مباشرة بعد نهاية مباراة الذهاب لحساب دوري أبطال إفريقيا التي جمعت في العاصمة المصرية بين النّادي الأهلي المحلّي ونظيره الترجّي التونسي، كان التسجيل المصوّر الذي يُظهر مجموعة من المشجّعين التوانسة وهم يعتدون بالضرب المبرح على مسعف مصري يغزو القنوات الفضائية ومختلف مواقع الأنترنت، وأصبح التونسيون في موقف حرج للغاية لم يُنقذهم منه سوى اعتذارهم الرّسمي· حيث اعتذر السفير التونسي بمصر واعتذر الاتحاد التونسي لكرة القدم واعتذر نادي الترجّي الرياضي التونسي واعتذرت وسائل الإعلام التونسية، وحتى الفنّانات التونسيات، خصوصا المقيمات في مصر، اعتذرن عن السلوك الهمجي لمجموعة من الشباب التونسيين المتعصّبين الذين يستنكر أيّ عاقل ما قاموا به بغض النّظر عن مبرّراتهم· لكن الجميع حينها لم يكنوا قد شاهدوا سوى نصف الصورة، فالصورة الكاملة تشير إلى أنه قبل أن يعتدي هؤلاء المشجّعون التونسيون على رجل الإسعاف كان رجال أمن مصريون قد اعتدوا بالضرب المبرح على بعض التونسيين في المدرّجات، لكن المخرج المصري طبّق النّهج الفرعوني الذي ورد ذكره في القرآن الكريم ضمن آية قال اللّه تعالى فيها على لسان فرعون اللّعين: مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ· فالمخرج الموقّر خدع مئات الملايين من المشاهدين حين لم ينقل لهم الصورة كاملة واكتفى بإدانة التونسيين من خلال صور اعتداء بعضهم على عامل إسعاف مسكين وغضّ الطرف عن صور الاعتداء الذي تعرّض له التونسيون، وهي صور تناقلتها فيما بعد وسائل إعلام تونسية كشفت أن اعتداء التونسيين على المسعف المصري وهو أمر غير مقبول مهما كانت المبرّرات جاء في سياق ردّ فعل على اضطهاد حقيقي تعرّضوا له على أيدي رجال أمن مصريين· وبغض النّظر عن إقحام الجزائر من طرف بعض أشباه الإعلاميين المصريين، بطريقة أو أخرى، في الفتنة المصرية التونسية، فإن المطلوب اليوم وضع حدّ للنّهج الفرعوني الذي يريد ألاّ يرى العرب في كلّ مكان إلاّ ما يريد لهم زبانية النّظام المصري رؤيته، وما إقصاء الإعلامي النّزيه لعلاء صادق من الظهور في التلفزيون المصري إلاّ دليل بسيط على ذلك·