خلال جولة استطلاعية قادت “آخر الساعة”لأحد الأسواق التي يتم تنظيمها يوم الجمعة , وقفنا ميدانيا على ظاهرة انتشار باعة الأعشاب غير المختصين ,في ظل تجاهل المواطنين لأخطارها لدى إقدامهم على شراء الأعشاب الطبية للتداوي بها لكون الوصفة التي تقدم من طرف باعة الأعشاب الطبية لم تخضع لدراسة و تحليل مخبري و بالتالي لا يدرك المواطن البسيط مدى انعكاساتها و مضاعفتها الصحية . غريب أمر هؤلاء المواطنين و كأن بائعو مثل هذه العقاقير قاموا بدراسة دقيقة لعقلية المواطن وعرفوا نقاط ضعفه و بالتالي استطاعوا استمالته لإقتناء بضاعتهم و بالمبلغ الذي يريدون دون تعب أو عناء , سوى ببعض الكلمات الرنانة المنبعثة من مكبرات الصوت التي وضعوها في شاحناتهم .و نحن نتجول بين أزقة السوق تفاجأنا بجمع غفير من الرجال متجمعين أمام أحد هؤلاء الباعة , اقتربنا حتى يتسنى لنا نقل كواليس ما يحدث هناك , لنجد رجالا و شباب يتدافعون لإقتناء هذه الخلطة المتكونة من بعض الأعشاب على ما يبدو , من خلال ملاحظتنا استفسرنا عن مجال استعمالها , فأفادنا بعض ممن حضر هذه المسرحية بأنها تقوي الغزيرة الجنسية إن صح التعبير و نظرا لكثرة الوافدين و الفوضى العارمة التي يشهدها تعذر علينا أن نجري حوارا مع هذا البائع المحنك , فسذاجة معظم الحاضرين جعلتهم مستعدين لدفع أي ثمن وهم يتدافعون لهفة لشراء “الأوهام” و فيما اشار لي زميلي أن معظم هؤلاء الأذكياء تجدهم ممن يشتكون من غلاء المعيشة و غلاء الأدوية لكنهم في هذا يتدافعون و يتسابقون حول من يكون له الحظ في الحصول على الدواء العجيب الذي يجعلهم أكثر قوة أمام زوجاتهم , غير مبالين بالعواقب أو النتائج التي قد تسببها فيما بعد أو الإستفسار عن مصدرها . عندما يصبح بائع الأعشاب طبيبا و صيدليا دون أية شهادة علمية؟ نجد بأن هذه الظاهرة طفت إلى السطح و لم تعد دخيلة على المواطن القالمي بصفة خاصة أو على المجتمع الجزائري بصفة عامة , أين بات بائع الأعشاب الطبية غير المرخص له قانونيا يلعب دور الطبيب و الصيدلي في الوقت نفسه ليقصده المواطن , خاصة ذلك الذي يرى في مثل تلك الأعشاب بصيص أمل يعيده لحياة أو يشفيه من الأسقام , لكن الخطير في الأمر هو ما تقدم عليه بعض النساء اللاتي يفتقرن إلى الوعي الصحي و يقمن بإعطاء مثل تلك الوصفات لأطفالهن , مما قد يحدث ما لا يحمد عقباه , مسببين لصغارهم بعض الأمراض نتيجة مضاعفات جانبية لهذه الأعشاب كالاختناق أو الفشل الكلوي و أمراض أخرى لا تقل خطورة عن سابقيها , وهو الأمر الذي حذر منه العديد من المختصين في هذا المجال و طالبوا بضرورة رفع الوعي الصحي أكثر في أوساط الأمهات تجنبا لإعطاء تلك الخلطات لإطفالهم و نسمع في وقتنا الحاضر بأن بعض الأمهات اللاتي يعتمدن على اقتناء هذه الأعشاب التي يجهلن مكوناتها تعرضن لحالات إسهال حادة و إصابتهن ببعض الأمراض الأخرى نتيجة مضاعفات جانبية لتلك الخلطات , ليصبن بتسممات تؤثر على الطفل الرضيع الذي ما تزال مناعته ضعيفة ,هي إذن أعشاب و نباتات و غيرها يدعي بائعوها أنها طبية و فعالة , في حين يجهل المواطن مصدرها الحقيقي , فهذا السلوك العشوائي يشكل خطرا حقيقيا خاصة على الأطفال , بل و ربما يكون تناولها مميتا في بعض الأحيان , فهذا هو حالنا في الجزائر عندما يصبح المواطن يؤمن بالمشعوذ و ينظر إليه و كأنه حكيما أو عندما يصير بائع الأعشاب غير المختص يلعب دور الطبيب أو الصيدلي , في الوقت نفسه يصف أدوية اعتباطية و للأسف الشديد يكون لها صدى و إقبالا كبيرين من طرف المواطنين , كما قال أحد المواطنين المثقفين الذي إلتقينا به في هذا السوق “واش نقولك