ككل سنة تمتلئ المؤسسات التربوية بعدد هائل من التلاميذ الجدد الذين يندمجون لأول مرة في عالم الدراسة، وهو الأمر الذي يخلق لديهم فضولا لمعرفة أسرار هذه القاعدة العلمية التي كثيرا ما سمعوا عنها. تعتبر الدراسة أولى محطة يتوجه إليها الطفل في حياته الخاصة وهو على أحر من الجمر لمعرفة ما تخبئه له هذه المؤسسة العلمية من خبايا و أسرار تغير منعرج حياته بشكل كبير، ولأنها المرحلة التي يكون فيها الطفل أمام واقع واسع يبدأ بذلك في رحلة الاكتشاف والتعرف على الأشياء، الأدوات والكلمات بعدما ساد لديه تفكير تحمل المسؤولية في أداء الواجبات المنزلية والفروض التي تقدمها له المعلمة. الاعتماد على النفس في حل الواجبات ثماره إيجابية كثيرا ما يغلب على الأمهات طابع ملازمة أبنائهم أثناء تأديتهم وظائفهم المنزلية إلى حين الفراغ منها، وهذا لا يعاب عليهم، إلا أن المختصين النفسانيين يرون أنه من الأحسن أن يتعود الطفل على حل دروسه وواجباته لوحده وفقا لخلقه أسلوبا وطريقة في فهمه للدروس، وعلى الأولياء أن يقدموا النصائح والإرشادات لأبنائهم فقط بعيدا عن التدخل في حل تلك الواجبات - حتى لا يتعود أطفالهم على طريقة الاعتماد على الأولياء في حل وظائفهم وبالتالي يتكون لديهم عامل الاتكال على الغير في إنجاز الواجبات - إلا في حال ما إذا صعب عليهم الوضع ولم يفهموا تلك الفروض. ولأن ترك الطفل يعتمد على نفسه في حل وظائفه أمر إيجابي وله فوائد كثيرة يجعله أيضا يساهم في رفع معنويات الطفل ويطور من كفاءاته ومواهبه وقدرته الفكرية والعلمية، لأن الطفل لو تعود في أولى بداياته الدراسية على ملازمة الأم أو الأب أو أحد الإخوة في حل دروسه، تنشأ لديه عادة سيئة، ويصبح متخوفا من الجلوس لوحده والتفكير في حل مسائله وفروضه المنزلية لأنه قد تعود سابقا على أفراد عائلته في حلها، لذلك تبقى المراجعة الفردية الطفل أمر إيجابي تحقق الكثير من الفوائد للتلميذ والمحيط المدرسي بصفة عامة وتحقق الثمار المرجوة.. تسطير برنامج للطفل يحببه في الدراسة حين يبدأ الطفل حياته المدرسية يفرض عليه المعلمون حل بعض الواجبات المنزلية، وعندما تكثر عليه تلك الواجبات يتضايق الطفل ويشعر بأن تلك الواجبات تشكل عبئا ثقيلا عليه مما يؤدي به إلى تجاهلها، وبالرغم من توبيخ المعلم له وتعرضه للعقاب، إلا أنه يظل يتمادى في العناد مما يؤدي إلى نتائج سالبة في مستواه الدراسي. وتقول المختصة النفسانية نعيمة سيروني حينما يكون الطفل في المرحلة الأولى من الدراسة عادة ما يقضي ساعات قليلة في المدرسة، وبالتالي يتاح له وقتا أكثر للعب وإنجاز واجباته المدرسية، وبذلك لن يجد صعوبة في تنفيذها وقضاء وقت معتبر من اللعب لعدم اكتظاظ البرامج التعليمة وهو في الطور الأول، لكن سرعان ما يتقدم هذا الطفل في الدراسة وتتكاتف عليه الدروس التي بطبيعة الحال تزداد تعقيدا وصعوبة وبالتالي تزداد معها ساعات مكوث هذا الأخير في القسم إلى نحو ست ساعات وهو البرنامج الذي يدرس فيه تلاميذ الطور الثاني (الاكمالية) وبالتالي هي فترة طويلة ومتعبة بالنسبة للطفل، وهو الأمر الذي يجعله يشعر بالتعب والإرهاق عند رجوعه إلى البيت، إذ غالبا ما يكون مشتت البال، لاستقبال عقله عددا كبيرا من المعلومات التي أصبحت تداهم ذهنه. وتضيف المختصة النفسانية أنه الأمر الذي يجعل الطفل يحاول الهروب من هذا الجو الذي يخنقه ويدفعه إلى تغييره بجو اللعب مع الأصدقاء أو الجلوس لمشاهدة التلفاز، للالتفات فيما بعد إلى آداء واجباته التي بمجرد تذكرها لا يبدي الطفل استعدادا كبيرا لأدائها، وإن أنجزها يؤديها دون تركيز، وزادت المختصة أنه الأمر الذي يتعين على الأولياء أخذه بعين الاعتبار وذلك عن طريق تخصيص برنامج مسطر يتبعه التلميذ إضافة إلى محاولة الأولياء خلق توازن بين الترفيه ومراجعة الدروس عند تسطير البرنامج، ومن المهم أيضا إشراكه في اتخاذ القرارات. وأشارت المختصة إلى نقطة مهمة يجب على الأولياء أخذها في الحسبان تتمثل في تخصيص مكان مناسب لمراجعة الطفل دروسه، بحيث يكون المكان هادئا، مريحا ومزودا بكل الأدوات الضرورية. ومن الضروري تقديم وحبة الطعام له حتى لا يكون الطفل مشوش التفكير عند إنجازه فروضه. وفي الأخير أضافت المختصة سيروني أنه من الضروري تحفيز الطفل بتقديم الهدايا له في حال ما إذا التزم ببرنامج وبذل مجهودات في الدراسة تقديرا لما بذله، وهو الأمر الذي يعطيه من دون شك الرغبة في عدم التراجع وتحقيق نتائج جيدة.