سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تجارب الشعب الجزائري جعلته كثير الاحتراز من نداءات التمرد عبر الديمقراطية الإلكترونية بلخادم يقول إن إعطاء الثقة للأفلان جاء إدراكا أن الحزب يملك تجربة في التسيير ويؤكد
فسّر الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم في حوار مع مجلة »المجلة« السعودية عدم تجاوب الشعب الجزائري مع النداءات في إطار ما يسمى ب »الربيع العربي« بتداعيات التجارب المرة التي عاشها، حيث قال إن »التجارب المرة التي مر بها الشعب الجزائري هي التي جعلته كثير الاحتراز من نداءات التمرد التي كانت تأتيه عبر الديمقراطية الالكترونية في مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وغيرها«، ورفض تشكيك المعارضة في نتائج انتخابات 10 ماي، معتبرا أن إعطاء الشعب الثقة للأفلان جاء من منطلق إدراكه أن الحزب يملك تجربة في التسيير. فرنسا متجلببة بالعار إلى أبد الآبدين
خاض الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم في قضايا داخلية وخارجية من خلال حوار مطول أدلى به لمجلة »المجلة السعودية«، وقيم ايجابيا منجزات الدولة الجزائرية خلال خمسين سنة من الاستقلال بعدما قارن بين تركة الاحتلال الفرنسي وما شيدته الجزائر منذ 1962، قائلا إن الجيل المخضرم الذي عاش السنوات الأخيرة من الاحتلال الفرنسي وعاش سنوات الاستقلال يدرك الفرق جليا دون أن يترك الفرصة ليجرّم فرنسا التي أكد بشأنها ستبقى متجلببة بالعار إلى أبد الآبدين.
بقدر ما نعتز بثقة الشعب بقدر ما ندرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا
رفض بلخادم طعن المعارضة في نتائج الانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد قبل شهرين، ورد على المشككين، قائلا »الديمقراطية هي تعددية حزبية هي تعددية إعلامية، هي انتخابات، هي احتكام إلى إرادة وخيار الشعب الجزائري الحر، فينبغي أن نحترم إرادة ورغبة الشعب الجزائري إذا كان مفهوم هؤلاء للديمقراطية هو أن يذهب الكل من أجل بقائهم لوحدهم، فهذه ليست ديمقراطية إطلاقا«. وفي السياق ذاته، أضاف الأمين العام للأفلان »إذا كان الشعب الجزائري أعطى ثقته الكاملة لجبهة التحرير الوطني، فهو يدرك تماما أن هذا الحزب خزان للأفكار، خزان للإطارات، وأنه يملك من التجربة في التسيير ما يجعل الشعب ينتظر من إطارات الجبهة الاستجابة لانشغالاتهم وتطلعاتهم، ونحن بقدر ما نعتز بهذه الثقة بقدر ما ندرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا«. وأشار الأمين العام للأفلان إلى أن حيازة الحزب على 45 في المائة من المقاعد في المجلس الشعبي الوطني، لا يمثل عائقا على الإطلاق في عملية تعديل الدستور، مستدلا بالدستور الأول للجمهورية الجزائرية الذي اعتمد سنة 1963، »حينها كان كل أعضاء المجلس التأسيسي ينتمون إلى جبهة التحرير الوطني«. ووصف بلخادم البرلمان الحالي ب»البرلمان التعددي«، قائلا أنه تمثله عدة أطياف سياسية بداية من جبهة التحرير الوطني فالتجمع الوطني الديمقراطي وأحزاب التكتل الأخضر، حزب العمال، جبهة القوى الاشتراكية وغيرها، مشيرا إلى أن البرلمان يضم أحزابا من كل الطيف السياسي في الجزائر. وفنّد بلخادم وجود خلاف في السلطة عن اسم الرئيس المقبل للجزائر، وعدّد المبررات التي حددها في موعد اختتام الدورة الربيعية الانتخابات جرت في العاشر من ماي الماضي، والدورة الربيعية للبرلمان تنتهي في الثاني من شهر جويلية، بين التاريخين هناك امتحانات شهادة البكالوريا هناك شهادة التعليم المتوسط، هناك تسجيلات للطلبة الجامعيين الجدد، هناك الاحتفالات المخلدة لخمسينية استرجاع الجزائر لسيادتها«. وفي رده على سؤال يتعلق بترشيح الحزب لرئيس الجمهورية لعهدة رابعة قال بلخادم »هو رئيس الحزب وهو رئيس الجمهورية، وبالتالي إن كان الرئيس يرغب في أن يواصل، ونحن نتمنى ذلك، مهمته على رأس الدولة الجزائرية، من أجل استكمال سياسة المصالحة الوطنية، استكمال سياسة التنمية وجمع شمل الجزائريين، وتألق الجزائر في المحافل الدولية فنحن نسعد بهذا الترشح«.
