تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم تؤكد مرة أخرى أن النظام القائم في دمشق أصبح مجرد صدى من زمن قد ولى، ورغم أن لدى سوريا دبلوماسيون لامعون، قد يكون المعلم من بينهم، فإن النظام المهترئ يجرف معه جميع هؤلاء إلى مهاوي الرداءة. قد تكون المعلومات التي قدمها الوزير السوري لصحيفة انديبندنت البريطانية صحيحة، بل هي كذلك بالتأكيد، لكن المؤكد أيضا أنها بلا قيمة في الظرف الحالي، فمن الغباء الاعتقاد بأن الحديث إلى صحيفة بريطانية يمكن أن يغير توجهات الرأي العام الغربي والعالمي عموما، وأكثر من هذا من السذاجة التركيز على الرأي العام بعد أن أثبت غزو العراق واحتلاله سنة 2003 بأن الرأي العام لا تأثير له على السياسة الدولية، وقد سخر مجرم الحرب جورج بوش الإبن وحلفاؤه في الغرب من الملايين الذين كانوا يجوبون الشوارع يوميا لمنع اندلاع الحرب، وقد كان ما أراده المجرمون في النهاية، ولا أحد يفكر في محاسبتهم اليوم أو غدا. هذه التجارب تتكرر بشكل مأساوي في البلاد العربية، والأنظمة المتخلفة لا تحسن القتال على الأرض وهي جاهلة بأساليب إدارة الحروب النفسية والإعلامية، وهكذا يتحول كشف بعض المعلومات التي قد تكون سرية إلى سيف صدئ في أيدي هؤلاء الذين يريدون صد عدوان الخارج ومنع حركة التاريخ من أن تأخذ مجراها. لا أحد في البلاد العربية يجهل حقيقة ما يجري في سوريا، وحتى الذين يحملون السلاح يعرفون أن أمريكا تأمر والسعودية وقطر تمولان، والسوريون يموتون من أجل أهداف لم تحدد بعد، وحديث المعلم عن دور قطر وأميرها وجزيرتها وفقيهها لا يضيف شيئا للملايين الذين تكاد الحسرة تقتلهم على هذا الوطن وشعبه، بل إن أمير قطر وحكام الخليج الآخرين، وقناة الجزيرة، لم يعد يهمهم ما يقال بشأنهم، فهم ماضون في تنفيذ ما أمروا به وهم يفعلون ما يأمرون. لقد تأخر النظام السوري عن ركب التاريخ كثيرا ولا فرصة أمامه للاستدراك، لكن المشكلة الحقيقية هي أن طريقة رحيله ستكون مكلفة لسوريا وشعبها، وقد تجعلها عاجزة عن اللحاق بركب الحضارة البشرية عقودا طويلة.