يعيش عمال التربية في عمومهم حالة من التذمر والاحتقان بسبب الجمود الذي اصطدمت به مطالبهم المهنية الاجتماعية، التي بعضها معلق على مستوى وزارة التربية الوطنية، وبعضها على مستوى السلطات العمومية الأخرى، وهي الحالة العامة التي عبّرت عنها بوضوح تام نقابات التربية عبر البيانات الصادرة عنها مؤخرا ، وعن المجالس واللجان الولائية، التي كانت لها جمعياتها العامة، وبياناتها الخاصة، وقد صبت كلها في اتجاه واحد، وهو الاستعداد لمرحلة جديدة من الاحتجاجات والإضرابات. أجمعت نقابات التربية الوطنية على اختلاف الشرائح العمالية التي تمثلها بالقطاع على أن جميع الأساتذة، والمفتشين، والمستشارين، والأسلاك المشتركة، والعمال الإداريين والمهنيين، وغيرهم هم اليوم في حالة كبيرة من التذمر والاحتقان من الموقف الراهن لوزارة التربية الوطنية والسلطات العمومية الأخرى من مطالبهم المهنية الاجتماعية، التي يرون أن وزارة التربية والسلطات العمومية الأخرى المعنية قد أحالتها على الجمود والركود، رغم أنها وفق ما يؤكدون باستمرار أنها مطالب قانونية ومشروعة، وغير تعجيزية في حال توفرت النية والإرادة الحسنة لدى الجهات المعنية. وفي ظل هذا الوضع المكهرب، وهذه الحالة غير المرضية التي هم عليها من نهاية السنة الدراسية الماضية، لجأت الاتحادات الولائية لنقابة اتحاد عمال التربية والتكوين )إينباف( إلى عقد الجمعيات العامة، التي ضمت كل الشرائح العمالية، وقد أعادت كلها التأكيد على تمسكها بالمطالب الوطنية والمحلية المُعبر عنها في بياناتها ولوائحها السابقة، وقد أكدها من جديد رئيس الاتحاد الوطني الصادق دزيري في الجمعية العامة التي عقدها الاتحاد الولائي لولاية بسكرة يوم 28 سبتمبر المنتهي. وسواء انطلقنا من هذه الجمعية العامة المنعقدة ببسكرة، أو من الجمعيات العامة التي عقدتها ولايات المسيلة، أدرار، بشار،عين الدفلة، الطارف، البويرة ، تيزي وزو، وغيرها من الولايات الأخرى، فإنها كلها وبدون استثناء تؤكد تمسكها بالمطالب الوطنية المرفوعة، والتفافها حول قيادتها الوطنية، وتدعو إلى شنّ حركات احتجاجية في أقرب وقت ممكن، وهذا هو نفس المنحى الذي أقرته نقابة المجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني )كناباست( ، حيث أنها كانت أعلنت في آخر بيان لها أنها ستشل مؤسسات التربية كخطوة أولى ليوم واحد، وهو يوم 7 أكتوبر الجاري يتجدد آليا من دون العودة إلى المجلس الوطني، الذي هو صاحب السلطة في اتخاذ كافة القرارات، ويكون هذا الإضراب المعلن عنه متبوعا بعد يومين من تجمع وطني لكافة أساتذة القطاع أمام مقر وزارة التربية الوطنية. وحسب المعلومات الأولية لدينا من الآن، فإن نقابة »كناباست« اضطرّت للقيام بهذا الإضراب منفردة، من غير أن تشاركها فيه وبشكل متزامن مثلما جرت العادة نقابة الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين )إينباف(، ويعود هذا ربما لبعض الاهتزازات الملحوظة التي مست العلاقة التي تحكم النقابتين منذ أن أقرت نقابة »كناباست« التوسع إلى أساتذة طوري التعليم الابتدائي والمتوسط . لكن هذا لا يعني أن اتحاد عمال التربية والتكوين سوف يرتدّ عن خيار الاحتجاج والإضراب، بل العكس هو الحاصل، ذلك أن جميع عمال القطاع، وهم الأكثر تمثيلا وأعدادا في هذه النقابة كلهم وبدون استثناء يطالبون باستئناف الاحتجاجات والإضرابات، بدءا بمديري ونظار الثانويات والمتوسطات والابتدائيات، وانتهاء بالأسلاك المشتركة والعمال المهنيين وأعوان الأمن والوقاية، وينتظر أن تُحال كافة الحوصلات والتوصيات المتخذة من قبل المجالس الولائية للنقابة على دورة المجلس الوطني للاتحاد التي ستنعقد قريبا، ومن الآن سيكون الذهاب إلى الاحتجاج والإضراب هو خيار الاتحاد الأول وربّما باقي النقابات الأخرى.