الرئاسة تعزي عائلة المرحومة حيزية تلمسي    تزكية عصماني رئيسا لحزب صوت الشعب لعهدة جديدة    مؤسسة ميناء الجزائر تعلن عن فتح أربعة مكاتب قريبا    يوسف شرفة يترأس اجتماع عمل    الإطاحة ب 3 شبكات إجرامية وضبط 100 ألف كبسولة مهلوسات    سايحي يلتقي أعضاء النقابة الوطنية للممارسين الأخصائيين    ممتنّون لجهود الجزائر والرئيس تبون في دعم القضية الفلسطينية    وزير الاتصال يعزّي    انتصار جديد لقضية الصحراء الغربية    رئيس كوبا يشيد بانجازات الدبلوماسية الجزائرية بقيادة الرئيس تبون    القوات البحرية تفتح أبوابها للمواطنين    9 دول تدشّن "مجموعة لاهاي"    الشعب المغربي يسجل انتصارا جديدا في معركته الشرسة ضد التطبيع المخزني-الصهيوني    "العميد" لتعزيز الصدارة و"الترجي" للاستفاقة    مدرب أولمبيك مرسيليا يشيد بصفقة أمين غويري    بن رحمة "سعيد" بالإمضاء لنادي نيوم السعودي    توفير المنتجات الفلاحية بما يناسب القدرة الشرائية    القفطان القسنطيني.. يعانق عبق التاريخ الجزائري العريق    أتطلع لبلوغ العالمية بنافورات تنبض بالحياة    إعادة تشجير غابة جامعة "محمد بوضياف" بوهران    طاقة الأكوان والألوان    حبكة مشوقة بين الأب والابن والزوجة المنتظرة    12 مسرحية.. "من أجل فعل إبداعي مؤثر"    الإذاعة الثقافية تحتفي بالذكرى الثلاثين لتأسيسها    التعريف بالفرص الاستثمارية المتاحة في الجزائر    صناعة صيدلانية: السيد غريب يأمر بالمعالجة المستعجلة للملفات الاستثمارية العالقة    نهب ثروات الشعب الصحراوي: مجلس الاتحاد الأوروبي يقر بعدم شرعية الاتفاقيات المبرمة بين الاتحاد والمغرب    السيد بوغالي يؤكد بأكرا أن الجزائر ستظل في طليعة الداعمين للتكامل الإفريقي    تمنراست : إبراز دور الزوايا الكنتية في المحافظة على الهوية الوطنية وحسن الجوار    باتنة: إطلاق جائزة الشهيد مصطفى بن بولعيد للفن التشكيلي في طبعتها الأولى    معرض "شوكاف" يكشف عن التطور الملحوظ لصناعة الشوكولاتة بالجزائر    كرة القدم : تعيين الجزائري جمال حيمودي مشرفا عاما على قطاع التحكيم في تونس (الاتحادية)    العدوان الصهيوني: ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى ما يقارب 47500 والإصابات إلى أزيد من 111500    قمة التكنولوجيا المالية: مؤسسات ناشئة تقدم حلولا مبتكرة لمواكبة تطور التجارة الإلكترونية    الجمعية العامة العادية للفاف: المصادقة بالإجماع على الحصيلتين الادبية والمالية لسنة 2024    الجزائر العاشرة عربيا و258 عالميا في مؤشر الرعاية الصحية    الحماية المدنية: تراجع في ضحايا حوادث المرور وارتفاع في وفيات التسمم بالغاز    محلات التوابل تستعد لاستقبال الشهر الفضيل    جازي توقع اتفاقية رعاية مع اتحاد بسكرة    رسالة من تبّون إلى بوكو    مستنقع دماء جديد في إفريقيا    سر أهل غزة!؟    قبول 21 ملف تصريح بالترشح    براف المرشح الوحيد لخلافة نفسه    هذا موعد ترقّب هلال رمضان    هذه صفات عباد الرحمن..    تمديد عطلة الأمومة.. مرحلة الجدّ    الشروع قريباً في إنجاز محطة لتحلية مياه البحر    وزير الصحة يُطمئن الأطبّاء    رجال أعمال يبحثون سبل التعاون الجزائري-التركي    840 ألف دينار تكلفة الحج لهذا العام    معسكر: الشهيد شريط علي شريف… نموذج في الصمود والتحدي والوفاء للوطن    إنتاج صيدلاني : حاجي يستقبل ممثلين عن الشركاء الإجتماعيين ومهنيي القطاع    دورة "الزيبان" الوطنية للدراجات الهوائية ببسكرة : 88 دراجا على خط الانطلاق    الشعب الفلسطيني مثبت للأركان وقائدها    فتح باب الترشح لجائزة أشبال الثقافة    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حتى لا يغرق الجميع
نشر في صوت الأحرار يوم 12 - 08 - 2009

الروائح العفنة لأخبار الفساد والفاسدين تكاد تنفذ من بين صفحات الجرائد، ويكاد أنف القارئ الحساس التمييز بين مقادير العفونة والنتانة في كل قضية فساد، ورغم أن كثرة عرض مثل هذه الأخبار قد يجعلها تتدحرج إلى منزلة الخبر العادي؛ إلا أن ذلك لم يحدث، لأن كل قضية فساد جديدة تحمل طعما مقرفا متميّزا في شكله وطريقة تركيبه.
