توفي صبيحة اليوم الإثنين الفنان القدير حمدي بناني عن عمر يناهز 77 سنة وورى الثرى وسط أجواء مهيبة في مقبرة سيدي عيسى بعنابة بعد صلاة العصر لتفقد الجزائر "أيقونة" أغنية المالوف والموسيقى الأندلسية، إبن مدينة عنابة، "الملاك الأبيض"، المبدع، عاشق الفن والسلام، وقد وقع هذا الخبر كالصاعقة على عشاقه ومتتبعيه وكل الجزائريين خاصة أن فن وموسيقى حمدي بناني دخلوا كل البيوت وهو من بين أقدم الفنانين الجزائريين وسفير أغنية المالوف الجزائري في الخارج، وقد أصيب المرحوم في الأسابيع الأخيرة بفيروس كورونا وقاومه وصرح ابنه كمال بناني في فيديو نشره على حسابه في الفايسبوك أن والده يتعافى تدريجيا لكن شاءت الأقدار أن يغادرنا "صاحب الكمان" صبيحة أمس، وقد بدأ توافد المواطنين على بيت الفقيد منذ صبيحة أمس من أجل تقديم التعازي لعائلته، وهو من مواليد الفاتح من جانفي سنة 1943 بعنابة، وأبدع في أداء أغاني"يا ناس جرت لي غرايب"، "عاشق ممحون"، "بالله يا حمامي جاني ما جاني"، "عينين لحبارة" والعديد من الأغاني الآخرى. وزيرة الثقافة كرمته يوم 25 أوت الماضي تم تكريم الفنان حمدي بناني يوم 25 أوت الماضي في مقر ولاية عنابة من طرف وزيرة الثقافة مليكة بن دودة على هامش زيارتها الرسمية لعنابة قبل أقل من شهر، وكان هذا الظهور العلني الأخير للفنان الذي تعرض لوعكة صحية بعد أيام قليلة، وقد أطرب الحضور بصوته المميز، وأثنت عليه وزيرة الثقافة التي اعتبرته أحد أعمدة أغنية المالوف الأصيل في الجزائر. أحيي حفلات عديدة في كندا، فرنسا، روسيا، تونس والعديد من المدن الجزائرية يملك المرحوم حمدي بناني مسيرة فنية ثرية حيث أحيي العديد من الحفلات في العديد من المدن الفرنسية على غرار باريس، ليون، مرسيليا وتولوز ويملك مكانة خاصة في قلوب المغتربين الجزائريين المقيمين في فرنسا، كما أحيي حفلات عديدة في كنداوتونس والعديد من المدن الجزائرية في مختلف التظاهرات الفنية والموسيقية، واستمتع الجمهور العنابي بموسيقته المميزة في العديد من المهرجانات بمسرح الهواء الطلق وفي دار الثقافة محمد بوضياف وفي المسرح الجهوي عز الدين مجوبي، إضافة إلى التظاهرات الثقافية التي كان ينظمها المعهد الفرنسي في عنابة، وأدخل الفرحة في قلوب الكثير من العائلات من خلال الأعراس التي نشطها. أدى العديد من الثنائيات وشجع الكثير من الفنانين أدى المرحوم حمدي بناني العديد من الثنائيات مع فنانين معروفين على غرار أدائه لأغنية "on est resté des amis" مع الأخوة نقاش وهي الأغنية التي أبكت الكوميدي الفرنسي "غي بيدوس" عندما أداءها حمدي بناني في فندق صبري، و"سبيد كارافان" مع الفنان مهدي هداب، مع غنى أيضا مع فنانين كثيرين في لقاءات مختلفة على غرار عباس ريغي والعديد من الفنانين الآخرين الذين التقى بهم في الحصص التلفزيونية في القنوات الوطنية والأجنبية، كما شجع العديد من الفنانين الشباب. فرنسا قلدت حمدي بناني وسام فارس الفنون والآداب وقد قلد سفير فرنسا في الجزائر الفنان حمدي بناني وسام فارس الفنون والآداب في نوفمبر 2018 على هامش زيارته للمعهد الفرنسي خصيصا من أجل تدشين فضاء "كومبيس فرانس" وهذا الوسام "رفيع المستوى" ويمنح للوجوه والأسماء القديرة والمعروفة والمحترمة في الفنون، وكان هذا بمثابة تكريم للفنان الذي لطالما أمتع عشاق الموسيقى الجميلة والأصيلة بأنغامه ويلقى تفاعل كبير من طرف الجالية الجزائرية والمغاربية المقيمة في فرنسا. استعمل الآلات العصرية في المالوف سنة 1975 كشف المرحوم حمدي بناني في تصريحات سابقة ل "آخر ساعة" أنه استعمل القيتارة والآلات العصرية لأول مرة سنة 1975 وأكد أنه الأول الذي أدخل هذه الآلات والتي تناسب بعض الأغاني الخفيفة على غرار"يا عاشق