اعترف عدد من الجنود الإسرائيليين الذين شاركوا في العدوان الأخير على قطاع غزة إن قادتهم حثوهم على المبادرة بإطلاق النار قبل التمييز بين المدنيين والمقاتلين، في الوقت الذي ترفض إسرائيل اتهامات منظمتي العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش ووكالات الأممالمتحدة بان غزوها لقطاع غزة في جانفي الماضي أوقع قتلى بين المدنيين. ونقلت صحيفة "القدس" الفلسطينية عن إفادة مطبوعة ومصورة بالفيديو نشرتها أمس جماعة "الخروج عن الصمت" وهي جماعة تنشط في مجال حقوق الإنسان أن الجنود الثلاثون قالوا إن هم الجيش الإسرائيلي الأول كان تقليل خسائره غلى أقل حد ممكن لضمان تأييد الرأي العام الإسرائيلي للعملية. ويقول جندي لم يذكر اسمه: "أن تصيب بريئا أفضل من أن تتردد في استهداف عدو" ملخصا بذلك ما فهمه من التعليمات التي كررت في الإفادات للجنود قبل الغزو ثم خلال العملية التي استمرت 22 يوما من 27 من ديسمبر إلى 18 من جانفي الماضي. ويقول آخر: "إن كنت غير متأكد.. اقتل. كانت قوة النيران مجنونة. ما أن دخلنا حتى انطلقت النيران بجنون. في اللحظة التي وصلنا فيها إلى خط البداية بدأنا إطلاق النار على أماكن مشتبه بها". ويضيف "في حرب المدن الكل أعداؤك. لا وجود لأبرياء". وكان الهدف المعلن لعملية "الرصاص المصبوب" الإسرائيلية هو إجبار مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على وقف إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية. وتقول جماعة فلسطينية لحقوق الإنسان أن 1417 شخصا قتلوا بينهم 926 مدنيا. وقال الجيش الإسرائيلي أن القتلى 1166 يقدر عدد المدنيين بينهم بنحو 295. وقالت إسرائيل أن عشرة من جنودها وثلاثة مدنيين قتلوا. والجنود في جيش إسرائيل الذي يغلب عليه المجندون لديهم أوامر دائمة بعدم التحدث إلى وسائل الإعلام. ويشمل التقرير الذي أعدته جماعة "الخروج عن الصمت" في 112 صفحة إفادات 30 جنديا "ممن خدموا في كل قطاعات العملية". ويقول التقرير: "أغلبهم... ما زالوا يخدمون في وحداتهم العسكرية النظامية ولجأوا إلينا وهم في حالة حزن شديد على التدهور الأخلاقي لجيش الدفاع الإسرائيلي". وقال التقرير أن روايات هؤلاء الجنود "كافية للتشكيك في مصداقية الروايات الرسمية لجيش الدفاع الإسرائيلي". ورفض جيش الاحتلال الإسرائيلي الانتقادات ووصفها بأنها "تقوم على إشاعات" لكنه تعهد في بيان بالتحقيق في أي شكاوى رسمية من سوء السلوك قائلا أن قواته راعت القانون الدولي "خلال المعارك المعقدة والصعبة." ويكرر التقرير اتهامات تنفيها إسرائيل بان الفوسفور الأبيض أطلق دون تمييز في شوارع غزة. ويشير إلى "دمار هائل لا صلة له بأي تهديد مباشر للقوات الإسرائيلية" وإلى قواعد اشتباك "فضفاضة". ويقول احد الجنود "لم نتلق أوامر بأن نطلق النار على أي شيء يتحرك ولكن وجهت إلينا الأوامر بصفة عامة بان نطلق النار عندما نشعر بالتهديد. ظلوا يكررون لنا أن هذه حرب وفي الحرب لا قيود على إطلاق النار". ولتجريد مقاتلى حماس من غطائهم تكفل القصف الجوي والمدفعي والشحنات الناسفة والجرافات المدرعة بتدمير مناطق كاملة بما في ذلك الحدائق وبساتين الزيتون والبرتقال. ونقل التقرير عن جندي قوله "لم نر منزلا واحدا سليما لم يمس .. لم يصب. البنية التحتية كلها والحقول والطرق كانت في دمار كامل. لقد مرت الجرافة المدرعة على كل شيء". وأضاف:" كان هناك شعور واضح وتكرر ذلك في كل مرة تحدث إلينا فيها آخرون بان الاعتبارات الإنسانية لا دور لها في الجيش في الوقت الحالي. كان الهدف هو تنفيذ العملية بأقل خسائر ممكنة في الأرواح للجيش". الوكالات