في مقابلة مع التليفزيون المصري مساء الأحد، قدم البابا شنودة الثالث بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية في مصر اعتذارا للمسلمين عن التصريحات التي أدلى بها مؤخرا الأنبا بيشوي وشكك خلالها في صحة آيات قرآنية. وأضاف أنه لم يكن يعلم بمضمون المحاضرة التي ألقاها الأنبا بيشوي في مؤتمر تثبيت العقيدة بالفيوم والتي أثارت عاصفة واسعة من الغضب بين المسلمين، قائلا:"لو كنت أعلم بما سيذكره الأنبا بيشوي لرفضته". وتابع أنه يتفق مع ما صدر عن الأزهر في 25 سبتمبر من أن الحوار حول المسائل العقائدية خط أحمر لا ينبغى التطرق إليه، معربا عن أسفه لما أثير مؤخرا بشأن تصريحات نسبت للأنبا بيشوى سكرتير المجمع المقدس وجرحت مشاعر المسلمين خاصة أن المحبة بين الأقباط والمسلمين لا تسمح بالانقسام وبالأخص في النواحي الدينية. وشدد على أن التصريحات التي أدلى بها الأنبا بيشوي حول أن "المسلمين ضيوف على المسيحيين؟" ربما كتبت بغير فهمها أو بغير قصدها، قائلا:"الأرض ملك الله وكلنا ضيوف عليه ولا نستطيع أن نقول أن المسلمين ضيوف للأقباط، إنني مستعد أن أقول إننا نحن المسيحيين ضيوف على أخوتنا المسلمين فهم الأغلبية". وتابع قائلا: "إن العبارات التي تؤخذ بحساسية وبفهم متعب تثير الأجواء.. وهل العبارة قيلت أم لا، وفي أي مجال قيلت، وما المقصود.. إلى آخره.. اعتبارا في نفس الوقت أن الانبا بيشوى ذكي والمفروض أن يراعى رد الفعل عن أي كلمة يقولها". وحول محاضرة الانبا بيشوي في مؤتمر تثبيت العقيدة والتي ثار فيها جدل وحوار حول مسألة آيات من القرآن ومدى دقتها، قال البابا شنودة:"الذي أفهمه من جهة الانبا بيشوى أن الآية التي ذكرت كانت آية ليس من الأصول أن نتدخل في مفهومها، وأنا أقول دائما أن الحوار الديني بيننا يجب أن يكون في النقاط المشتركة بيننا وبين أخوتنا، ويكون الحوار مجرد تعاون من أجل خير البلد ونشر الفضيلة، ومن أجل قضايا وطنية، ولكن ليس من الأصول أن تدخل الخلافات الدينية في هذا الحوار". وأضاف "أن كل شخص له إيمانه الذي يعتز به ولا يصح إطلاقا أن نجرح إنسانا في أموره الإيمانية، وهذا الأمر لا نتعرض له إطلاقا لأن نفسية كل إنسان نتحدث له هي أمانة في أعناقنا وواجب روحي لدينا بأن لا نجرح أي إنسان، ولا أعرف كيف حصل سرد لمثل هذه الإحداث، وربما كان المقصود أن يعرضوا آيات لكي يصلوا إلى حل في الخلاف الذي فيها، لكن عموما ليس من الأصول أن تعرض هذه الآيات". واستطرد "أنا أسف جدا أن يحدث جرح لشعور أخواننا المسلمين، ومستعدون لترضيتهم بأي طريقة، لكن كون أن نشعر أنهم مستاءون من شيء فهذا أمر يؤسفنا، لأننا باستمرار علاقاتنا مع المسلمين علاقة طيبة، وعلاقاتنا مع القادة المسلمين علاقة طيبة وصلت إلى الصداقة والأخوة، وعندما توفي فضيلة الشيخ محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق، الناس جاءوا ليقدموا لي واجب العزاء فيه، وليس أنا الذي ذهبت لأعزيهم". وردا على سؤال حول عدم صدور رد فعل مباشر وحاسم حول هذه القضية بشكل بيان أو تصريح من جانبه، قال البابا شنودة:"إننا لم نعلم أن الأمور سوف تتطور بهذا الوضع الخطير، ولم نتوقع أن يحدث مثل هذا الأمر". وأضاف قائلا:"إن كل إنسان إيمانه عزيز عليه، ولا يصح جرحه في إيمانه، ولا نقبل بذلك إطلاقا، ولو أعلم أن ذلك المؤتمر سوف يسبب جرح أي إنسان في إيمانه كنت أصدرت أمرا بوقف ذلك المؤتمر فورا". قضية كاميليا وحول الأجواء التي أدت إلى حالة الاحتقان والتحفز المتبادل بين المسلمين والمسيحيين، أكد البابا شنودة أن الأزمة بدأت من مشكلة السيدة كاميليا التي "اعتبر البعض أنها أسلمت بينما هي لم تسلم على الإطلاق وصدر شريط فيديو أكدت فيه أنها مسيحية ونفت إسلامها؟". واستنكر البابا شنودة أن تؤدى مشكلة كهذه إلى إيجاد خلاف على مستوى البلد كما استنكر الضجيج الذي أثير من أجل "موضوع شخصي خاص بهذه السيدة وزوجها؟". وحول رأيه في تحول شخص من مسيحي إلى مسلم أو مسلم إلى مسيحي وهل ينقص هذا من هذا الدين أو ذاك، قال شنودة الثالث: "إن هذا الأمر لا ينقص ولا يزيد إلا أن حماس أي إنسان لدينه يجعله ينصح هذا الشخص لتثبيته على دينه" غير إنه قال "إن مسألة السيدة كاميليا تحولت إلى هياج شديد استخدمت فيه الشتائم". وبالنسبة للمظاهرات التي سارت وتحدث البعض خلالها عن حادث اختطاف بينما تحدث الطرف الآخر عن إجبار شخص على الدخول في دين آخر، قال البابا شنودة إن مظاهرات سارت في القاهرة والإسكندرية وكانت "تؤذي شعور كل مسيحي ولم تقابل بمظاهرات من جانب المسيحيين؟". وأشار إلى أنه حدث تجمع في الكاتدرائية يطالب بإعادة السيدة كاميليا ولم يحدث فيه أي شتائم أو أعمال عنف. وردا على سؤال عما إذا كان الخطأ الذي حدث بالنسبة لموضوع السيدة كاميليا يدعو إلى اتخاذ الإجراءات القانونية العادية مع أي رجل دين أخطأ سواء كان مسلما أو مسيحيا، أشار البابا شنودة إلى أن بعض الكهنة وقعوا في أخطاء شديدة وقامت الكنيسة بمحاكمتهم كنسياً ومعاقبتهم وفقاً لقوانين الكنيسة إلا أنه لا يعلن عن ذلك حتى لا يجرى فضحهم. وعما إذا كان يعتقد بضرورة تطبيق قوانين الدولة على أي رجل دين يخطئ سواء كان مسيحيا أو مسلما، قال البابا شنودة :"إذا وقعت جريمة ضد الدولة فينبغي أن تحاكمه الدولة أما إذا كان خطأ داخل البيت فلا حاجة لأن يصل الأمر للدولة". وحول تعريض الوحدة الوطنية لمخاطر نتيجة معلومات خاطئة وهل يحاكم هذا الشخص داخل البيت أم تحاكمه الدولة، قال البابا شنودة: "في هذه الحالة يحاكم الكل كل المتظاهرين وكل المحرضين وكل الذين أثاروا الجو، وفى هذه الحالة سيدخل آلاف في المحاكمة وهذه ليست مسألة سهلة".