تشهد تجارة النحاس في مدينة قسنطينة عقب هذه الفترة ترجعا واسعا و ذلك نتيجة عزوف بعض القسنطينيين و السياح على وجه السواء اقتناء الحرف النحاسية على غرار القطار، السني و السينية، المرش، المحبس و غيرها من الاواني التي كانت في وقت سابق تروج بشكل غير معقول. و خوفا من زوال و اندثار هذه الصنعة ، طالب الحرفيون بالضرب على أيدي من أسموهم «محتكري المادة الخام والمتطفلين على الحرفة»، كما طالبوا بالإسراع في إعادة النظر في «تنظيم مجمع الصناعة التقليدية وتمكين الحرفيين الحقيقيين من الاستفادة من المحلات والورشات»، لتفادي «العمل في البيوت في ظروف غير لائقة». كما شدّد الحرفيون على ضرورة وقف ما أسموه كذلك ب «التلاعب» بإصدار وتوزيع بطاقة الصانع التقليدي وعدم توزيعها على البعض دون الآخر بمنطق المحاباة و المحسوبية. و بغض النظر عن هذه المطالب رفع الحرفيون سقف مطالبهم عن طريق وضع آلية فعالة لمراقبة نقطة بيع الفضة الاصطناعية في الإقليم، بما يضمن منع المضاربات، وحماية السلع المحلية من المنافسة غير الشريفة التي تخلقها السلع المهربة رخيصة الثمن»، مؤكدين على ضرورة التفكير في سبل جادة لمنع بعض الجهات الأجنبية من استغلال إبداعاتهم وعرق جبينهم عبر توظيف التقنية العصرية في استنساخ عدد كبير من التحف الفنية الأصيلة، ومشيرين إلى أنهم يخشون من التأثيرات السلبية ل«الفوضى والتسيب» اللذين يعمان القطاع على حساب سمعة «مدينة النحاس»، خاصة أن هذه السمعة تعتبر -في نظرهم- عامل جذب للسياح والأجانب ومصدر دخل هام لشريحة واسعة تقدر بالمئات من الصناع والحرفيين. كما اشتكى الحرفيون من غلاء المادة الخام ومن فقدانها في بعض الأحيان في الأسواق المحلية، وطالبوا بإعادة هيكلة القطاع، بالشكل الذي يرد الاعتبار إلى الصانع التقليدي وتأسفوا لامتلاء «السوق المحلية بالفضة الاصطناعية المختلطة بالنحاس و مواد اخرى». تجدر الإشارة إلى أن الجهات المكلفة بالصناعة التقليدية و الحرف قامت بإخلاء العديد من محلات باردوا نتيجة عدم تمكن الحرفيين من تسديد المستحقات التي تراكمت مند سنين الأمر الذي من شأنه دفع الحرفة نحو الزوال.