يا خويا الناس مازالت تامن بالغولا”. خلطات لزيادة الوزن و أخرى للتنحيف أصبح اللهث وراء الحصول على الوزن المطلوب “موضة” العصر للنساء و الرجال على حد سواء , ما جعل محلات بيع الأعشاب تعج بالزبائن و الزبونات , أين إنتقلت “آخر الساعة”في عدد من أسواق مدينة “قالمة” بالضبط بالسوق الأسبوعي لمدينة وادي الزناتي إذ وقفت على حقيقة هذا الإقبال على منتوجات تتنوع فعاليتها بين التنحيف و زيادة الوزن و بأسعار مختلفة تصل إلى 3000 دج , ومايزيد إلى إغراء المقبلين و المقبلات عليها هو التأكيد من طرف الباعة بأن منتاجتهم 100بالمئة و أنها لا تحتوي على أية مواد كيميائية أو مضرة بالصحة , ما يجعل المواطن يدفع بالنفس و النفيس في سبيل الحصول على الوزن المثالي , في وقت بات من الضروري الإهتمام بالرشاقة و القوام المثالي , وقد أكدت لنا احدى المواطنات التي وجدناها تقتني منتج للتنحيف أنها من المقبلات على مثل هذه المنتجات رغم جهلها بمصدرها الحقيقي وحتى على المكونات التي تتكون منها , آملة بأن تكون طبيعية مثلما يتغنى أصحابها حتى لا تدفع ثمن الثقة التي وضعت في العديد من محلات بيع الأعشاب التي تقصدها .في حين أكدت أخريات بأنهن وقعن ضحية تلاعبات باعة منحهن خلطات غير صحية جعلتهن يصبن بمضاعفات خطيرة منهن من أصيبت بحالة اكتئاب و منهن من فوجئن بنمو شعر في مناطق غير اعتيادية في أجسامهن , الأمر الذي يخلق العديد من علامات الإستفهام التي تستوجب الوقوف عندها و حول حقيقة هذه المنتوجات التي باتت تعرض في أسواق قالمة من دون رادع. و أخرى كبديل طبيعي لمعالجة السكري وضغط الدم إن الأمر المثير للقلق ,هو أن تبيع محلات بيع الأعشاب منتجات بديلة لأدوية صيدلانية للتخفيف من ضغط الدم و السكري و تصبح محرجا لمختلف المرضى الذين جعلوها تقوم مقام الدواء و تعوضه و هو الأمر الذي وقفنا عنده عند عمي “محمد” مصاب بمرض السكري الذي وجدناه يهم باقتناء منتج لمعالجة مرضه المزمن , إذ أكد لنا بأنه لجأ إلى الأعشاب الطبيعية المعروضة في محلات بيع الأعشاب لعلى و عسى تأتي بنتيجة أحسن من المواد الصيدلانية , في حين أكد لنا أحد الباعة بأن خلطاتهم تساعد بشكل كبير المرضى الذين أبدوا ارتياحهم منها و باتوا يقبلون عليها . منتجات لمعالجة العقم و قد أثارت انتباهنا تلك المواد و المنتجات الموجهة لمعالجة العقم و التي تجد باعتها يؤكدون فعاليتها في زيادة الحيوانات المنوية بالنسبة للرجال و معالجة الخصوبة بالنسبة للنساء وهو الأمر الذي يجعل النساء و الرجال على حد سواء يدفعون الملايين مقابل الحصول على النتيجة المرجوة , رغم جهل العديد منهم للمكونات الأساسية التي تدخل في تركيبها و بين كل هذه المغريات تجد المواطن يلهث وراء منتجات أسعارها ليست بالرمزية, بل باهظة الثمن و ليست في متناول الجميع , إلا أن المعضالات التي يعاني منها الكثير تجعلهم يكلفون أنفسهم عناء الحصول عليها رغم كل شيء , خاصة بالنسبة للأزواج الذين لم يرزقوا بطفل منذ سنوات من زواجهم وهدفهم الوحيد الحصول على طفل دون التفكير في العواقب ,” خاصة بعد خضوعهم لعلاج و أدوية لم تأت بأية نتيجة . أطباء يحذرون من الأخطار الناتجة عن الخلطات المغشوشة من جهتهم , أكد لنا العديد من الأطباء بأن الغش و الاحتيال الذي وصلنا إليه يجعل الخطر المحدق بالمواطن كبير للغاية , محذرين بذلك من المنتجات المقلدة و التي أشاروا بأن الكثير منها غير مرخص و تركيباتها مجهولة الهوية , إذ يكون تأثيرها على الجهاز المناعي كبيرا و لا يظهر في وقته , بل بعد مضي سنوات , محذرين بذلك المواطن من مشاكل صحية هي أخطر بكثير مما يتوقع.