قوات الناتو عادت إلى قتل المدنيين، العشرات من الضحايا سقطوا منذ بداية الهجوم على طالبان، وفي آخر غارة قتل قرابة ثلاثين شخصا في غارة جوية على حافلات للمدنيين، وككل مرة سيطوى الملف بتقديم تبريرات تؤكد أن أرواح المدنيين الأفغان لا تساوي شيئا في نظر الغزاة. الغربيون يفرون من الأرض إلى السماء، فسلاحهم المفضل الطائرات التي تجعلهم يلقون بالموت دون تحمل مخاطر القتال على الأرض، والحديث عن أخطاء هو مجرد كذب، فهذه الأخطاء تتكرر منذ سنوات، والتحقيقات لا تفضي إلى شيء، ومع مرور الوقت أصبح مؤكدا أن قتل المدنيين هو جزء من الخطط العسكرية للقوات الغربية، حدث هذا في العراق، وفي فلسطين، وفي كل الدول التي تعرضت للغزو من قبل هذه القوات، وهذا السلوك الإجرامي قاسم مشترك بين القوات الأمريكية، وقوات الناتو، وكل الحلفاء الذي يسيرون خلفهم. قتل المدنيين هو رسالة واضحة يوجهها الغزاة إلى الأفغان، مفادها أن الموت هو ثمن مساندة طالبان أو اتخاذ موقف محايد مما يجري في البلد، وقتل المدنيين هو الذي كشف الوجه الحقيقي للغزاة وجعل طالبان تسيطر على معظم الأراضي الأفغانية بعد قرابة عقد من الإطاحة بحكمها، وقتل المدنيين هو الجواب الوحيد الذي يملكه جنود وضباط وقادة الحلف الأطلسي على العمليات العسكرية التي تشنها طالبان في مختلف أنحاء البلاد، ومن المهم هنا أن يقارن دعاة الديمقراطية والقانون حقوق الإنسان بين أعداد المدنيين الذين قتلتهم طالبان منذ سنة 2001 وأولئك الذين قتلتهم طائرات وصواريخ الغزاة، لكن لا أحد يهتم بهذا الأمر، فمقتل المدنيين في أفغانستان هين مادام الضحايا يتعاطفون مع طالبان. لا نعرف موقف القانون الدولي من هذه الجرائم المتكررة، فالجهة التي تحقق هي الجهة القاتلة، والمطالب بالكف عن هذه العمليات هو رئيس ضعيف يقوم حكمه على دعم الغزاة، والمحاكم الدولية لا يمكن أن تنظر في هذه المسائل لأن الغرب لا يمكن أن يقتل المدنيين إلا إذا كانوا يستحقون الموت فعلا، وهكذا هو الشعب الأفغاني في نظر الغزاة.