انتقد الزعيم الليبي معمر القذافي الردود الغربية على الطريقة التي استقبل بها عبد الباسط المقرحي المدان في قضية لوكربي لدى عودته إلى طرابلس، في حين نفت الخارجية البريطانية تصريحات نجل الزعيم الليبي بأن إخلاء سبيل المقرحي كان شرطا في العقود التجارية بين ليبيا وبريطانيا. وجاءت تصريحات القذافي أثناء استقباله المقرحي وأسرته أول أمس الجمعة حيث نقل عنه مديحه القضاء الأسكتلندي الذي »أثبت استقلاليته وامتلك الشجاعة لاتخاذ القرار بعودة المقرحي إلى بلاده بسبب وضعه الصحي رغم الضغوط غير المنطقية والمرفوضة التي مورست عليه«. ونقل عن القذافي أيضا انتقاده الحاد للمواقف الغربية بشأن الطريقة التي استقبل بها المقرحي الخميس الماضي لدى عودته إلى طرابلس مستغربا الحديث عن المشاعر الإنسانية وإصرار الطرف الآخر على القول ولو بطريقة غير مباشرة إن »الليبيين لا مشاعر لهم«. واتهم القذافي الأصوات المعترضة على الطريقة التي استقبل بها المقرحي بالكيل بمكيالين متسائلا أين كانت هذه الأصوات عند استقبال الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني المتهمين بحقن أطفال ليبيين بفيروس الإيدز بعد الإفراج عنهم؟ ومن جانبه وفي لقاء مع جريدة تايمز البريطانية نشر أمس، تعهد المقرحي بتقديم أدلة جديدة تبرئه من علاقته بقضية »لوكربي«، كما رفض الغضب الدولي بشأن الإفراج عنه لأسباب إنسانية بسبب إصابته بالسرطان. وقال المقرحي إنه على الرئيس الأمريكي باراك أوباما والآخرين أن يعلموا بأنه لن يفعل أي شيء سوى الذهاب للمستشفى للعلاج وانتظار الموت. يشار إلى أن المقرحي هو الشخص الوحيد الذي أدين بقتل ركاب طائرة تابعة لشركة بان أميركان -وعددهم 259 شخصا- بالإضافة إلى 11 شخصا على الأرض عندما انفجرت الطائرة فوق بلدة لوكربي الأسكتلندية عام 1988. ومن جهة أخرى قال سيف الإسلام -نجل الرئيس الرئيس الليبي الذي رافق المقرحي في طريق العودة إلى طرابلس- إن إطلاق سراح الأخير يرتبط بمصالح تجارية بين طرابلس وبريطانيا، مشيرا إلى أن المقرحي كان دوما على طاولة المفاوضات في "كافة العقود التجارية للنفط والغاز". بيد أن المتحدث باسم مكتب رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون نفى بشدة هذه المعلومات، مؤكدا أنه لم تكن هناك أي صفقة وراء إطلاق سراح المقرحي وأن الأمر كان على الدوام مرتبطا بالحكومة الأسكتلندية. وكان وزير الخارجية البريطاني ديفد ميليباند رد بغضب شديد يوم الجمعة على تقارير إعلامية قالت إن حكومة بلاده كانت ترغب بإطلاق سراح المقرحي من أجل تحسين علاقتها الاقتصادية مع ليبيا الغنية بالنفط. يشار إلى أن الحديث عن وجود صفقة وراء الإفراج عن المقرحي جاء بعد تسريبات إعلامية أشارت إلى لقاء تم مؤخرا بين سيف الإسلام والسكرتير التجاري للحكومة البريطانية اللورد بيتر ماندلسون في جزيرة كورفو اليونانية بينما كان نجل الزعيم الليبي يقضي إجازته هناك. وكشف سيف الإسلام أن مسألة الإفراج عن المقرحي تعود أصلا إلى عهد رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير الذي أثيرت معه هذه المسألة في كل مرة زار فيها ليبيا وكان آخرها -بصفته رئيسا للوزراء- في ماي 2007. وفي الولاياتالمتحدة أعلن ذوو الضحايا الذين سقطوا في حادثة لوكربي عزمهم تنظيم مظاهرة كبيرة في نيويورك بالتوازي مع قيام الزعيم الليبي معمر القذافي بإلقاء كلمة بلاده في قمة الأممالمتحدة بسبب الإفراج عن المقرحي والطريقة التي استقبل بها في طرابلس الغرب. وكانت الإدارة الأميركية انتقدت الاستقبال الحافل للمقرحي ووصفته بأنه أمر يثير »الاستياء« و»التقزز«. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس إن الولاياتالمتحدة ستواصل مراقبة تصرفات هذا الشخص وتصرفات الحكومة الليبية، مؤكدا أن واشنطن تعتبر الصور التلفزيونية التي بثت عن استقبال المقرحي »إساءة بالغة« للأمريكيين وخاصة لذوي الضحايا.