغالي    بروتوكول تعاون عسكري بين الجزائر وموريتانيا    الاقتصاد الوطني سينمو ب4.5 بالمائة    إلغاء وتغيير أوقات عدّة رحلات    زهانة يعوّل على إنشاء السلطة المينائية    ولاية الجزائر تحيي اليوم الوطني للهجرة    الأمن الوطني يحيي يوم الهجرة    الجزائر تجدّد دعمها لحق الشعب الصحراوي    عمراني مدرباً جديداً لبلوزداد    هذه قائمة المدربين الأعلى أجراً في العالم    السمنة.. خطر يُهدّد الصحة العمومية بالجزائر    تظاهرات متنوعة وإطلاق مشاريع تنموية بولايات الجنوب    10 مساهمات للمسلمين في العلوم    وزير الصحة يؤكّد ضرورة إنشاء أقطاب خاصّة    كرة القدم/الرابطة الأولى موبيليس (الجولة الخامسة) : مولودية الجزائر ترتقي إلى الصدارة    سطيف: 35 عارضا في الصالون الوطني للفلاحة والإنتاج النباتي    الرابطة الثانية هواة/الجولة 5: مستقبل رويسات ونجم بن عكنون يحافظان على الصدارة رغم تعادلهما    الدورة 149 للاتحاد البرلماني الدولي "فرصة رافعت خلالها الجزائر عن القضيتين الفلسطينية والصحراوية"    كينيا: الحزب الشيوعي يشيد بقرار محكمة العدل الأوروبية ويجدد موقفه الثابت والداعم للشعب الصحراوي    أكثر من 4ر1 مليون مغربي يعيشون في فقر مدقع وتردي خطير للحق في العيش الكريم بالمملكة    المخزن يواصل طرد المغاربة من منازلهم و أراضيهم لتسليمها للصهاينة    السيد بوغالي يشارك بجنيف في الاجتماع الثاني للجنة التحضيرية للمؤتمر ال 6 لرؤساء البرلمانات    أمطار رعدية مرتقبة على ولايات شرق البلاد بداية من ظهيرة اليوم الجمعة    غليزان: إصابة أربعة أشخاص بجروح في حادث مرور ببلدية سيدي سعادة    وزير الصحة يشرف على افتتاح أشغال المؤتمر الدولي لأمراض القلب    حماس تعلن إستشهاد رئيسها يحيى السنوار    الجمعية العامة للأمم المتحدة: اللجنة الرابعة تتبنى قرارا يجدد التأكيد على الإطار القانوني لقضية الصحراء الغربية    معرض المؤتمر الدولي للعلوم الغذائية بقسنطينة: المزرعة الذكية والمنتجات الغذائية غير الكيميائية أبرز الابتكارات المعروضة    باتنة..مشاركة أزيد من 500 مختص في الملتقى التاسع لأمراض الكلى    الفريق أول السعيد شنقريحة يشرف على توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين الجزائر وموريتانيا    الخطوط الجوية الجزائرية تلغي وتغير أوقات عدة رحلات مبرمجة    حيداوي يبرز دور الشباب في الحفاظ على الذاكرة الوطنية ونقلها إلى الأجيال القادمة    الرئيس الأرجنتيني يهنئ رئيس الجمهورية على انتخابه لعهدة ثانية    بنك الجزائر: طالب يستقبل وفدا عن البنك الإفريقي للتصدير والاستيراد "أفريكسيم بنك"    ربط أكثر من 40700 مستثمرة فلاحية بالكهرباء منذ 2020    وزيرا الثقافة والتجارة يفتتحان المعارض الفنية والإبداعية الخاصة بتظاهرة "كانكس ويكاند 2024"    حوادث المرور: وفاة 12 شخصا وإصابة 505 آخرين في المناطق الحضرية خلال أسبوع    اليوم الوطني للهجرة: تظاهرات متنوعة وإطلاق مشاريع تنموية بولايات الجنوب    تنس الطاولة/بطولة افريقيا: تأهل الثنائي جلولي وكساسي لنهائي الزوجي المختلط    8 منتخبات تضمن رسميا تأهلها    فرنسا تسمم زعماء إمارة أولاد سيدي الشيخ    الابتلاء من الله تعالى    والي بومرداس تعد بالتّكفل بانشغالات السكّان    إقبال كبير للنسوة على تخليل الزيتون    المهرجان الدولي للمسرح ببجاية: مسرحية "تيرا مادري" للفرقة الإيطالية "تياترو بلو" أو نداء نجدة الطبيعة    النعامة.. وفاة سبعة أشخاص وجرح 19 آخرين في حادث مرور ببلدية مغرار    منصّة رقمية لتسيير مصالح الاستعجالات    اللجنة الوطنية للأطباء المقيمين في إضراب وطني لمدة 3 أيام    حملة تلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    المنتخب الجزائري لتنس الطاولة في مواجه ساخنة مع النيجيري    الخضر يتاهلون إلى كأس أفريقيا للأمم 2025    المهرجان الدولي للمسرح ببجاية : رقصة السماء.. مزيج ساحر بين المسرح، السينما والفيديو    تنظمه جامعة باتنة.. ملتقى وطني حول التعددية اللغوية في المنظومة التربوية والجامعية    نعمة الأمن لا تتحقق إلا بوجود 4 مقومات    هكذا نزلت المعوذتان على النبي الكريم    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما يغضب السعوديون!
