أجرى الحوار: الشيخ بن خليفة أكّد مجدي أحمد حسين رئيس حزب الاستقلال ورئيس تحرير جريدة (الشعب) في حوار خاص أجرته معه (أخبار اليوم) صحّة ما تداولته بعض المصادر بشأن استخدام نظام السيسي لأسلحة محرّمة دوليا، بعضها إسرائيلي ضد المتظاهرين المناوئين له، مشيرا إلى أن (الانقلابيين) يواجهون (أنصار الشرعية) بأسلحة وعبوات تحتوي على مواد محرّم استخدامها في الحروب. ولم يتردّد مجدي حسين في اتّهام (أجهزة الانقلاب) بالوقوف وراء الأعمال الإرهابية في مصر. وجدّد صاحب كتاب (فقه التغيير السياسي في الإسلام) التعبير عن يقينه بأن سقوط الانقلاب وعودة الشرعية إلى الحكم في مصر مسألة وقت فقط، مشيرا إلى أن استعداد السيسي لدخول قصر الرئاسة يؤكّد ويثبت حقيقة الانقلاب العسكري، معتبرا تضييق الخناق على قطاع غزّة الفلسطيني المحاصر جزء من التحالف الاستراتيجي بين الانقلابيين وإسرائيل. * شهدت مصر بالتزامن مع احتفالات ذكرى ثورة 25 جانفي حراكا على كلّ الأصعدة وأحداثا مأساوية خلّفت عشرات الضحايا بين قتيل وجريح، هل لديكم أرقاما دقيقة حول عدد ضحايا أحداث الجمعة والسبت المتزامنين مع (الاحتفالات)؟ من يقف وراء المأساة؟ ومن المستفيد في تقديركم؟ ** ضحايا الاحتفال بذكرى 25 جانفي يقدّر عددهم بنحو المائة شهيد وعشرات الجرحى والمعتقلين، المتسبّب طرف واحد معروف ومعلن وهو تحالف الشرطة والجيش والمجرمين (نسمّيهم في مصر البلطجية) وقد كان الضرب بالذخيرة الحيّة صريحا وواضحا، حيث كان هناك أكثر من ألف قنّاص على أسطح العمارات بالزي العسكري. * لا يتوانى نظام السيسي في توجيه الاتّهام لجماعة الإخوان التي يعتبرها إرهابية بالوقوف وراء كثير من التفجيرات والتجاوزات، ما هي قراءتكم لهذا الاتّهام وذلك التصنيف للجماعة؟ وكيف السبيل إلى حقن دماء المصريين؟ ** لم يثبت في أيّ تحقيق للسلطات أيّ دليل على وجود جناح عسكري للإخوان، ولم يقدّم حتى هذه اللّحظة أيّ عضو من الإخوان بتهمة القيام بتفجيرات أو استخدام أسلحة نارية وهذه محض أكاذيب، وهذه الأعمال الإرهابية من صنع أجهزة الانقلاب. * هل مازالت المصالحة بين مختلف أطياف الشعب المصري وفعالياته السياسية ممكنة في ظلّ ما يحدث؟ ** من الصعب الوصول إلى مصالحة لأن الانقلابيين يصرّون على الاعتراف بسلطتهم العسكرية وكلّ ما اتّخذوه من إجراءات. * قلتم في حوار أجريناه معكم في أوت 2013 إن (عودة مرسي إلى الحكم مسألة وقت فقط)، هل مازلتم تؤمنون بذلك؟ ** نعم، بمعنى سقوط الانقلاب، فسقوط الانقلاب مسألة وقت وعودة الرئيس مرسى تعني العودة إلى الشرعية والمسار الديموقراطي وليس بمعنى عودة المسار كما كان بالضبط، فهناك مياه كثيرة جرت من تحت الجسر، ويمكن في ظلّ الرئيس مرسي إجراء انتخابات رئاسية مبكّرة أو تشكيل قيادة ثورية موحّدة، المهمّ هو إسقاط فكرة الانقلابات العسكرية. * أفادت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية بأن مئات الجنود الأمريكيين يستعدّون للانتشار في مصر لمدّة 9 أشهر في عملية لحفظ السلام والحدّ من أعمال الشغب والمظاهرات، هل نحن بصدد (عراق جديد)؟ ** لا.. مصر ستظلّ غير العراق فالظروف مختلفة، ولا يجرؤ الأمريكان على إظهار قوات لهم في المدن خارج سيناء لأن هذا سيوحّد الشعب المصري على هدف مقدّس. العناصر الأمريكية المسلّحة تقوم بدور القنّاصة عن بعد وتقديم المشورة والخبرة التكنولوجية (استخدام أسلحة قنّاصة موجّهة بالليزر على سبيل المثال). * وجّه الشيخ سعود الشريم -إمام الحرم المكّي- رسالة إلى جنود مصر ناصحا إيّاهم بعدم تلويث أسلحتهم بدماء المصريين الشرفاء، إلى أيّ مدى يمكن أن تصنع دعوات من هذا النّوع الفارق؟ ** طبعا، هذه الدعوات مؤثّرة، لكن الإعلام المصري الرّسمي والخاص يضغط على عقول النّاس والجنود ويستخدم رجال دين مرتزقة. المعركة حول العقول ليست سهلة، لكننا نخوضها بأسلحتنا البسيطة (الأنترنت والبيانات وقليل جدّا من الفضائيات). * قالت بعض المصادر إن نظام السيسي يستخدم أسلحة محرّمة دوليا بعضها إسرائيلي للفتك بالمتظاهرين المناوئين له، ما مدى دقّة هذه المعلومات؟ وهل لديكم معلومات تؤكّد أو تنفي ذلك؟ ** هذا مؤكّد، فلقد حصل المتظاهرون على القذائف الفارغة مكتوب عليها بالعبرية، وأيضا قرّر الأطبّاء أن الغازات المستخدمة فيها وفي العبوات الأمريكية تنطوي على مواد محرّم استخدامها في الحروب. * يبدو الكيان الصهيوني من خلال ما يكتبه خبراؤه سعيدا ومنتشيا بما يجري في مصر ويبدو قطاع غزّة المحاصر من أكبر الخاسرين، هل هذه الخدمة المقدّمة للصهاينة مخطّط لها أم هي مجرّد نتاج واقع غارق في الفوضى والعبث؟ ** هذا أكبر دليل على خيانة المجلس الأعلى للقوات المسلّحة الذي قام بهذا الانقلاب وتعاونه الكامل مع الصهاينة. هذه ليست نتاج الفوضى، بل نتاج علاقات مؤسسية مستقرّة منذ كامب ديفيد، لكن قيادة المؤسسة العسكرية تغوص في الوحل مع الأيّام أكثر فأكثر. وحصار غزّة جزء من هذا التحالف الاستراتيجي بين الانقلاب وإسرائيل، وافتعال المشكلات مع (حماس) بصناعة الأكاذيب عن دورها في الإرهاب داخل مصر جزء لا يتجزّأ من خطّة مشتركة مع أجهزة الأمن الإسرائيلية. * يرى البعض أن أسلوب المواجهة الذي تعتمده جماعة الإخوان ومعها (القوى المعارضة للانقلاب) حاليا غير مجد ومن الأفضل تنظيم الصفوف والاستعداد بشكل أفضل لمواجهة سياسية أكثر حسما، ما رأيكم؟ ** نحن نتّبع أساليب وخطط العصيان المدني والتصاعد بالثورة الشعبية لحصار النّظام غير الشرعي، والأمور تسير وفق هذه التقديرات، وقطاعات جديدة من الشعب تنخرط في الثورة كلّ يوم خاصّة بعد الإحباط من أداء العسكريين في الحكم في شتى المجالات. * بعد (نجاحه) في تمرير وتكريس الدستور تبدو الطريق (سالكة) أمام الفريق عبد الفتّاح السيسي نحو قصر الرئاسة، ما هي رؤيتكم للمستقبل السياسي لمصر؟ ** كلّ هذه أمور غير مجدية، فالدستور قاطعه الشعب حقيقة بنسبة لا تقلّ عن 90 بالمائة ودخول السيسي القصر الجمهوري لا يغيّر من حقيقة المشهد، بل يؤكّد أننا أمام انقلاب عسكري، وأن ما يجرى في مصر لا تحكمه أيّ قواعد قانونية أو دستورية، بل يحكمه منطق القوة والدبابة. وهذه النظم لا تعمّر طويلا، خاصّة في زمن الفضائيات والأنترنت، وفي زمن لم يعد الاتحاد الإفريقي يعترف فيه بالانقلابات العسكرية. * تواجه صحيفتكم (الشعب) مضايقات بالجملة وصلت إلى حد منع توزيعها، كيف تتعاملون مع هذا الوضع؟ ما هو مستقبل (الشعب)؟ ثمّ ألا تخشون أن تمتدّ المضايقات إليكم وإلى طاقم الصحيفة والحزب بشكل مباشر؟ وما هي رسالتكم للمصريين وللرّأي العام العالمي؟ ** هذا طبيعي، بل لقد استغرب النّاس كيف تركونا كلّ هذه المدّة؟! وقف طباعة وتوزيع الشعب أكّد للنّاس أن الدستور المزعوم الجديد لا قيمة له، فهو ينصّ على أن مصادرة الصحف لا تجوز إلاّ بحكم قضائي، ونحن لم يصدر ضدنا أيّ حكم قضائي بالوقف، وهذا بإمكانهم، لكنهم استعجلوا بمناسبة خوفهم من التصاعد الجماهيري في ذكرى الثورة. ونحن لدينا عشرات المعتقلين بتهمة المشاركة في المظاهرات، ونحن نتوقّع تصعيد الانقلاب للهجوم على حزب الاستقلال، لكن هذه ضريبة الانحياز للحقّ، والكلّ يعرف أننا لسنا من الإخوان ونختلف معهم ولم يعيّنوا لنا لا وزيرا ولا رئيس حي في سلطتهم التنفيذية. رسالتنا للرّأي العام المصري والعالمي أن يدرك خطورة ما يجري في مصر، وأن العصف بالحرّيات وحقوق الإنسان لا يبنى حضارة، وأن أمريكا وإسرائيل لا يؤمنان بالديموقراطية كما يزعمان، بل لا يؤمنان إلاّ بمصالحهما وضرورة تحقيقها ولو على أجساد وجماجم الشعوب. * كيف نجح السيسي في جعل قطاع واسع هو الغالب من الإعلام المصري على لسان رجل واحد شعاره (أمرك يا سيسي)؟ ** أكاذيب إعلام الانقلاب لا تمثّل حقيقة الواقع، في 30 جوان كان هناك بالفعل قطاع عريض يؤيّد انقلاب السيسي بسبب أخطاء الإخوان وقدرة الإعلام المعادي لهم على تجسيد هذه الأخطاء وإضافة أكاذيب عليها، ثمّ عرقلة أجهزة الدولة لأيّ إنجاز لمرسي، لكن هذا القطاع المخدوع تقلّص الآن وظهر في نسبة مقاطعة الاستفتاء. لاحظ أن السلطات اعترفت بأن نسبة الحضور بين المصريين في الخارج كانت 15 بالمائة، وهذه هي النسبة الأقرب إلى الواقع في الداخل، بل كانت لا تزيد عن 10 بالمائة. الإعلام عندما يكون مخادعا وكاذبا يكون هو العدو الأوّل للشعوب، لكن الحقيقة ستنتصر في النهاية وإن كتبت على الجدران في الشوارع، هل تصدّق إذا قلت لك إن عبارات (سيسي خائن) مكتوبة على جدران قريبة جدّا من وزارة الداخلية وعلى جدران الثكنات العسكرية، وكلّما مسحوها كتبت من جديد حتى ملّوا وتركوا بعضها؟ * كلمتكم الأخيرة... ** أعترف بأن تقديراتنا للجيش المصري كانت مخيّبة للآمال، وأن كامب ديفيد خرّبت هذه المؤسسة الوطنية العظيمة حتى النّخاع، وأن ما يفعله الجيش المصري في شعب مصر وأطفال ونساء مصر يفوق أيّ خيال كان يمكن أن يرد على الذهن، وهذا هو سبب استطالة الصراع، لكنه في ذات الوقت هو سبب الإصرار على الاستمرار في النضال لإسقاط حكم العسكر وإلاّ فإن الحياة ستصبح شديدة السواد. لقد تلبّست الشعب المصري حالة مستمرّة منذ 25 جانفي 2011 وهي استرخاص الموت في سبيل الحياة، وشعب وصل إلى هذه المرحلة لا يمكن قهره. ************** مجدي أحمد حسين في سطور سياسي وكاتب صحفي مصري ورئيس التحرير السابق لصحيفة (الشعب) المصرية والناطق بلسان حزب العمل المصري، يشغل حاليا منصب رئيس حزب العمل المصري، ولد في 23 جويلية 1951، والده هو السياسي المصري أحمد حسين مؤسّس حزب مصر الفتاة وعمّه هو عادل حسين رئيس التحرير السايق لصحيفة (الشعب) والأمين العام السابق لحزب العمل. تخرّج مجدي حسين من كلّية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1972، تعرّض لكثير من التحقيقات والمحاكمات بسبب قضايا مكافحة الفساد بين عامى 1993-1998 بسبب مشاركته في إغاثة المنكوبين بالزلزال، تعرّض للسجن عام 1998 بسبب حملة صحفية علي انحرافات وزير الداخلية السابق، تعرّض للسجن في عامى 1999-2000 بسبب حملة الجريدة علي يوسف ونائب رئيس الوزراء بسبب مناهضته للتطبيع الزراعي مع العدو الصهيوني، عضو مجلس نقابة الصحفيين 1999 ومقرّر لجنة الحرّيات بها، خاض معركة انتخابية شرسة من وراء أسوار السجن في انتخابات 2000 وحقّق نجاحا حقيقيا وتمّ تزوير الانتخابات، مثّل حزب العمل في العديد من المؤتمرات الدولية والعربية والإسلامية وله العديد من الكتابات السياسية والفكرية التي ساهمت في ترسيخ الخطّ الفكري والعقائدي للحزب. من مؤلّفاته: فقه التغيير السياسي في الإسلام الإسلام والحكم أمريكا طاغوت العصر الإسلام والعروبة ومشروعنا الحضاري سنن التغيير في السيرة النبوية أحكام القرآن في موالاة الكفّار والمشركين كيف تدخل الجنّة؟ الجهاد صناعة الأمّة (أربعة أجزاء) يوميات خلف الأسوار هموم الأمّة مع نهاية القرن وانتصرت المقاومة مصر والسودان التمرّد - الحصار - الإنقاذ العصيان المدني.. رؤية إسلامية الخيانة الملف الأسود للزراعة في مصر مصر الفتاة كفاح متواصل من أجل العروبة والإسلام أزمة الخليج بين أحكام القرآن وفتاوى السلطان