ممحون"، "بالله يا حمامي"، "جاني ما جاني"، "يفرج ربي"، كما استعمل "الفلامنكو" في بعض الاستخبارات وفي نفس الوقت أضاف أنه حافظ على المالوف الأصيل ولم يغن "ليالي سرور" فاح الزهر فاح" بهذه الآلات العصرية". أصدر كتاب حول المالوف والنوبات ومسيرته أما عن الأعمال التي يملكها المرحوم حمدي بناني والتي لا يعلم بها العديد من المتتبعين وعشاق أغانيه فقد قام بتسجيل 5 نوبات مع "الأوندا" والتي تقدم كهدايا للشخصيات والرؤساء الذين يزورون بلادنا وتمثل هذا الفن الأصيل، كما أصدر كتاب شرح فيه "النوبات" ويتحدث عن المالوف وحياته الخاصة ومسيرتي الفنية، ويمكن ل "الأوندا" أن توفر هذا الكتاب في السوق خاصة أن المرحوم حمدي بناني كان يتمنى توفره لعشاق أعماله. هذا هو سر الكمان الأبيض أما عن سر ظهوره بالكمان الأبيض في كل خرجاته الفنية وتميزه في هذا الآلة الموسيقية فكشف المرحوم حمدي بناني في تصريح سابق ل "آخر ساعة" أنه تم انجاز هذا الكمان لي خصيصا ومكتوب به "LE PETIT ANGE HAMDI BENANI "، وأضاف أنه لا يوجد أي سر وأنه يحب اللون الأبيض لأنه يمثل السلام والأمل، وأكد أنه معروف به منذ سنة 1984 ولم يستطع تغييره فعندما يشاهد المتتبعون أي شخص يحمل كمان أبيض في الشاشة الصغيرة يقولون مباشرة أنه حمدي بناني، وأكد المرحوم أنه يملك 5 كمانات منهم كمان محمد الكرد وكمان عمره أكثر من 100 سنة لكن الأفضل بالنسبة له كان الكمان الأبيض". تأثر بعمه محمد بناني ،محمد الكرد، الفرقاني وحسان العنابي أما عن تعلقه بأغنية المالوف وهذا الفن منذ صغره فالمرحوم حمدي بناني ينحدر من أسرة فنية وعمه محمد بناني كان يغني مع محمد الكرد ويعزف على "الجواق" وهو الذي علم حسان العنابي العزف على الكمان و"الجواق"، وفي سنة 1954 تأثر بمحمد الكرد وأغانيه، وتأثر أيضا ب حسان العنابي ومحمد الطاهر الفرقاني وكان هذا الأخير من بين أصدقاء حمدي بناني ويعرفه منذ سنة 1956. "المالوف هو التراث عمره قرون ولن يموت" ويبقى المرحوم حمدي بناني من بين أبرز المدافعين على أغنية المالوف التي يفتخر بها كثيرا وقد أدلى بتصريح سابق ل "آخر ساعة" سيبقى راسخ في القلوب حيث قال:"المالوف مازال محافظ على مكانته، يقولون المالوف سيزول والآن يوجد الراي والراب لكن الطوابع الغنائية تختلف ولكل طابع مكانته، أؤكد أن المالوف سيبقى ولن يزول ولن يموت فهو التراث، هذا الفن عمره قرون، أما عن الفنانين الجدد والشباب الذين أدخلوا الآلات الجديدة فهذا أعتبره شيء عادي خاصة أن هذا لا يؤثر في النوبات". رئيس الجمهورية:" تلقيت خبر وفاة الفنان والصديق بحزن شديد" قدم رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، أمس الاثنين، تعازيه في وفاة المرحوم حمدي بناني، وغرد الرئيس تبون على تويتر قائلا:" بحزنٍ شديد، تلقيت نبأ وفاة الصديق والفنان القدير حمدي بناني"، وأضاف رئيس الجمهورية "فقدت الساحة الفنية برحيله رجلا ملتزما، عرف كيف ينال احترام الجمهور بِفنّه طيلة مسيرته، داخل وخارج الوطن". وزيرة الثقافة مليكة بن دودة: "رحيل موجع" علقت وزيرة الثقافة مليكة بن دودة على رحيل الفنان حمدي بناني قائلة:" مصاب جلل؛ فقدان ابن عنابة الوفي حمدي بناني، الفنان الجزائري الاستثنائي بصوته الشجي، وبحثه الدؤوب في ثنايا فنه الأصيل الذي ضاهى به فناني المالوف الذين سار في مسربهم أو من عاصرهم .. تلقينا نعيه بكثير من الالتياع والحزن والأسى… تابعنا حالته الصحية عن كثب، يحذونا الأمل في شفائه… ودعناه ببونة العتيقة فكان بلسما للروح؛ وهو يصول ويجول في الذاكرة الفنية التي جمعته بأعتى الرجال العظماء داخل الوطن وخارجه… لك الله إذ اصطفاك إلى جواره… تغمدك برحمته الواسعة، وأسكنك الفردوس الأعلى، وألهمنا وذويك الصبر الجميل".