نشر في أخبار اليوم يوم 11 - 10 - 2013


بقلم: عبد الباري عطوان*
ليس من السهل أن يغضب السعوديون ويفقدوا أعصابهم بسهولة، فقد تربى المسؤولون منهم على أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب الانفعال، والإقدام على ردود فعل متوترة، هذا ما قاله وزير خارجية خليجي في تعليقه على عدم إلقاء الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي لكلمته أمام الأمم المتحدة احتجاجا على التقارب الأمريكي الإيراني، وأضاف الوزير السابق قائلا لكن الزمن تغير، والمصالح تغيرت، والأعصاب تآكلت ولم يعد من السهل ضبطها مثلما كان عليه الحال طوال عدة عقود في السابق.
الأمير سعود الفيصل فقد أعصابه مرتين والسبب سورية، الأولى عندما انسحب من اجتماع لأصدقاء سورية الأول الذي انعقد في تونس قبل عام ونصف العام تقريبا احتجاجا على تلكؤ الغرب في تسليح المعارضة السورية للدفاع عن نفسها في مواجهة هجمات قوات النظام الدموية، والثانية في الأمم المتحدة أثناء انعقاد الجمعية العامة، احتجاجا على عجزها عن حل الأزمتين الفلسطينية والسورية، حسب قول مصدر رسمي سعودي.
السياسة السعودية في سورية تواجه العديد من العثرات، أبرزها ضعف تمثيل الائتلاف الوطني السوري الذي نجحت في الهيمنة عليه، وإخراج الموالين لغريمتها قطر منه، وتقليص نفوذ الإخوان المسلمين فيه لمصلحة الليبراليين والأكراد، فالجيش السوري الحر سحب اعترافه من الائتلاف وهاجم رئيسه أحمد الجربا المقرب جدا من السعودية.
أما العثرة الأكبر للسياسة السعودية فتتمثل في تصاعد قوة الجماعات الجهادية الإسلامية مثل الدولة الإسلامية في العراق والشام وجبهة النصرة، وأكثر من عشرين جماعة أخرى يتبنى معظمها عقيدة تنظيم القاعدة الجهادية وهؤلاء من ألد أعداء السعودية، وعانى زملاؤهم كثيرا من بطشها وقوات أمنها، ويكفي الإشارة إلى أن طائرات _الدرونز_ الأمريكية (بدون طيار) تنطلق في حربها لاغتيال أنصار القاعدة في اليمن من قاعدة جوية أمريكية داخل الأراضي السعودية وقرب الحدود اليمنية.
السعودية وقطر ربما اختلفتا في صراعهما على السيطرة على المعارضة السورية، ولكنهما اتفقتا على شن حملة إعلامية مكثفة من خلال مدفعيتهما الإعلامية الثقيلة (العربية والجزيرة) من أجل إسقاط النظام، ولكن هذه المدفعية الثقيلة بدأت تفقد زخمها وقوتها وثقة مشاهديها بعد أن طالت الأزمة السورية ودخلت النصف الثاني من عامها الثالث، ولم تنجح في إسقاط النظام السوري، مثلما نجحت في إطاحة الأنظمة الليبية والمصرية واليمنية والتونسية.
ومن المفارقة أن الرئيس بشار الأسد الذي خسر الحرب الفضائية في بداية الأزمة باعترافه في أحد خطاباته، مقابل كسبه الحرب على الأرض، بدأ يحقق مكاسب كبيرة في الفضاء هذه الأيام، دون أن يخسر مواقعه على الأرض أو معظمها.
الرئيس الأسد بات أكثر ثقة بالنفس، وبدأ هجوما إعلاميا مضادا وبمعدل ثلاث مقابلات تلفزيونية وصحافية (دير شبيغل الألمانية) ومع كبريات المحطات الأمريكية (سي بي اس)، والإقليمية وهو الذي كان يجد صعوبة بالغة في الحديث إليها، وظل يكتفي بإعطاء مقابلات لمحطات تلفزيون لبنانية مثل _المنار التابعة لحزب الله، أو محطات تركية تنتمي إلى الحزب الجمهوري المعارض لحزب العدالة والتنمية الحاكم، ونكاية بزعيمه رجب طيب أردوغان.
