الإقبال على الوساطة القضائية لم يتجاوز 2.18 بالمائة أعلن وزير العدل وحافظ الأختام الطيّب لوح أمس الأوّل عن جملة من الإجراءات التي سيتمّ اتّخاذها في إطار إصلاح جهاز العدالة، والتي تعمل مصالحه حاليا على مناقشتها وصياغتها في شكل قوانين وتدابير أبرزها قانون خاص بحماية الشهود وآخر متعلّق بالإجراءات الجزائية في وضعية الحبس الاحتياطي بالجزائر، إلى جانب تعديل بعض المواد في القانون التجاري وانطلاق عملية رقمنة الحالة المدنية بالمجالس القضائية، وهي إصلاحات يمكن وصفها بالثورية في انتظار أن تتحوّل إلى واقع يخفّف معاناة ملايين الجزائريين. كشف الطيّب لوح على هامش الجلسة المخصّصة للردّ على أسئلة النواب المجلس الشعبي الوطني عن جملة من التعديلات التي ستشهدها القوانين في شقّيها المدني والجزائي وهذا في إطار مشروع إصلاح جهاز العدالة الذي انطلق سنة 2004 وسيتمّ الافراج عنها قريبا. حيث ستمسّ هذه التعديلات إجراءات الحبس الاحتياطي بالدرجة الأولى، حيث تسعى مصالحه لسنّ قوانين تخفّف من اللّجوء إلى الحبس الاحتياطي من خلال تدعيم قرينة البراءة، موضّحا أن الأمر سيعود مستقبلا إلى قاضي الحكم عندما يكتمل التحقيق وتعرض القضية على المحكمة، فللقاضي الحرّية التامّة بما أنه يملك كلّ معطيات الحكم التي تخوّله لأن يصدر القرار الذي يراه وفقا للقانون. في سياق إصلاح القوانين الجزائية أكّد لوح أن مصالحه تعمل حاليا على سنّ قانون يسمح بإدماج الشهود وحمايتهم من المضايقات، خاصّة وأن القانون الحالي لا يحتوي على ضمانات وتحفيزات للشاهد في القضايا الجزائية، مشدّدا على ضرورة تقديم ضمانات للشهود من أجل إظهار الحقّ والإدلاء بشهادتهم بعيدا عن أيّ ضغوطات أو مخاوف باعتبارهم عاملا مُهمّا في سير التحقيقات والقضايا، معلنا في الوقت ذاته عن تعديل آخر يتعلّق بتحريك الدعوة العمومية من طرف النيابة المديرية للضبطية القضائية والتعامل مع الضبطية القضائية لتقييم مدى أثر وانعكاس الرّدع العام والرّدع الخاص على ظاهرة الانحراف وظاهرة الإجرام وتقييم مدى فعالية العقوبات في ردع أشكال الجريمة. وتهدف هذه التعديلات إلى محاربة كافّة أشكال الجريمة المنظمة للحدّ من مظاهر الانحراف ومحاربة الإجرام، إلى جانب إعادة النّظر في السياسة الجزائية لتكون أكثر فعالية في محاربة الجريمة بكلّ أشكالها مع تقييم أداء النواب والعقوبات المسلّطة في ردع المجرمين. في سياق آخر، أكّد وزير العدل أن هناك تعديلات هامّة يتمّ التحضير لها ستمسّ القانون التجاري بما يتماشى مع التطوّر الاقتصادي، حيث يحتاج القانون إلى مراجعة في الترسانة القانونية المنظمة للحركة التجارية وآليات جديدة في التشريع، سيّما ما تعلّق بقوانين التصدير والاستيراد. وفي الشقّ المدني أوضح الوزير أن هناك تعديلات ستمسّ رقمنة الحالة المدنية من أجل الإسراع في وثيرة الفصل في الأخطاء المادية، موضّحا أنه تمه تسجيل أزيد من مليون ومائتي ألف طلب متعلّق بتصحيح الأخطاء المادية، لذلك ستعمل الوزارة على تفعيل عملية رقمنة مصلحة الحالة المدنية على مستوى المحاكم والمجالس القضائية في إطار إصلاح الخدمة العمومية التي تعدّ من أولويات الحكومة، وأن الهدف من هذه التعديلات هو التخفيف على الواطن وحصوله على وثائقه المصحّحة في وقت قصير، كما سيتمّ اعتماد مستقبلا في استخراج شهادة الجنسية على شهادة الميلاد الأصلية للطالب وشهادة ميلاد والده وجدّه في مرّة واحدة فقط ولن يكون مطالبا بتشكيل الملف في المرّات الأخرى. نسبة قَبول المتقاضين للوساطة القضائية لم تتعدّ 2.18 بالمائة خلال ردّ الوزير على السؤال الشفوي الذي تقدّم به النّائب حسين عريبي حول نص المادة 8 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية الخاص بتعميم استخدام اللّغة العربية على مستوى الإدارات والوثائق والسؤال المتعلّق بالوساطة القضائية أكّد أن إقبال المتقاضين على الوساطة القضائية في حلّ النّزاعات لم يرق إلى المستوى المطلوب، حيث لايزال هذا الإجراء ضعيفا من حيث الإقبال عليه لطبيعته الاختيارية فلم تتجاوز نسبة قَبول الوساطة القضائية في الجزائر 2.18 بالمائة من مجمل القضايا المعالجة، وهي نسبة ضئيلة، لذلك يمكن القول إن العائق أمام انتشار اللّجوء إلى الوساطة القضائية هو عزوف المتقاضين عنها، وفيما يخص تعميم اللّغة العربية على مستوى الإدارات والوثائق أكّد أنه انطلق التعامل بها منذ سنوات، وأضاف في ردّه للنّائبة سعاد بوشنافة أنه حاليا لا يمكن تحديد أيّ نظرة مستقبيلة حول الوساطة القضائية، حيث ما تزال هذه التجربة في مرحلة التقييم، لكنه كشف عن مقترحات كانت قد تقدّمت بها لجنة إصلاح العدالة التي كان الوزير أحد أعضائها تتعلّق بإنشاء محاكم جوارية تتكفّل بالفصل في القضايا البسيطة المخالفات والفصل في الوساطة القضائية، حيث تكون أحكام القاضي في فترة محدّدة وقصيرة في شكل صلح، وسيكون قرار هذه المحاكم مبنيا على معطيات سليمة.