الأمينة العامة لحزب العمال لا تمل من الحديث عن المؤامرة التي تستهدف حزبها، فقد خرجت بعد الانتخابات لتقول إن »هناك مراكز في السلطة عاقبت حزب العمال«، و»هذه المراكز لها علاقة مع لوبيات وأذناب الخارج«، وكالعادة سيبقى كل شيء مبهما، غير أن الغريب هو حديث حنون عن دور حزب جبهة التحرير الوطني في هذه المؤامرة، فالحزب الذي يملك القوة والنفوذ للتآمر على الآخرين من غير المعقول أن يعجز عن الدفاع عن مصالحه والحفاظ على ما حققه في الانتخابات. كل الذين تابعوا مآل الانتخابات المحلية أجمعوا على أن الأفلان كان أكثر الأحزاب تضررا من التحالفات التي جرت أثناء تنصيب المجالس الجديدة، ولا نعلم كيف خلصت حنون إلى القول »هناك من يريد فرض منتخبي الأفالان بالقوة«، كما أنه من الصعب فهم هذا التحالف مع الأرندي الذي أصبح في نظرها الحزب الوحيد الذي يدافع عن المصلحة الوطنية ويواجه المنبطحين للخارج ويتمسك بقاعدة 49/51. كلام حنون عن المؤامرات يشبه إلى حد بعيد كلام رئيس الأرسيدي محسن بلعباس الذي اختزل السياسة في الشتيمة، ومن يسمع حديثه عن البوليس السياسي وعن تعهد المخابرات بتحطيم الحزب يخيل إليه أن الأمر يتعلق بقوة سياسية خارقة ترتكز على قاعدة شعبية لا حصر لها، في حين أن الجزائريين جميعا يعرفون حقيقة الأرسيدي. الذي عاقب الأحزاب في الانتخابات هو الشعب الجزائري ونسبة المشاركة تثبت ذلك، وعلى لويزة حنون ومحسن بلعباس وغيرهما من المجتهدين في تبرير الفشل أن يسألوا أنفسهم عن السبب الذي جعلهم يعجزون عن جمع مائة شخص في بعض التجمعات التي عقدوها أثناء الحملة الانتخابية، ثم عليهم أن يتأملوا في نسبة المشاركة لمعرفة أي موقف يتخذه الناس من خطابهم وبرامجهم وحتى منهم كأشخاص. لقد ولى عهد الترويع والتخويف بالحديث عن المؤامرات التي تحاك في الظلام ومخابر الأجهزة السرية التي تتحكم في كل شيء، وإذا كان العمل السري في سبعينيات القرن الماضي قد ترك أثره على بعض الساسة فمن الأفضل للأحزاب المعنية أن تختار قيادات شابة أكثر تحررا من تلك العقد النفسية لأنها ستكون أكثر قدرة على رؤية الواقع ومعالجة الفشل.