أصيب أكثر من 150 شخص ما بين عناصر الشرطة والمواطنين في أحداث الشغب التي قلبت كيان وهران منذ مساء أوّل أمس وتواصلت في اليوم الموالي، في مواجهات عنيفة ما بين عصابات من المراهقين والقصّر المناصرين لفريق مولودية وهران، ومصالح الأمن المشتركة، وفيما تمّ توقيف أكثر من 140 شخصا من المحرّضين على أعمال الشغب، شهدت مختلف أنحاء الولاية، أعمال تخريب واسعة، طالت الممتلكات العمومية وتمّ استغلال ذلك للقيام بأعمال السطو والنهب، حيث تمّ تحطيم وحرق أكثر من 120 سيّارة، إضافة إلى حرق وتخريب مؤسّسات عمومية ومحلاّت خاصّة. تواصلت أحداث الشغب التي ألهبت شوارع المدينة منذ مساء أوّل أمس، لليوم الثاني على التوالي وسط مواجهات ومشادّاة ما بين المئات من الشباب والقصّر ومصالح الأمن والدرك والجيش بمختلف الشوارع الرئيسية، وكان ذلك عقب الخسارة التي مني بها فريق مولودية وهران، في لقائه مع فريق الشلف، إذ كانت صفّارة الحكم المعلنة عن نهاية المباراة، بداية لنشوب أحداث خطيرة وإنزلاقات خلّفت خسائر معتبرة. وقد خرج مناصرو المولودية إلى الشارع وكان على رأسهم شباب حيّ "الحمري" معبّرين عن غضبهم الساخط حول سقوط المولودية إلى القسم الثاني، واتجهوا مباشرة نحو محطّة الحافلات وسيّارات الأجرة بحثا عن "الشلفاوة" للانتقام منهم، إلاّ أنّ ذلك تطوّر فيما بعد إلى أعمال شغب وحرق وتخريب واسعة، بالتحاق مجموعات أخرى من الشباب، جابت كلّ الشوارع وكانت سببا في إغلاق جميع المحلاّت والمؤسّسات خوفا من تحطيمها وكذا انقطاع المواصلات بعدما أغلقت جميع المنافذ. وبعد ذلك انطلق العشرات من الشباب في أعمال التخريب والتحطيم، وكذا السطو والنهب مثلما حدث بالنسبة لبنك الخليج العربي الذي أنجز حديثا، حيث تمّ تحطيمه عن الآخر والسطو على محتوياته من أجهزة للإعلام الآلي والأثاث، ولم تنجح الطلقات النارية الصادرة عن أحد الإطارات بالجيش الذي يقيم بفيلا مجاورة، في تفريق المتظاهرين، بل تحوّل ذلك إلى هجوم على الفيلا. كما تعرّضت قاعات السينما بشارع "العربي بن مهيدي" للكسر إضافة إلى محلاّت تجارية، وأضرمت النيران بكلّ مكان حتّى أمام مسجد زين العابدين بحيّ "سان بيار"، حيث أحرقت العجلات المطّاطية بكلّ المسالك، بينما تعرّضت حافلات نقل المسافرين في الساعات الأولى من الأحداث للرشق بالحجارة، وخلّف ذلك أكثر من 40 جريحا تمّ نقلهم على مصلحة الاستعجالات. وتفاقمت الأوضاع بعد تدخّل مصالح مكافحة الشغب للسيطرة على هذه الأحداث، حيث وقعت مواجهات ما بين الطرفين، تسبّبت في جرح أكثر من 60 شرطيا، واستدعى ذلك الاستعانة بأفواج إضافية وتعزيزات من طرف باقي المصالح، إذ تدخّلت مصالح الجيش ببلديّة المرسى الكبير، كما تدخّلت فرق الدرك الوطني. ولم تهدأ الأوضاع إلاّ لساعات لتعاود الكرّة ليلا بعد وصول المناصرين الذين كانوا بولاية الشلف، حيث تمّ إحراق شاحنة خاصّة بمصالح الحماية المدنية وبلغ عدد السيّارات التي تعرّضت للحرق والتحطيم والكسر، أكثر من 120 سيّارة. وفي اليوم الموالي أي يوم أمس، ورغم أنّ مصالح الأمن المشتركة غزت الشوارع وتواجدت بكلّ الأماكن الحسّاسة، إلاّ أنّ أعمال الشغب تواصلت وضربت بكلّ من شارع العربي بن مهيدي، شارع مستغانم، وساحة أوّل نوفمبر وسط المدينة، إذ قام المتظاهرون بالهجوم على مقّر المجموعة الولائية للدرك وكذا مقّر مجلس القضاء ورشق مصالح الأمن والدرك بالحجارة، ولم تنجح هذه الأخيرة في تفريقهم باستعمال القنابل المسيلة للدموع التي انتشرت غازاتها بكلّ مكان، واستعمال الجرّافات والهراوات، حيث اعتمد المتظاهرون الذين كانوا يردّدون عبارات السبّ والشتم، على أسلوب الكرّ والفرّ مختفين بحيّ "ليسكور" القريب. إلى جانب هذا تمّ بعد منتصف نهار أمس إحراق مقّر البلدية المتواجد على مستوى حيّ "الحمري" رغم تطويقه من طرف عناصر مكافحة الشغب، وكذا تحطيم عدد كبير من محطّات البنزين وتواصلت هذه التوتّرات والمواجهات إلى ساعات متأخّرة من مساء أمس، بينما تعرّض الوالي للرشق بالحجارة وسط المدينة. وأمام هذه الانزلاقات، اضطرت مصالح الأمن إلى إغلاق جميع الطرقات وتوقيف السيّارات والحافلات عن المسير خوفا من تعرّضها للحرق والتخريب، وبدت الشوارع خالية ومحلاّتها مغلقة باستثناء المئات من الشباب الذين تجمّعوا بها والمواطنين الذين اضطروا إلى قطع مسافات طويلة مشيا على الأقدام لقضاء حوائجهم، فيما دخل العمّال والموظّفون بالمؤسّسات العمومية والخاصّة في عطلة مؤقّتة.