بعد أن توعكت صحة الرئيس لتنصب نفسها بمثابة وصية على العرش، الكتاب الذي صدر مؤخرا في باريس وظل محظورا من التوزيع أو دخول تونس تناول فيه مؤلفاه ما سمياه هيمنة زوجة الرئيس وقيامها بتسيير أمور البلاد وتنصيبها أفرادا من عائلتها في مناصب حساسة وضرب شبكة أقربائها والمقربين منها خيوط عنكبوتية حول كل القطاعات، وفي مختلف المجالات «الهاتف الخلوي، التعليم الحر وغيرها». ويكشف الكتاب سرقات واختلاسات وتزويرات بصمت عليها زوجة الرئيس الهارب بيدها وقدميها رفقة عائلتها وأشقائها وأفرادا نافذين في السلطة من عائلة الماطري كاستيلائها على أراضي الدولة، في العاصمة بأثمان بخسة ومشاركة شقيقها وابن شقيقتها في الاستحواذ على شركات طيران. إضافة لحصولها على منحة دولية وأراضي لبناء جامعة لكنها قامت ببيعها في المزاد. بالإضافة لنفوذها الواسع وتملكها لسلطة أقوى حتى من سلطة الوزير الأول بحيث يمكنها تقليب الحكومة وتعيين وتسريح السفراء والمدراء العامين كيفما يحلو لها. وتقول المؤلفة كاترين غراسيه المشاركة في الكتاب «إن ما ورد في الكتاب من معلومات ثمرة تحقيقات جادة، وأن الهدف منه هو رفع النقاب عن النظم التي تسيير بها تونس. وأضافت المؤلفة في ذات السياق « الكل يتحدث عن الرئيس بن علي ولا احد يذكر زوجته ومالها من دور سياسي هام جدا يحدد مصائر البعض وينهي مسيرة آخرين ولها أيضا دور في استحواذ عائلتها على الثروات الاقتصادية مشيرة إلى أن من موقعها تحقق الكثير من الصفقات». كما يشير الكتاب لإذعان التونسيين إلى التصويت على « الحزب الحاكم الواحد» والانخراط في شبكاته التابعة للرئيس وزوجته هذا وجاء في الصفحة الأخيرة من غلاف الكتاب أن ليلى الطرابلسي تسير تماما على خطى وسيلة بورقيبة زوجة الرئيس التونسي الأسبق التي حكمت تونس في ظلال رئيس عجوز ومريض في إشارة إلى الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة. هذا وإثر صدور الكتاب في فرنسا تهيأت ليلى بن علي قضائيا فرفعت في عشية صدوره دعوى قضائية تلزم فيها السلطات الفرنسية إذعان مؤلفا الكتاب على حضره في فرنسا ومنع نشره غير أن المحكمة القضائية رفضت قبول تلك الدعوى لأن ليلى الطرابلسي لم تلتزم في دعواها بتحديد القوانين التي يمكن تطبيقها في إطار تلك الملاحقة وهو ما من شأنه أن يجعل الطرف المدعى عليه غير قادر على معرفة ما يؤاخذ عليه وتهيئة دفاعه. هذا وينطوي كتاب «مالكة قرطاج» كذلك على انتقادات لبعض الحكومات ووسائل الإعلام الغربية، معتبرا أنها تغض الطرف عن التجاوزات وأيضا عن تضييق الفضاء السياسي والإعلامي في وجه معارضي النظام في تونس. وترد أنباء أخيرة عن تسريح هذا الكتاب عبر الشبكات الإلكترونية سيما بعد الإعلان الرئاسي أول أمس بالإفراج عن الحريات السياسية والإعلامية ما يمكن التونسيين من مختلف الشرائح الإطلاع على هذه المدونة الهامة في مسيرة امرأة قطعت شوطا كبيرا في المجال السياسي والاجتماعي والاقتصادي من خلف ستار شفاف فقد قدرته على التماسك من أول خدش أحرق الجسد التونسي بالنار وهروب رئيس رسى على العرش «الملكي» ما قارب ربع قرن من الزمن سلوى لميس مسعي