رغم التحذيرات المتوالية، التي يطلقها الأخصائيون، و الأطباء، وغيرهم بخصوص اقتناء وتناول الخلطات العشبية المجهولة التركيب والمصدر، لا سيما تلك المعروضة على أرصفة الشوارع وفي الأسواق الشعبية، وحتى ببعض المحلات المتخصصة في بيع هذه الأغراض، إلا أن الظاهرة لا زالت مستمرة، وتحدث بصفة يومية تقريبا، حيث نجد الكثير من المواطنون يقبلون على اقتناء وشراء أكياس خلطات عشبية، أو ما تعرف محليا ب"التيزانة" وهو يجهلون تماما مكوناتها، غير ما كتب على الغلاف الخارجي للكيس، و المؤسف، أنهم لا يتحرون الصدق و الدقة، و الكفاءة، لدى المروجين لمثل هذه الخلطات، منطلقين من القاعدة الخاطئة التي تقول أن الأعشاب إن لم تنفع فهي لن تضر. ولأجل هذا ينظر كثيرون إلى خلطات من الأدوية العشبية على أنها من الأدوية الآمنة والغير ضارة، رغم أن بعضها يسبب أمراضاً خطيرة، بسبب طبيعة تركيبها، أو بسبب تعاطيها بجرعات وكميات كبيرة، ولا يمكن أن نجد الأعشاب الطبية الآمنة، إلا عند بعض أصحاب المحلات المتحكمين في هذا المجال، والدارسين فعلا لماهية الأعشاب الطبيعية ومركباتها المختلفة، وكيفيات العلاج بها. والأعشاب الآمنة هي الأعشاب التي زرعت وجمعت وجففت ونقيت وعبئت تحت معايير علمية عالمية، لذلك يمكن القول إنه ليس كل الأعشاب الموجودة في السوق هي أعشاب آمنة، بل إن هذه الأعشاب تحتاج إلى معايير خاصة كي تستحق أن يطلق عليها هذا الوصف، ولان الأمر بإمكانه أن يدر على البعض أرباحا مالية معتبرة، فانه من الممكن جدا أن يتم غش الوصفات العشبية، والتي مع الأسف توصف من قبل بعض العطارين ومن معظم المعالجين الشعبيين لا ينطبق عليها أي معيار من هذه المعايير، بالإضافة إلى أنها تباع على هيئة خلطات لا تذكر محتوياتها النباتية ولا المركبات الكيميائية التي يعزى إليها التأثير الدوائي ولا نسب المواد الفعالة، كما لا يذكر عليها أي تحذير مثل استخدامها من قبل النساء الحوامل والمرضعات والأطفال ، كما لا يذكر عليها تاريخ إنتاجها ولا تاريخ صلاحيتها. كما أن مروجي مثل هذه الخلطات يخلطون معها أحيانا حبوب السكري التي يشترونها من الصيدليات مثل منظم السكر جلوكوفاج وجليبنكلاميد أو دياتاب ويبيعونها على أنها أعشاب تخفض السكر، فيما يخلطون حبوب الضغط بعد سحقها مع أعشاب لعلاج الضغط وكذلك الكورتيزون وحبوب الصرع يسحقونها ويخلطونها مع الخلطات العشبية ويبيعونها على أنها أعشاب لعلاج الصرع. حتى خلطات الأعشاب مع العسل وجدنا أنها مغشوشة بمواد كيميائية خطيرة للتسمين والتنحيف. وعليه فإنه كثيرا ما يقوم الأخصائيون والأطباء بالتحذير من مثل هذه الخلطات المجهولة، وعلى الناس الاتجاه إلى الأدوية العشبية المقننة، والتي تباع في الصيدليات وفي محلات الأغذية الصحية فقط، أما الوصفات والخلطات الموجودة في محلات العطارة أو على الشوارع أو التي تباع عبر الهاتف أو الوسطاء، فإنها خلطات قد لا تكون آمنة، ويمكن أن تجلب الضرر أكثر مما تسبب العلاج.