الجزائر سبقت كل الدول التي تتحدث عن الديمقراطية وتتحدث عن ربيعها
وقال الأمين العام للأفلان في رد له عن السبب الذي جعل الشعب الجزائري لا يستنسخ تجربة »الربيع العربي« إن »الجزائر عاشت أزمات خطيرة جدا في أحداث أكتوبر عام 88، وما تلا ذلك من إصلاحات جذرية جاءت بالتعددية الحزبية، معناه الجزائر سبقت كل الدول التي تتحدث عن الديمقراطية وتتحدث عن ربيعها، نحن في نهاية الثمانينات دخلنا في التعددية السياسية عبر انتخابات المجالس البلدية والولائية وعلى المستوى الوطني وحتى على مستوى الرئاسيات، وبالتالي التعددية مارسناها قبل الآخرين«، ورأى أن الشعب الجزائري اكتوى »بالانحرافات التي عرفتها الممارسات الديمقراطية في بداية التسعينيات، والنتيجة انطلاق موجة من العنف والإرهاب، من أجل الوصول إلى السلطة أو البقاء فيها، معتبرا »هذه التجارب المرة التي مر بها الشعب الجزائري هي التي جعلته كثير الاحتراز من نداءات التمرد التي كانت تأتيه عبر الديمقراطية الالكترونية في مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وغيرها، لأن شعبنا دفع من التضحيات ما يجعله في غنى عن إعادة تجربة نهاية الثمانينات وبداية التسعينات«. وأوضح بلخادم بشأن ما يحدث في دول الجوار وبعض الدول العربية أن الجزائر ليست ضد »إرادة الشعوب، لأن الشعوب سيدة في اختيار من يحكمها واختيار برامجها واختيار أنظمة حكمها، وأكد أن الشعوب لها الحق في أن تغير أو تعدل أو تستبدل من تشاء بمن تشاء، نظام حكم بنظام حكم آخر، هذا الطاقم بطاقم آخر، رافضا أن تكون» بإيعاز من جهات أجنبية، تحضر مجموعة من المعارضين الذين عششوا عندها أي لدى الجهات الأجنبية، فهذا لا يبشر بالخير، مشددا بالقول »التغيير ينبغي أن يكون نحو الأحسن من دون سفك للدماء«. وعن وصول الإسلاميين إلى الحكم في عدة بلدان عربية، أوضح الأمين العام للأفلان أنه » الشعب الجزائري جرب تسيير التيار الإسلامي ومثلهم تسيير التيار الديمقراطي، والعلماني والتيار الوطني، مشيرا إلى أنه بعدما قارن الشعب طريقة التسيير ونتائج السياسات المعتمدة من هذا التيار أو ذاك، اختار تسيير التيار الوطني والممثل في جبهة التحرير الوطني. ودافع بلخادم عن دور المؤسسة العسكرية، حيث قال إن »الجيش الجزائري جيشا شعبيا، وبالتالي هم أبناء المواطنين الذين ترقوا في الرتب العسكرية من مختلف شرائح الشعب، وترقوا ليصبحوا قادة في جيش عصري ونرغب الآن في أن يكون جيشا احترافيا مهامه الدستورية واضحة هي حماية الوطن وعدم التدخل في الشأن السياسي«. ورافع الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عن المواقف التي اتخذتها الجزائر حيال ما جرى ويجري في المنطقة العربية، ورفض تأويل صمت الحكومة بالدعم عندما قال »لم يكن دعما إطلاقا، وإنما كان هناك خوف من تدخل خارجي، لأن أمن الجزائر من أمن جيرانها، عندما يكون أمن الجيران مهددا وفي يد القوى الأجنبية، طبيعي جدا أن تنتابنا مخاوف نحن كجزائريين«، وأرجع السبب في ذلك إلى الغيرة على الاستقلال والسيادة الوطنية، مضيفا »سيادتنا لم تعطَ لنا، الثمن مليون ونصف المليون من الشهداء، هذا الذي جعل الجزائر ترفض التدخل الأجنبي وخاصة التدخل المدعوم بالحلف الأطلسي وغيرها«. وجدد بلخادم انشغال وقلق الجزائر لانتشار السلاح في منطقة الساحل باعتبار أن انتشاره يؤدي إلى عدم معرفة مستعمليه وتوقيت استعماله ومكانه، واعتبر ذلك خطرا عاما ولا يمس فقط شمال مالي، وأبدى دعمه لوحدة الأوطان وحدة الشعوب، رافضا »تمزيق الأوطان وتمزيق الشعوب«، داعيا »حكام هذه الأوطان وهذه الشعوب إلى تبني سياسة عادلة، تسمح لكل شرائح شعوبها من كل مناطق وطنها أن تتمتع بالمقدور من التنمية«. وبخصوص قضية اختطاف الدبلوماسيين الجزائر بشمال مالي بداية أفريل الفارط، أبدى الأمين العام للأفلان أمله في التوصل إلى حل سلمي يتوافق مع قناعاتنا ومبادئنا، وذكر أن الدبلوماسيين تحميهم الاتفاقات