أطلقت الحكومة من خلال وزارة الداخلية حالة من الاستنفار القصوى في الإدارة المحلية ومفاصلها الرئيسية تحسبا للانتخابات المجالس البلدية والولائية، لكن أيضا لبحث آليات تنفيذ مخطط عمل الحكومة في شقه المتعلق بالتنمية المحلية ومكافحة البيروقراطية وتحسين المرفق العام، وضمن هذا الإطار يلتقي وزير الداخلية اليوم، بحضور الوزير الأول عبد المالك سلال، مع رؤساء الدوائر ومدراء التنظيم والمفتشين الولائيين وغيرهم من الإطارات المهمة محليا. بعد اللقاءات الجهوية التي جمعت وزير الداخلية والجماعات المحلية بولاة الجمهورية، في الأسابيع الماضية، وبمشاركة وزراء قطاعات لها علاقة مباشرة مع ملفات التنمية المحلية والبيئة والمحيط والتشغيل، يلتقي دحو ولد قابلية اليوم مع رؤساء الدوائر ومدراء التنظيم والمفتشين الولائيين، بحضور الوزير الأول عبد المالك سلال ووزراء من الحكومة، حيث من المتوقع أن يتضمن جدول اللقاء حسب ما أعلن عنه الوزير على هامش تنصيب اللجنة السياسية لمراقبة الانتخابات وكما صرح بذلك سلال بمجلس الأمة الأربعاء الماضي، موضوع الانتخابات المحلية المقررة في 29 نوفمبر. إلى ذلك فإن جدول أعمال هذا اللقاء الذي يوصف ب »الهام« يرتبط بالدرجة الأولى بعملية التحضير والتنظيم واحترام التعليمات وتطبيق القانون الانتخابي بما يضمن نزاهة وشفافية اقتراع 29 نوفمبر المقبل من خلال التزام الحياد بين المترشحين والأحزاب على حد سواء، في محاولة لإزالة »البقع السوداء« التي التصقت بالإدارة كلما حل موعد انتخابي. وفي هذا الإطار يتوقع أن تعطي الحكومة ووزارة الداخلية تحديدا تعليمات صارمة لهؤلاء الإطارات التي تشكل عصب الإدارة المحلية وتسيطر على مفاصلها بشكل يكاد يكون كلي. وللاجتماع مع هؤلاء دلالاته أيضا، ذلك لأن الاكتفاء باللقاءات الروتينية مع الولاة لم تأت بثمارها على مدار السنوات الماضية، مما بعني أن الداخلية والحكومة اتجهت هذه المرة إلى الأجزاء المفصلية في الإدارة والتي كثيرا ما بقيت بعيدة عن الأضواء رغم أهميتها وحساسية مناصبها وأدوارها في أن واحد. أما فيما يتعلق بالشق الثاني من الاجتماع، فيتمحور حول إشكالية البيروقراطية والبحث عن مخارج لاجتثاث أثارها المدمرة للمواطن والإدارة على حد سواء، فقد اتخذ الوزير الأول عبد المالك سلال في مخطط عمل حكومته الذي تم عرضه على الغرفتين البرلمانيتين من تحسين الإدارة والمرفق العمومي ومحاربة كل أشكال البيروقراطية في صدارة انشغالات الحكومة، حيث التزم بتحسين الخدمات ابتداء من الاستقبال إلى نهاية الخدمة المطلوبة، ويتأتى ذلك حسب مقترح الحكومة بتخفيف الضغط الإداري والإجرائي على المواطنين القاصدين للمرفق العام. إلا أن هذا المحور سيقي ناقصا ولن يفي بالغرض المطلوب ما لم يرفق بضرورة مكافحة الفساد الإداري والذي تتجلى مظاهرة في الرشوة والمحسوبية والإقصاء، وهنا تعول الحكومة ووزارة الداخلية على تعبئة الإطارات المحلية المذكورة آنفا من أجل تنفيذ مخطط عمل الحكومة في صيغته الجديدة، علاوة على بحث الوسائل القانونية والإجرائية التي تمكن من بعث الاستثمار المحلي وتحريك عجلة التشغيل، واستكمال المشاريع المسطرة خاصة في جانبها المرتبط بالسكن وتنظيف المدن وتأطيرها، بإزالة الأسواق العشوائية وهيكلة التجار الفوضويين وتسريع دراسة ملفات الراغبين في الاستثمار، وهو حتما ما يقود إلى طرح إشكالية الجريمة المنظمة على المستوى المحلي والتي أضحت تهدد أمن المواطن وتماسك الأسر. ومن هذا المنطلق يبدو اجتماع الحكومة مع إطارات الإدارة المحلية، على جانب كبير من الأهمية سواء من منظور تنفيذ مخطط عمل الحكومة، أو من أجل التعبئة العامة للاستحقاقات المقبلة من تنظيم المحليات إلى التحضير للتعديلات الدستورية التي يتوقع أن تطرح على الاستفتاء الشعبي العام.