انهارت أسعار البترول إلى مستوى 20 دولار للبرميل بالنسبة لخام برنت وهو ما شكل صدمة كبيرة للمنتجين الذين وجدوا أنفسهم بين مطرقة فيروس كورونا وسندان الصراع السعودي الروسي الذي زاد الطين بلة. عرفت أسعار البترول في السنوات الأخيرة تحسنا نسبيا جعلها في مستوى 50 إلى 60 دولار للبرميل وهو ما سمح للعديد من الشركات الكبرى والدول بالتعافي، غير أنه ومنذ مطلع السنة الجارية حدث انخفاض حاد للأسعار وهو ما سيكون له انعكاس سلبي كبير على المنتجين ما عدى العمالقة الثلاثة في السوق ويتعلق الأمر هنا بكل من السعودية، روسيا، الولاياتالمتحدة)، فالعديد من الدول الناشئة تعتمد ميزانيتها بشكل كبير على الإيرادات المرتبطة بالنفط على غرار ما هو الحال في الجزائر التي وجدت نفسها على غرار باقي الدول المنتجة ضحية لفيروس كورونا من جهة والصراع بين الرياض وموسكو، وإذا لم ترتفع الأسعار بسرعة فسيتعين على الدول المنتجة اتخاذ تدابير تقشفية شديدة، مما قد يؤدي إلى أزمات اجتماعية أو حتى أزمات سياسية، هذا وقد بادر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال اجتماع الحكومة المنعقد قبل أيام إلى اتخاذ جملة من الإجراءات التقشفية على غرار خفض الإنفاق العام بنسبة 30 بالمائة، كما طلب من سوناطراك تخفيض نفقات الاستثمار المبرمجة إلى النصف، هذا بالإضافة إلى تخفيض قيمة الاستيراد إلى 31 مليار دولار بعدما كانت في حدود 40 مليار، بالإضافة إلى تأجيل إطلاق مشاريع مسجلة أو قيد التسجيل التي لم يشرع في إنجازها ما عدا في مناطق الظل وهي الإجراءات التي قد تستمر لفترة طويلة باعتبار أن الأسواق العالمية تتهيأ لأزمة طويلة المدى وذلك حسب ما نقلته وكالات أنباء عن خبراء واقتصاديين الذين وضعوا نظرة متشائمة كبيرة للاقتصاد العالمي على المدى الطويل، من جهته، خفض بنك الاستثمار السويسري «أو بي أس» في مذكرة أمس توقعاته لأسعار النفط والطلب العالمي على الخام بما يتراوح بين خمسة وعشرة ملايين برميل يوميا على أساس سنوي في شهر مارس وذلك مع تسبب فيروس كورونا في تعطل سلاسل الإمداد العالمية وتأجيج تخمة في المعروض أثارها انهيار اتفاق «أوبك»، حيث قال البنك «هوى الطلب بسبب القيود على التنقل خوفا من كوفيد-19 فيما تغمر الإمدادات السوق بعد انهيار اتفاق أوبك+ لخفض الإنتاج. من المرجح، أن يسفر هذا عن زيادة كبيرة في مخزونات النفط»، هذا وقلص البنك توقعاته لخام برنت في نهاية جوان إلى 20 دولارا للبرميل بعدما كانت 30 دولارا للبرميل، كما خفض البنك توقعاته للأسعار في سبتمبر ونهاية ديسمبر القادمين، وقدر البنك أن الطلب على النفط هذا العام سيتراجع بما يتراوح بين 2.5 وثلاثة ملايين برميل يوميا على أساس سنوي في 2020 وأن تصل قدرات التخزين العالمية المتاحة على البر إلى حوالي 900 مليون برميل وبذلك ينضم البنك السويسري إلى بنك «غولدمان ساكس» وبنك «أوف أمريكا» في خفض توقعات أسعار النفط والطلب لعام 2020 وهي المؤشرات التي تؤكد بأن الجزائر مقبلة على أزمة مالية واقتصادية كبيرتين.