الدولية، ودعا إلى تحكيم العقل وإطلاق سراحهم واعتماد الأساليب السياسية في حل المشاكل والنزاعات، مجددا رفض الجزائر لدفع الفدية. وحول ما يجري في سوريا قال بلخادم »الشعب السوري سيّد في أن يغيّر وأن يبقي في أن يعدل أو يجدد، في أن يقوم بوضع منظومة تشريعية جديدة من خلال انتخابات حرة وديمقراطية، هذا شأن سوري لا نتدخل فيه، مشيرا إلى أن الجزائر ترفض »محاولة زعزعة واستقرار الدول من خلال ضرب أنظمتها ومن خلال التدخلات الأجنبية من خلال تنظيمات غير حكومية، أما حركات جمعوية أو معارضة تم تحضيرها في عواصم أخرى، وهذا لا يعني أننا نقبل ما يجري في سوريا، ما يحدث في سوريا شيء مؤلم، ونحن نتألم لما يحدث عند أشقائنا في سوريا، أتمنى ألا تسفك مزيد من الدماء«، داعيا إلى تحكيم إلى الإنصات لصوت العقل والتحاور »فيما بينهم من أجل الوصول إلى ما يرضي الشعب السوري بإرادته السيدة، بعيدا عن أي تدخل أجنبي سواء كان شرقيا أم غربيا عربيا أو أعجميا«. وجدد بلخادم انتقاده لدور الجامعة العربية، وقال في هذا الشأن» عندما يلجأ إلى مجلس الأمن ضد الأشقاء، هذا يدل على عجز الجامعة العربية«، مشددا على إعادة النظر في ميثاق الجامعة العربية وفي كيفية التصويت في هذه المؤسسة وفي المواثيق التي تجمع العرب، مطالبا كذلك بالتفكير في وحدة الصف العربي ابتداء بالشأن الاقتصادي وانتهاء بالشأن السياسي. وعلّق بلخادم على دعوة الرئيس التونسي المؤقت منصف المرزوقي إلى تفعيل اتحاد المغرب العربي قائلا »هذا جهد طيب نحن نثمنه ونحبذه، لكن اتحاد المغرب العربي ينبغي أن يتجسد في الحياة اليومية للمواطن المغاربي، من ليبيا إلى موريتانيا«.
هناك قضية تختلف فيها الجزائر والمغرب هي القضية الصحراوية
أبدى الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني أمله في أن تكون علاقات متميزة مع المغرب، وأرجع ذلك لكون »المغرب بلد جار وبلد شقيق، عائلات من هنا لها امتداد هناك، وعائلات من هناك لها امتداد هنا، وبالتالي كل شيء يربطنا بأشقائنا في المغرب مثل أشقائنا في تونس«. وأوضح بلخادم أن هناك قضية تختلف فيها الجزائر والمغرب تتمثل في قضية الصحراء الغربية. وقال في هذا الصدد »نحن نعتبرها قضية تصفية استعمار، هم يعتبرونها قضية وحدة ترابية، المسار القانوني لهذه القضية يثبت صحة رؤية الجزائر، بدليل أنه سنويا يناقش ملف الصحراء الغربية في اللجنة الرابعة المكلفة تصفية الاستعمار في هيئة الأممالمتحدة، وسنويا يصدر قرار من مجلس الأمن حول هذه القضية، ثم هناك بعثة اسمها بعثة الأممالمتحدة من أجل تنظيم استفتاء في الصحراء الغربية، وذكر بموقف الجزائر القائم على تنظيم استفتاء عادل في الصحراء الغربية، مضيفا »عندما يستفتى الصحراويون تحترم إرادتهم، سواء أردوا الحكم الذاتي، أو أرادوا أن يكونوا مستقلين، أو أرادوا أن يكونوا جزءا من المملكة المغربية، ينبغي أن يستفتى الصحراويون ونحن نحترم إرادتهم، هذه هي القضية الخلافية بيننا وبين المغرب، عدا ذلك كل شيء يجمعنا«.
فتح الحدود مع المغرب يتم بعد إزالة العوارض والعوائق
رهن الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية الأمين العام بحزب جبهة التحرير الوطني فتح الحدود بين الجزائر والمغرب بإزالة العوارض والعوائق التي تتعلق بالتهريب والمخدرات إلى جانب الهجرة غير الشرعية في أمن الحدود، وأضاف » حينما تحدد الآلية والطريقة التي يعمل بها على إزالة هذه العوائق، حينها اتخاذ قرار فتح الحدود سيكون قرارا سهلا، وسيتم اتخاذه«.
ووصف بلخادم العلاقات مع المملكة العربية السعودية ب» الجيدة«، وقال عنها إنها »علاقات قديمة منذ عهد الملك فيصل رحمه الله، حينما كان وزيرا للخارجية، ومواقف المملكة الداعمة لاستقلال الجزائر، والعلاقات الجيدة التي تربط المسؤولين الجزائريين بالسعودية، كل ذلك يجعلنا نقدر عاليا متانة العلاقة بين الجمهورية الجزائرية والمملكة العربية السعودية«.