المجزرة التي ارتكبتها قوات الناتو في أفغانستان هي جريمة ضد الإنسانية لا يمكن أن تسقط بمجرد إجراء تحقيق، فقد أقدمت طائرات الغزاة على قصف المدنيين وقتلت العشرات منهم في عملية مشابهة لعشرات الجرائم التي ارتكبها الغزاة في حق الشعب الأفغاني خلال السنوات الثماني الماضية، وقد كان استهداف المدنيين جزء من الإستراتيجية العسكرية للأمريكيين وحلفائهم في أفغانستان والعراق وفي كل مكان في العالم. تقول التقارير الإعلامية الواردة من قندوز التي شهدت المجزرة إن مقاتلي حركة طالبان استولوا على صهريجي نفط ودعوا السكان إلى التزود بالوقود فجاءت طائرات الناتو وقصفت الموقع، وهذه الرواية تختزل صورة أفغانستان اليوم، فمقاتلو طالبان يسيطرون على أجزاء واسعة من البلاد، وهم يحظون بثقة الشعب الأفغاني في أماكن عديدة لأن النظام الذي أرساه الغزاة ظهر، كغيره من الأنظمة التي يفرضها الاحتلال، فاسدا وعاجزا وعميلا للأجنبي، وعندما تدعو طالبان السكان للتزود بالوقود فهي تريد أن تؤكد بأنها رفعت السلاح من أجل الأفغان وأنها تدافع عن شعبها، ويأتي قصف الناتو ليعري الغزاة ويظهرهم على حقيقتهم كقتلة يمارسون حرب الإبادة دون تمييز. الهزيمة تحيق بأمريكا وحلفائها في أفغانستان، والجرائم التي ارتكبت في حق المدنيين كانت سببا في التفاف الأفغان حول حركة طالبان بعد سنوات من الإطاحة بحكمها، والحديث عن تحقيق ستجريه قوات الناتو هو محض نفاق سيؤكد مرة أخرى للأفغان أنهم يواجهون غزاة مجرمين، وبكل تأكيد فإن التحقيق المزعوم سينتهي إلى ما انتهت إليه تحقيقات مماثلة في الجرائم السابقة التي استهدفت المدنيين، فالتاريخ يخبرنا عن أساليب أمريكا وحلفائها في حروبهم القذرة حيث يتحول المدنيون إلى أهداف سهلة يتم اصطيادها انتقاما من المقاتلين الذين يتبخرون بعد كل عملية دون الإمساك بهم. مع سقوط كل مدني بريء في أفغانستان أو العراق أو في أي مكان آخر تتأكد هزيمة أمريكا والحلف الأطلسي، ومع كل مجزرة تتأكد الشعوب التي ترزح تحت نير الاحتلال أن الحكومات العميلة إنما جاءت لتبرير جرائم الغزاة وأن البديل الوحيد لاستعادة الحرية والكرامة هو المقاومة.