كثيرا ما يختلف التلميذ وأستاذه على أمر ما، عادة ما لا يكون متعلقا بالدراسة، وقد يخلق ذلك الاختلاف مشكلا حقيقيا خاصة أن تطلبت الحالة تدخل ولي الأمر، والذي، وعوض أن يصلح الأمر، فانه يزيده تعقيدا. يأتي الأب او الأم إلى المدرسة للتحدث مع الأستاذ بعد وقوع مشكل بين هذا الأخير والتلميذ، وذلك للوصول إلى ما يجعل الأمور تعود إلى مجاريها، لكن قد يغضب الأب او قد يغضب الأستاذ، وعوض أن يتوصلا إلى حل ما، يتشاجران، وهو الأمر الذي يشكل خطرا على التلميذ وعلى مستقبله، بل ونظرته إلى ذلك الأستاذ، فإما انه يحقد عليه، وبالتالي لا يحترمه، وإما انه سيشفق عليه وهو أدهى وأمرّ. المشكل في الأولياء الذين لا يقدرون الأستاذ، على الأقل أمام تلامذتهم، ولا يعلمون أن صورة الأستاذ لا بد ألاّ تهتز في نظر تلميذه، حتى لو كان قد اخطأ في حقه، فمن غير المعقول ولا المقبول أهانته او شتمه، وان استدعى الأمر وصار من الواجب أن يشدد احدهما اللهجة أمام الآخر، فليفعل ذلك في مكان منزوي بعيدا عن أعين التلاميذ، وهو الأمر الذي يفعله كثيرون. صارحنا مراد، وهو أب طفل في العاشرة من العمر، قال انه تشاجر مع أستاذه الذي رفض أن يعيد له امتحاناً كان الولد قد تغيب عنه بسبب المرض ففقد مراد أعصابه وتهجم على الأستاذ الذي حاول بدوره الدفاع عن نفسه لكنه لم يقدر، لكن مراد قال لنا: "لقد ندمت على كل ما بدر مني اتجاه الأستاذ، لكنني كنت غاضبا، ولم استطع التحكم في نفسي، فلم أجد أمامي إلاّ التهجم على الأستاذ ففعلت، لكنني فيما بعد حاولت أن اكفر عن ذنبي فذهبت رفقة ابني إلى الأستاذ وطلبت منه الصفح، وذلك حتى ألقن ابني درسا، وهو أن الرجل من يملك نفسه وقت الغضب، وليس ذلك الذي يهين نفسه بالتشاجر أمام مرأى الغير، ولهذا أدعو الجميع أن ينزلوا المعلم منزلة حسنة، وأن يوافقوه على كل شيء، او بالأحرى إلا يتحدوه حتى لو كان مخطئاً، وان يكتفوا بالتحدث معه، وإلا فهناك طرق أخرى غير القوّة لاسترجاع المظالم". وان كان مراد قد اعترف بذنبه وحاول التكفير عنه، فإن غيره لا يفعل ذلك، بل يقيم الدنيا ولا يقعدها، وهو ما قاله لنا سفيان، وهو أستاذ في المتوسط، حكى لنا عن يومياته في المدرسة، حيث لا يكاد يمر أسبوع دون أن تحدث مشكل مع تلميذ، وبالتالي مع والده او أمه او حتى جده او أخيه او فرد آخر من أفراد الأسرة، بل حتى الجيران، يقول: "بعض الأولياء يتفهمون ما يحدث عادة بيني وبين التلاميذ من اختلافات لا تعدو أن تكون توجيهات في صالحهم لا يفهمونها او لا يدركون الغاية من ورائها، ولكن يستعينون بأوليائهم الذين يأتون بغضب ويشددون اللهجة، بل إنّ البعض لا يأتي إلاّ للشجار، خاصة إن استدعيته بنفسي، ويقول انه ترك عمله من أجل الحضور إلى المدرسة، فهو لا يحب أن يضيِّع الوقت، أو يحسب أن الوقت الذي يخصصه لابنه هو وقت ضائع، فيأتي وأول شخص يلقي بغضبه عليه هو أنا، رغم أنني أحاول أن أقول له ما يلزم فعله مع ابنه، ولا تكون نيتي سيئة، بل إن من واجبي كمربي أن أوجه التلميذ، وكذلك والده إلى ما فيه صلاح، ولكن اغلب البشر لا يفهمون ذلك، ويحسبون أنني عدو لا صديق، وحتى التلاميذ الذين وقعت لي مع أوليائهم حوادث قبلا، لا أفضل إهمالهم وأحاول الأخذ بيدهم، حتى لو كان ذلك على حساب راحتي بل كرامتي أحيانا".