السلطات السعودية تبدو حاليا كالنمر الجريح بعد أن طعنتها إدارة الرئيس باراك أوباما طعنة مسمومة في الظهر بالانقلاب مئة وثمانين درجة تجاه إيران، أي من العدو الذي كانت تحشد الأساطيل وحاملات الطائرات لمهاجمته، إلى الدولة الصديقة التي يمكن الحوار معها، وإشراكها في مؤتمر جنيف الثاني لحل الأزمة السورية، والاهم من ذلك إعادة تقاسم مناطق النفوذ في منطقة الشرق الأوسط معه على أساس الشراكة وليس التنافس.
مأزق السلطات السعودية ربما أكثر تعقيدا من مأزق الرئيس الأسد نفسه، لأن مأزق الأول استراتيجي يتعمق، والثاني مأزق عسكري تخف حدته تدريجيا بفضل التراجع الأمريكي والدعم الإيراني، والدهاء الروسي.
السعودية خسرت العراق، مثلما خسرت سورية، بعدم إطاحتها سريعا بنظام الأسد، وتوشك أن تخسر لبنان، لأن خروج إيران من قفص الحصار السياسي الأمريكي سيعزز قوة حلفائها في لبنان، وحزب الله على وجه الخصوص، وعلى حساب حلفاء السعودية من السنة، ونصف الموارنة المسيحيين، أو ما يسمى بجماعة الرابع عشر من أيار بزعامة آل الحريري.
هذا لا يعني أن القيادة السعودية لا تملك أوراقا قوية في يدها تستطيع لعبها بطريقة مؤثرة إذا أحسنت استخدامها، مثل قوتها المالية الهائلة (500 مليار دولار عوائد نفطية سنوية) ودورها الإقليمي خاصة علاقاتها القوية مع حكومة الانقلاب في مصر، لكن في المقابل تعاني صعوبات في تحشيد عمقها الخليجي، فخلافها مع قطر عاد إلى الواجهة مجددا، أما سلطنة عمان فتتبنى سياسة محايدة هادئة، وسلطانها زار إيران قبل ثلاثة أسابيع ولقي استقبالا حارا من قيادتها وقبل انفراج العلاقات الأمريكية الإيرانية، والإمارات ما زالت في حال من الردس لاستبعادها من استضافة مقر البنك المركزي الخليجي للعملة الموحدة، والكويت غارقة في صراعاتها الداخلية بين الحكومة والمعارضة، والإسلاميون السنة في مواجهة نظرائهم الشيعة.
ولا يمكن تجاهل الأخطار الأخرى التي تحيط بالمملكة مثل تزايد قوة تنظيم القاعدة في اليمن، وتحول الأخيرة إلى دولة فاشلة، وكذلك توتر العلاقات مع حركة الإخوان المسلمين في مصر وباقي دول المنطقة بسبب مساندتها للانقلاب العسكري المصري بقيادة الجنرال السيسي، وهو الدعم الذي أدى إلى فتور علاقاتها مع تركيا أيضا.
بعد كل ما تقدم يبدو مفهوما خروج الأمير سعود الفيصل عن طوره، وهو يرى سياسة بلاده الخارجية في تراجع خطير، مثلما يرى أثر سم الطعنة الأمريكية ينتشر في الجسد السياسي السعودي، مثلما يرى انقلابا في المعادلات الإقليمية والطائفية في المنطقة في غير صالح السعودية، ودون أن تكون هناك فرصة كافية للتعاطي مع هذا التغيير المفاجئ بحكمة وروية.
وتراجع السيد حسن روحاني عن قبوله دعوة من العاهل السعودي لأداء فريضة الحج هذا العام بعد أن قبلها، يرسم صورة واضحة وملخصة لهذه الأزمة السعودية.
إيران اعتمدت على روسيا بوتين، والسعودية اعتمدت على الحليف الأمريكي، الأولى تخرج تدريجيا من العزلة، والثانية تدخل بسرعة فيها ولو مؤقتا. الشيء الوحيد المؤكد أن رفض السيد روحاني غصن الزيتون السعودي الذي جاء متأخرا بعض الشيء، قد يعني أن الحرب بالنيبة بين البلدين في سورية والعراق واليمن ولبنان قد تزداد اشتعالا في الأسابيع القليلة القادمة.
أتمنى أن تدعو القيادة السعودية حميد كرزاي الرئيس الأفغاني إلى الحج والاستماع منه عن الخذلان والإذلال الذي عاناه ويعانيه من أصدقائه الأمريكيين لعلها تستخلص بعض الدروس المفيدة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.