انتهت دورة مجلس الشورى الوطني لحركة مجتمع السلم إلى تثبيت القرارات التي خرجت بها الدورة الاستثنائية لشهر ماي، وبالأخصّ عدم المشاركة في الحكومة والتمسك بتكتل »الجزائر الخضراء«. وتفادى البيان الختامي الحديث عن استقالة أعضاء في المكتب الوطني الذين تمّ استخلافهم رسميا، في حين تأجّل الحسم في الخلافات وتحميل المسؤوليات إلى موعد المؤتمر الخامس المقرر بداية العام المقبل. أكد رئيس حركة مجتمع السلم، أبو جرة سلطاني، أن الدورة العادية لمجلس الشورى »كانت ناجحة بكل المقاييس«، وأعلن أن الأهم في نتائجها هو أن »الإستراتيجية لم تتغيّر مهما قيل عنها«، وخاطب بشكل ضمني الأعضاء الذين شقوا عصا الطاعة يقول: »نحن اخترنا واختيارنا واضح، ونحن عازمون على تغيير الواقع وعلى أن ندفع الثمن لأنه لن تصدّنا أي رياح..الفضل لمن صدق وليس لمن سبق«. ونفى سلطاني أن يكون الأعضاء الخمسة الذين التحقوا بحزب القيادي السابق عمر غول قد استقالوا، وعلى حدّ تعبيره فإن الحاصل أنهم »طلبوا الاستعفاء«، ثم أطلق بعدها تعبير مجاملة: »شكرا لإخواننا لأنهم قدّموا ما عليهم وهم استعفوا ولم يستقيلوا من المكتب التنفيذي الوطني، لقد أدّوا ما عليهم وناضلوا في صفوف الحركة وتحمّلوا مسؤوليات لم تكن سهلة، لكن الأيام دول..«، وشدّد على أن »الصفحات التي أريد إعادة فتحها طويت ونحن ماضون نحو النجاح«. ولذلك أعلن المتحدّث أنه تمت تزكية أعضاء جدد خلال دورة مجلس الشورى التي اختتمت أشغالها أمس، حيث أصبح وزير التجارة السابق الهاشمي جعبوب عضو مكتب وطني مكلف بالاقتصاد، في وقت خلف فيه فاروق أبو سراج الذهب العضو المستقيل كمال ميدة في أمانة الإعلام، كما تم تكليف عبد الكريم مشاي ليكون مسؤول الشباب والعمل الجمعوي، وأحمد بوليل مسؤولا للتخطيط، أما مسؤولية الجامعات والعمل الطلابي فقد أسندت إلى إبراهيم بدر، كما خلف جعفر شلي العضو المستقيل أحمد لطيفي في مسؤولية الإدارة والمالية. وبموجب ذلك أظهر رئيس »حمس« تفاؤلا كبيرا بمستقبل حزبه بتأكيده: »لقد تجاوزنا الماضي لنصنع المستقبل.. وهنا إصرار على التمسّك بالخيارات وعدم التردّد«، وبرأيه فإن مناضلي الحركة »عازمون على إثبات أننا عنصر استقرار وتوازن وأننا شعر ميزان في كل التوجهات«، وأضاف: »من يعتقد بأنه بإمكانه تخطي الحركة للوصول بالجزائر إلى برّ الأمان فهو مخطئ. فالمعادلة الإسلامية لا يمكن تخطيها«. كما فنّد أبو جرة سلطاني أن تكون حركة مجتمع السلم تفكر في التراجع عن قرارها الأخيرة بعدم المشاركة في الحكومة إثر التداعيات التي خلّفتها استقالة بعض القياديين المحسوبين لصالح عمر غول، حيث أوضح في هذا الاتجاه: »نحن لن نتراجع لأننا لن نشارك في الحكومة بهذا الشكل كما أننا حريصون على ترقية التكتل الإسلامي«، ثم استطرد: »إرادة المؤسسات هي الغالبة على إرادة الأشخاص، ونحن لن نرمي المنشفة وسنستمر في النضال السلمي«. ومن جانبه كشف رئيس مجلس الشورى الوطني، عبد الرحمان سعيدي، بأن نقاشا عميقا دار طيلة ثلاثة أيام من الأشغال، ولفت إلى أن الرأي الغالب كان نحو استقرار المؤسسات، مشيرا إلى أن »الحركة سجلت أسفها لبعض الاستقالات والمغادرات وهناك إرادة لإعادة كل من غادر إلا من أبى«، واعتبر بدوره أن »حمس لن تتوقف بعد هذه الاستقالات«. وموازاة مع ذلك تجاهل البيان الختامي لدورة المجلس الإشارة إلى أزمة الحركة واكتفى بالتركيز أكثر على تقييم الوضع السياسي الذي قدّر بأنه يتميز ب »الجمود«، ودعت الوثيقة ذاتها إلى ضرورة »الإسراع في معالجة الجمود السياسي والركود الاقتصادي..«، مثلما حذّرت الحكومة من مخاطر تجاهل الأزمة الاقتصادية العالمية أمام تراجع أسعار البترول. وطالب البيان أيضا ب »استدراك الإصلاحات من خلال الإعلان عن تشكيلة اللجنة الوطنية لمراجعة الدستور« مع اشتراط أن تضم كل أطياف المجتمع، فيما تمّ تكليف المكتب التنفيذي الوطني باتخاذ »الموقف المناسب« من الانتخابات المحلية المقبلة.