سندس، شيماء، ياسر... هم ضحايا أبشع جرائم الاختطاف والقتل التي استهدفت فئة الطفولة سنة 2012 التي تعد السنة التي سجلت فيها جرائم الاختطاف أعلى نسبة. لم تشفع براءة شيماء الطفلة ذات الثماني سنوات، أمام وحشية مختطفيها الذي نكل بجثتها بطريقة بشعة. هذه الطفلة التي هزت قصة مفارقتها الحياة الشارع الجزائري، تعد واحدة من بين حالات اختطاف الأطفال التي سجلتها الجزائر في العام 2012، وهي السنة التي سجل فيها أعلى نسبة جرائم اختطاف في حق هذه الفئة في المجتمع. وإذا كان مصير الطفل ياسر بن عمران الذي لم يتجاوز سنه العامين مجهولا بسبب الغموض الذي يكتنف قصة اختطافه من القرب من منزل أسرته، إلا أن نهاية عملية اختطاف شيماء كانت مأساوية بعد أن تم العثور على جثتها ملقاة في مقبرة بمعالمة بعد أن تم التنكيل بها، الغموض الذي اكتنف قضية مقتل هذه الفتاة فتح ملف اختطاف الأطفال بالجزائر. وقبل أن يتجاوز كل من تعاطف مع قصة شيماء هذه الصدمة نتيجة هول ما وقع لصبية في عمر الزهور، وبعد يومين من الحادثة التي كانت مقبرة بدوار سيدي عبد الله، بمعالمة مسرحا لهه، تم اختطاف الطفلة سندس، التي بدأت حكايتها بالاختطاف وانتهت بالقتل في بيت الأسرة من قبل زوجة عمها التي قامت بخنقها بمنديل وإخفاء جثتها في “خزانة" بعد أن تجردت من كل مشاعر الإنسانية، ولم تتوان في الاعتراف بالجرم المنسوب إليها عقب استجوابها من قبل مصالح الأمن، ليتم اكتشاف بعد ذلك أنها ليست الجريمة الأولى التي تقوم بارتكابها في حق هذه الفئة من المجتمع، بل أقدمت على وضع حد لحياة رضيع سنة 2008، حسب متتبعي هذه القضية. وتعكس الأرقام الرسمية حول هذه الظاهرة المستقاة من مصالح الأمن الوطني، استفحالها في المجتمع الجزائري، حيث تشير الأرقام إلى وقوع 36 عملية اختطاف ضحيتها قصّر، ولا تقتصر - حسب مصالح الأمن - هذه المعطيات على المناطق الحضرية التي تعتبر أقاليم اختصاص مصالح الشرطة فحسب، بل تتعداها لتشمل المناطق شبه الحضرية في ظل إحصاء 231 جريمة من هذا النوع خلال السداسي الأول من السنة الجارية 2012، وعادة ما تنتهي عمليات الاختطاف بالقتل. وتمس نسبة 46 بالمائة من هذه الاختطافات فئة الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و15 سنة، تورط في ارتكابها جيران، وهذا ما تثبته الإحصائيات الرسمية التي تشير إلى أن 21 بالمائة من المعتدين في هذا النوع من الجرائم هم جيران الضحايا. وما بين الاعتداء الجنسي وسرقة الأعضاء البشرية، تبقى الأسباب الظاهرية التي تقف وراء حالات الاختطاف المسجلة خلال سنة 2012 التي نودعها، دون أن تمحى من ذاكرة كل من تعاطف وتأثر بقصة شيماء وسندس اللتين راحتا ضحية اختطاف، إلى جانب بنات قصّر على غرار أميرة حمزاوي، فتيحة، ياسر... وغيرهم كثير. وتشير إحصائيات الجمعيات الناشطة في مجال حماية حقوق الطفل إلى أن 15 حالة تسجل شهريا ما بين اختطاف ومحاولة الاختطاف، وفي هذا الصدد تمكنت مصالح الأمن إحباط محاولة اختطاف فتاتين بكل من ولاية تيزي وزو والعاصمة. هذه الأرقام التي تعكس واقع مجتمع استفحلت فيه هذه الظاهرة التي دبت الرعب في نفوس الجزائريين، وشكلت دافعا لمطالبة رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث البروفسور مصطفى خياطي، الحكومة بإقرار عقوبة الإعدام لكل من يرتكب جريمة اختطاف، قتل واعتداء على هذه الفئة. وحرّك تنامي هذه الظاهرة في المجتمع الطبقة السياسية التي طالبت وزير الداخلية والجماعات المحلية بتقديم تفسير عن أسباب عجز هذه الهيئة في وضع أجهزة ومخططات لحماية الأطفال من الموت القصري، ما قد يؤدي - حسب نائب بحزب التكتل الأخضر - إلى ظهور تنظيمات عرقية لحماية الأطفال ونشر ثقافة الانتقام، وهو ما يتعارض مع مفهوم الدولة المدنية. تمضي هذه السنة تاركة وراءها ذكرى آلام ودموع عائلات فقدت أطفالها في ظل تنامي ظاهرة الاختطاف التي تقض مضجع العائلات الجزائرية في ظل بقاء قانون حماية الطفولة الذي طرح سنة 2005 وبقي مجرد مشروع لم يجد له طريقا للتجسيد في الواقع.