خلّفت مبادرة (جمعة الغضب) التي قام بها الشعب الجزائري أوّل أمس كردّ على العمل اللاّ مسؤول وتمزيق الرّاية الجزائرية بالدار البيضاء بالمغرب ردود فعل قوية وسط المغاربة، سواء كانوا المقيمين في بلادهم أو الجزائر أو في البلدان الأوروبية، حيث أبدى كثير منهم مساندتهم للشعب الجزائري وأعلنوا اعتذارهم، في الوقت الذي من المفترض فيه أن يأتي الاعتذار الرّسمي من (ملكهم) محمد السادس. بقدر ما باعدت الأزمة الدبلوماسية بين مسؤولي الجزائر والمغرب على خلفية الحماقات المخزنية الأخيرة لاحت في الأفق بوادر مودّة من قِبل بعض فعاليات الشعب المغربي من خلال التقدّم بالاعتذار للشعب الجزائري بشتى الطرق والكيفيات، لا لشيء سوى للتبرّؤ والتنصّل من الدناءة التي بدرت عن نظام المخزن في حقّ الجزائريين وصمته عن العمل المشين المتمثّل في تدنيس راية الشهداء في ذكرى اندلاع الثورة الجزائرية المجيدة، وما زاد الطين بلّة الاتّهامات الباطلة التي أطلقها السادس نحو الجزائر عوض الاعتذار عن ما بدر من (بلطجية المخزن) الذين انتهكوا القنصلية الجزائرية بالدار البيضاء وأنزلوا العلم من فوقها تحت أعين الأمن المغربي. مغربي مقيم بإسبانيا يعتذر للجزائر عن طريق "أخبار اليوم" (هكذا ردّ الجزائريون على السادس).. كان العنوان الذي اختارته (أخبار اليوم) لموضوع (جمعة الغضب الجزائرية) في عددها الصادر أمس، ويبدو أن الموضوع قد أثار اهتمام بعض المغاربة الذين اتّصل بنا أحدهم من القاطنين في إسبانيا معتذرا (بالنيابة عن الشعب المغربي) ومؤكّدا أن الجزائر والمغرب شقيقان رغم كلّ ما بدر من نظام المخزن)، واعتبر أن ما حصل أحزنه فعلا لأنه يحبّ الجزائر وحبّها متأصّل في أعماقه منذ صغره. وأضاف المتحدّث أن تدنيس راية شعب مسلم ليست من شيم المغاربة، مشيرا إلى أنه يتقاسم غربته في إسبانيا مع جزائريين ومنوّها بالمبادرة التي قام بها الشعب الجزائري برفع الرّاية كردّ على السادس. مغاربة يرفعون راية الجزائر! ما لفت انتباهنا أيضا منذ الحادثة المشينة التي مسّت الجزائر في الصميم إثر تدنيس العلم الجزائري في بلد شقيق هو (تعاطف) الجالية المغربية المقيمة في الجزائر، حيث لم يتردّد بعض المغاربة المقيمين في بلادنا في رفع الرّاية الجزائرية على شرفات منازلهم بدلا من رفع راية وطنهم. وعند سؤال عائلة مغربية مقيمة ببرج الكيفان شرق العاصمة، عن سبب رفع راية الجزائر قال ربّ المنزل المغربي إن الجزائر بلده الثاني ولم يشهد منذ قدومه إليها أيّ شيء يضرّه على الإطلاق، بل اعتبر أن الشعب الجزائري شعبه وفخره، على حد قوله، وعن العمل اللاّ إنساني الذي أدّى إلى تأزّم العلاقة بين الجزائر والمغرب قال إنه (ليس لنا علاقة بنظام المملكة المغربية وما تفعله، بل نحن أشقّاء الجزائريين فحسب ونعتذر منهم جهارا وعلنا لعلّ الجزائريين يفهمون أن كلّ هذا الأمر من أجل خلق فجوة بين البلدين فحسب). الجزائر تعرف عدوها.. ولا تنسى أبان الشعب الجزائري من جديد حنكته وحكمته في التصدّي لمثل هذه الاعتداءات التي تمسّ بالجزائر وبشعبها وكيفية التعامل مع مثل هذه الاستفزازات التي تهزّ كيانه واستقراره، ومثل ما هو معروف عند العام والخاص وعند القريب والبعيد أن شعب الجزائر ورث الدم الثوري وحبّ الوطن والدفاع عن بلده بالنفس والنفيس من أجداده وآباءه، (نحن شعب نتريّث لكننا لا نسامح من يطعن في بلدنا وديننا). وعقب الاعتداء السافر من قِبل (بلطجية المغرب) على رمز من رموز الجزائر ألا وهو الرّاية الوطنية التي دنّست اتّضح أن عدو الجزائر هو نظام (المخزن) ومسؤولي وجنرالات المغرب الذين التزموا الصمت حيال ما حدث، بل واسترسلوا في اتّهام الجزائر بما يحلو لهم، لذا شعب الجزائر يردّد (كفى.. توقّفوا... لا تسترسلوا في ما لا دخل لكم لأن الجزائر أرقى منكم، لقد كنتم أشقّاء فصرتم أعداء... لكن الجزائر دائما بالمرصاد لمن يريد لها الأذى). ومع ذلك مازال الجزائريون يصرّون على أن المغاربة كشعب يبقون إخوانا لهم، ومشكلتهم الأولى هي مع نظام المخزن الذي يقمع الصحراويين ويتطاول على الجزائريين.