تعدّ عملية اختطاف الأطفال جريمة وعلى بشاعتها لم تقتصر على الجزائر لوحدها بل تعدّتها لدول عديدة، غير أنها أخذت أبعادا تعدّت حجمها الحقيقي، بعد أن ساهمت أقلام في الرّفع وبشكل مطرد الأرقام الرسمية، التي تتحدّث عن أن 90 بالمائة من حالات الاختطاف المعلن عنها تخصّ حالات الهروب من المنزل الأسري، حبر كبير سال »مهوّلا« أسر آمنة، عقب ما اعتبر مادّة دسمة، تتمثّل في مقتل الطفلتين »شيماء« بزرالدة و»سندس« بدرارية.. تضخيم للمعلومات، افتراء وقصص خيالية لا تمتّ للواقع بصلة تلك التي تداولتها عديد وسائل الإعلام المكتوبة، المسموعة والمرئية، رغم أن التحقيق لا يزال جاريا في الأسباب الحقيقة وراء مقتلهما، تهويل منح عديد التلاميذ المتمدرسين فكرة الهروب من المنزل وفبركة سيناريوهات اختطافهم عشية ظهور النتائج المدرسية خوفا من عقاب الأولياء. جهاز الشرطة تمكّن من إعادة 286 طفلا إلى ذويهم، بعد أن تمّ تحويلهم خلال 11 شهرا من سنة 191 ,2012 طفلا هربوا من المنزل، من بينهم 65 فتاة، أمّا جريمة الاعتداء الجنسي على الأطفال فقد أخذت أبعادا خطيرة بتسجيل ذات المصالح 1608 اعتداء جنسي ضدّ الأطفال خلال ذات الفترة.. هي أرقام نصرّ على نشرها ليس بغرض التهويل الذي انتهجه غيرنا ولكن لتحسيس العائلات، المصالح المختصة والمجتمع المدني الذي يعنى بحماية حقوق الطفولة والدّفاع عنها، بغرض الحدّ من استفحال ظاهرة تنذر بوجود »وحوش آدمية« بين ظهرانينا تستهدف أطفال في حالة خطر. فما نخشاه اليوم ليس الإحصائيات، بل الواقع المعاش الذي لا يبشّر بالخير، أما غياب إرادة سياسية من شأنها تغييره نحو الأحسن، أمام غياب قانون يخصّ الفئة بمواد تبشٍّر بغد أفضل لطفولة تئنّ في صمت، ورغم أنها تمثّل السواد الأعظم من مجموع السكان ببلوغها 13 مليون طفل، إلاّ أنه لا يزال يحكمها اليوم قانون قديم تجاوزه الزّمن. »الإهمال ولا مسؤولية الأولياء« حقيقة تكشفها حوادث اختطاف أطفال أو حتى اختفائهم، ذاك أن الجاني يستغل ظروف الزمن والمكان للانقضاض على فريسة »سهلة وفي المتناول«، ساعده في ذلك غياب الحس المدني أو»ثقافة التبليغ« في المجتمع وانتهاج العديد سياسة »تخطي راسي فقط«، رغم أن الكل من موقعه معني بالحدّ من الظاهرة، التي باتت تحدّق بنا جميعا ولا أحد أضحى في مأمن من الوقوع فيها، بعد أن أثبتت نتائج التحقيقات في عديد القضايا أن المتورّطين فيها من محيط الطفل والمقربين إليه.