ا ولو أن ما يشتكيه الجزائريون والجزائريات، من نقص في الخدمات العمومية، فيه جانب كبير من الحقيقة، التي تكشف عن عجز قائم في عدة ميادين، فإن هناك قطاعات أخرى سجلت وما تزال تسجل تقدما وأداء جيدا، يرقى ويضاهي الخدمات التي تقدم للمواطن في البلدان المتقدمة، ومن بين القطاعات التي شهدت قفزة كمية ونوعية في السنوات العشر الأخيرة، قطاع الضمان الإجتماعي، الذي عرف ثورة فعلية، سواء على مستوى التجهيز والتأطير، أو على مستوى التعامل والإستقبال الذي يحظى به المؤمّن في الهياكل العديدة المنتشرة عبر الوطن. الإدارة العمومية التي هي في ذهن المواطن، كلمة مرادفة للبيروقراطية والتعقيد والتسويف، ليست كذلك، أو لم تعد كذلك في المصالح التابعة لوزارة العمل والضمان الاجتماعي، حيث يلمس المتعامل، ومنذ اللحظة التي تطأ فيها أقدامه مصلحة من مصالح هذا القطاع، حسن الإستقبال والنظافة، والتجهيزات المتطورة، وفي أغلب الحالات يجد الجواب الشافي الكافي على ملتمسه، إما بالقبول وتسليم المطلوب في الحين وعلى الواقف، وإما بالإرشاد الدقيق للكيفية التي يتمكن المؤمن من خلالها تسوية أوضاعه. أغلب المتعاملين في هذا القطاع يشهدون أن الخدمة الإجتماعية التي يتلقونها عرفت على مدار السنوات الأخيرة تحسنا ملموسا، ليس فقط بالمقارنة مع ما كانت عليه في السابق، ولكن أيضا بالمقارنة مع ما يجدونه في مصالح القطاعات الأخرى، حيث لا يزال بعضها يتعامل مع المواطن بعقلية المتصدق عليه، رغم كونها حقا من حقوقه، ولا فضل للموظف أو الإدارة في ذلك. وقد جاء إعلان وزير القطاع السيد طيب لوح أمس الأول، عن حزمة من القرارات والإجراءات بردا وسلاما على المؤمنين وعلى المتقاعدين، الذين وجدوا فيها، ولمسوا من خلالها تواصلا وإصرارا من قبل الدولة على الوفاء بكل التزاماتها تجاه المواطن، ولاسيما في الحالات الصعبة، من مثل المرض، وأصحاب الأوضاع الهشة كحال المتقاعدين، وبعض المهن، التي لم يكن معترفا بها، كحال المشتغلين في بيوتهم والمتعاونين جزئيا ومؤقتا في بعض المهن الخاصة. عودة وزير العمل والشؤون الإجتماعية إلى القطاع، بعد انقطاع دام عدة أشهر، لم تعد الأمل فقط إلى المستفيدين من خدمات هذا القطاع على ما يبدو، وإنما أيضا، وبالذات إلى العاملين في القطاع، الذين تنفسوا الصعداء، بعد أن تأكدوا أن البرامج والمشاريع المخطط لها على مدى سنوات، سوف لن تذهب أدراج الرياح، وأن الأهداف المنشودة والمعلن عنها ستعرف بالفعل طريقها إلى التطبيق، وعلى رأسها وفي مقدمتها ما يعرف ببطاقة الشفاء. إن إعلان وزير العمل نفسه بأن تعميم البطاقة السرية وتفعيل أثرها على مجمل ولايات الوطن ابتداء من فيفري المقبل، يؤكد فيما يؤكد، جدية وصرامة المسؤول الأول للقطاع، في الذهاب بعيدا في الخطة التحديثية، وفي تمكين المواطن حيثما كان عبر ربوع الوطن من التمتع بحقوقه كاملة غير منقوصة، وهو بذلك إنما يجسد على الأرض، وجها من أوجه المواطنة الحقة في أبرز تجلياتها. فحظ سعيد للوزير، وهنيئا للقطاع، والمؤمنين.