أمير قطر اختار قطاع غزة لتبييض صورته، فالتآمر مع الأمريكيين والإسرائيليين على تفتيت أكثر من بلد عربي لا يمكن أن تغطيه إلا زيارة إلى القطاع المحاصر من قبل إسرائيل، ومن هناك يكشف الأمير عن العلاقة بين صمود أهل غزة وما يسمى الربيع العربي الذي أثمر حروبا أهلية مدمرة في ليبيا وسوريا. ذهب الأمير بعد أن فتح له حكم الإخوان في مصر أبواب معبر رفح لتمنحه وسائل الإعلام التي تسوق الثورة صفة كاسر الحصار، فالرئيس المصري الذي دمر الأنفاق ومد يديه لإسرائيل لا يمانع في أن يفتح المعبر أمام الأمير لزيارة القطاع مقابل مساعدات سخية، ففي السياسة كل شيء يباع ويشترى، ومن غزة يثني الأمير على ثورة مصر وحكامها، ومن هناك أيضا يعلن عن رفع قيمة المساهمة القطرية في إعمار القطاع من 250 مليون دولار إلى 400 مليون دولار. أموال قطر في القطاع ستخصص لبناء السكنات التي لن يكلف تدميرها إسرائيل إلا بضعة طلعات جوية، وبالنسبة للأمير فإن 400 مليون دولار لا شيء، وهي أبسط ثمن يمكن دفعه لشراء عذرية سياسية فقدت بسبب التورط في سفك دماء الأبرياء باسم الثورة، وفي تدمير الأوطان باسم نشر الديمقراطية والحرية، لكن في مقابل هذا تتدفق أموال قطر والسعودية أسلحة لتدمير سوريا دولة ووطنا وجيشا. لماذا لا تقدم قطر السلاح للفلسطينيين للدفاع عن أنفسهم في مواجهة الجبروت الصهيوني، في حين أنها تقدمه للمتمردين في سوريا، وقدمته قبل ذلك للمتمردين في ليبيا؟، ربما اعتقد أمير قطر أن ملايين العرب غافلون، وأنهم سذج وسيصدقون أن زيارة غزة تجب ما قبلها من جرائم، لكن الحقيقة أن الناس يعلمون أن كل ما فعله الأمير السخي لا يعدو عن كونه محاولة توفير الدليل الذي قد يستعمله أدعياء الثورة العاملون في أبواق الدعاية ليثبتوا براءة عملاء أمريكا وإسرائيل من الدم العربي الذي يجري بغزارة وبدون وجه حق.