لم يصدر عن قمة الثمانية ما تمنته المعارضة المسلحة في سوريا، لم يرد ذكر لشرط رحيل الأسد، بل إن البيان أوحى بأن الحل السياسي المنشود يجب أن يشارك في صياغته الجميع دون استثناء، وحتى دعوة التسليح من أجل وقف زحف الجيش السوري على معاقل المعارضة يبدو أن مصيرها التجاهل. الأولوية التي أصبح يركز عليها كبار العالم هي محاصرة الإرهاب في سوريا، ومن الغريب حقا أن يصل الأمريكيون والأوروبيون أخيرا إلى تصديق ما كانت تردده الحكومة السورية منذ عامين عندما قالت إن القوات النظامية تتصدى للجماعات الإرهابية التي اجتاحت سوريا، ومن المضحك أن يقتنع الغرب أن الرئيس بشار الأسد الذي كان مطالبا بالرحيل، والذي كانت أيامه معدودة قبل عامين، هو طرف أساسي في الحل، وسيكون بوسعه البقاء في منصبه إلى نهاية ولايته في سنة ،2014 في انتظار ما سيقوله الاتفاق المفصل حول مصيره بعد ذلك. السذج والأغبياء الذين ذهبوا للقتال في سوريا توقعوا احتفالا سريعا بالنصر، ولعل صور مسلحي ليبيا وهم يحتفلون بدخول طرابلس وسائر المدن الليبية بعد سقوط نظام القذافي أثارت حماسهم، غير أن توقعاتهم خابت، لم يستسلم الجيش السوري، ولم ينقسم رغم الحملة الدعائية الشرسة التي تحدثت عن انشقاقات بالجملة، كما أن الذين ذهبوا إلى القتال جهادا في سبيل الله أو حربا على الديكتاورية، لم يجدوا الدعم الذي توقعوه ولا الترحاب الذي انتظروه، وقبل أن يجدوا منفذا للهرب أتت عليهم آلة الحرب التي طلبوها فسحقتهم دون رحمة، والذين نجوا ينتظرون جزاء سنمار بعد أن أجمع الغرب على مكافحة الإرهاب، وكل عاشق للقتال هو في نظر الغرب إرهابي مذموم. لا مبادئ ولا أخلاق في السياسة، كل شيء يقاس بالمصلحة، ومن سوء حظ دعاة حقوق الإنسان والديمقراطية أن مصلحة الأقوياء هذه الأيام هي في الحل السياسي الذي لا يقصي إلا أولئك الذين يوصفون بالإرهابيين، بتعبير آخر أولئك الذين قرروا القتال في معركة لا يعرفون أهدافها ولا من يحرك خيوطها.