الفساد هو التحدي الحقيقي في كثير من دول عالمنا الثالث، ومن بينها الجزائر بطبيعة الحال، لكن التحدي الأكبر أن هذا التحدي لا يُعامل شعبيا بالقدر الكافي من الاهتمام الإيجابي الذي يولّد الفعل المضاد ويدفع للوقوف في وجه تيارات الفساد الجارفة عبر الاحتجاج المتواصل لدى المسؤولين، حتى إن ظهرت على بعضهم أعراض فيروسات الفساد، وأيضا عبر مقاطعة الفاسدين وحواشيهم وأذنابهم و"المبشّرين بجنتهم" وما أكثرهم في بلادنا هذه الأيام، حيث ترى أحدهم يتحدث عن فلان الذي يستطيع فتح جميع الملفات المقفلة وتمرير كلّ المعاملات العالقة والوصول إلى أعلى الرؤوس وأكثرها تمنّعا وأشدها تعنتا، لتلين بعد ذلك وتتبسط في الحديث وتُخرج الأقلام الذهبية وتوقّع على منح هذا وحرمان الآخر وتأخير المتقدم وتقديم المتأخر.. وفي العادة ينتهي الكلام المباح هنا، فالمتحدث لا يفصح صراحة عن سرّ قوة ذلك الفلان وصولاته في الوصول إلى غاياته.
ربما يعتقد البعض أن الفساد يمس فقط خزانة الدولة العامرة بكل خير مع استمرار تدفق الذهب الأسود من جنوب بلادنا الشاسع المعطاء؛ لكن الحقيقة أن الفساد أكبر من ذلك وأشد ضررا على المواطن البسيط قبل غيره، وذلك عندما يُحرم من حقوقه في البداية وتتأثر المشاريع والخدمات الموجّهة إليه في النهاية، ثم وهو يبتاع لأولاد قرّة عينينه الفاسد والمغشوش من المواد والسلع، لأن لوبيات الفساد تسترت عليها وأجبرت ذلك المراقب أو المسؤول على بلع تقاريره التي كتبها وتكذيب نفسه، ترغيبا أو ترهيبا، وبالتالي تبييض ذلك المصنع أو المعمل وتبرئة تلك السلعة الضارة وتزكيتها وفتح الطريق أمامها للوصول إلى المستهلك.
نعم إنها الحقيقة المرّة، فانتشار الرشاوى كبيرة الحجم يغري الكثير من المسؤولين والمراقبين ويدفعهم إلى أن يكونوا من ذوي "الاحتياجات الخاصة"، صمّا بكمّا لا يسمعون ولا يتكلمون بل أميون لا يقرأون ولا يكتبون.. لا يسمعون عن مفاسد فلان ولا يقرأون ما تكتب الصحافة عن مخازي علاّن، لتبدأ الكارثة بعد ذلك عندما يصبح المواطن مهددا في طعام أولاده وصحتهم وحتى دراستهم وتربيتهم ، فكل شيء عند انتشار الفساد له ثمن. والله وحده يعلم كم من أطنان المواد الغذائية المنتهية الصلاحية تصل إلى بطون المواطنين عدا تلك التي يتمكن من كشفها الشرفاء الأوفياء من رجال الأمن والرقابة.
في مثل هذه القضايا يجنح الكثيرون إلى مقولة "أخطى راسي وأضرب"، ويجهلون أو يتجاهلون أن الأمر يعنيهم بشكل مباشر، فالفساد إذا عمّ وأطبق على كل المناطق لن يستثني أحدا، وعندها سنكون جميعا داخل دائرة الطوارئ، وسينتشر الخوف من كل شيء. وهكذا فجميع أفراد المجتمع مطالبون بالعمل بشكل أو بآخر، وكل حسب جهده وموقعه، على محاربة الفساد وتضييق الخناق عليه خاصة في تلك المواقع أو الإدارات ذات العلاقة المباشرة بالمواطنين ومشاكلهم اليومية وقوتهم ومواصلاتهم وتعليم أبنائهم.
قد يرى البعض أن ملفّ الفساد ثقيل جدا، ولا بد أن تتوافر عند مواجهته جهود وآليات ووسائل كبيرة ليست في مقدور المواطن البسيط ولا تتيسر له سبل الوصول إليها، وهذا الأمر صحيح إذا تعلق الأمر بفتح ملفات كبيرة، لكن محاربة الفساد يمكن أن تكون على جميع المستويات وفي جميع المجالات، ويقوم بها أبسط المواطنين، عبر الامتناع عن أي تعاون مع سدنة وأعوان الفساد على الأقل وهو أضعف الإيمان.
إن آفة الفساد أخطر من أن يٌسكت عنها أو تؤجل المعركة ضدها، وهناك دول كثيرة في عالمنا الثالث وصلت إلى دركات منخفضة جدا من الفساد حيث لم يعد في استطاعتها الانعتاق منها وتلمّس الطريق من جديد نحو الإدارة الراشدة، لأن الفساد كالسرطان إذا انتشر واستحكم لم يعد ينفع معه الدواء ويقضي بالتالي على الجسم كله.. فلنتعاون جميعا على التخلص من هذا الداء الخطير قبل أن يستفحل أمره، وليتذكر كل مواطن أن الوطن في حقيقة الأمر سفينة للجميع ولا يحق لأحد أن يخرق فيها خرقا من هنا أو هناك، بحجة أنه إنما يخرق في الجهة التي يركبها، لأن الماء إذا تسرّب إلى داخل السفينة وتواصل تدفقه في أرجائها؛ أدى إلى غرقها عاجلا أم آجلا، وحتى أولئك الذي لا يشاركون في عمليات الخرق بأنفسهم، فإنهم مساهمون فاعلون في عمليات الخرق ثم الغرق من خلال سكوتهم وسلبيتهم تجاه تصرفات الآخرين المشبوهة وأفعالهم المشينة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.