عبد الله جاب الله قرر مقاطعة الانتخابات المحلية، وهذا الخيار قد يكون الورقة الأخيرة، فالزعيم الذي يريد أن يكون قائد الإسلاميين ورمزهم في الجزائر لا يرى أي فائدة من المشاركة، فقد أبانت تجربة التشريعيات أن لا حظ لجبهة العدالة والتنمية في احتكار تمثيل الإسلاميين فضلا عن كونها عاجزة عن فرض نفسها كحزب قوي ومؤثر، والاختباء خلف تهم التزوير سيكون أفضل من تلقي صفعة ثانية خلال فترة ستة أشهر. المقاطعة هروب إلى الأمام، غير أنها أصبحت تمثل الخيار الوحيد أمام أحزاب لم تعد تقوى على المنافسة على الحكم فاكتفت بالمنافسة على قيادة تيار فقد كثيرا من بريقه، فالأحزاب الإسلامية المتواجدة على الساحة الآن تميل كلها إلى المشاركة، وبالنسبة لجاب الله قد تكون المقاطعة رسالة موجهة إلى القواعد الإسلامية مفادها أن جبهة العدالة والتنمية هي الحزب الإسلامي الوحيد الذي يعارض وهذا يعني أنها الحزب الإسلامي الوحيد. الانتخابات لن تتضرر بمقاطعة بعض الأحزاب، مثلما لم تنفع مشاركة تلك الأحزاب في إعطاء المصداقية للانتخابات السابقة، وقد أصبح واضحا اليوم أن تأثير تلك الأحزاب لا يتعدى قواعدها النضالية، بل إن مجمل الأحزاب أصبحت تمثل في نظر الجزائريين جزء من نظام وصل إلى نهايته، والتغيير أصبح يتطلب، ضمن شروط أخرى، قلب هذا الواقع السياسي رأسا على عقب. الحوار السياسي بين السلطة والمعارضة في الجزائر يبدو غريبا، فالانتخابات التي لا يثق فيها أحد أصبحت معيارا لتحديد المواقف، والمشاركة فيها أو مقاطعتها أصبحت المؤشر الأساسي على توجهات الأحزاب، فالسلطة تبدي كثيرا من السرور بقرارات المشاركة، والمعارضة تعتقد أن مقاطعة هذه الانتخابات يمكن أن تكون ورقة ضغط، في حين أن الحقيقة التي يعرفها الجزائريون تفيد بأن المشكلة أكبر من هذا التفصيل، وأن الذين يدعون إلى الانتخابات مثل الذين يقاطعونها كلهم يهربون من أصل المشكلة لكن إلى أين وإلى متى؟