شهدت العاصمة الليبية طرابلس أمس إضرابا عاما احتجاجا على الأحداث الدامية التي شهدتها منطقة غرغور جراء إطلاق مجموعة مسلحة النار على متظاهرين طالبوا بخروج التشكيلات العسكرية غير الشرعية من المدينة في الوقت الذي أعلن فيه الجيش سيطرته على الوضع. وكانت العاصمة الليبية طيلة اليومين الماضيين مسرحا لاشتباكات دامية خلفت 43 قتيلا و461 جريحا، اندلعت شرارتها عقب صلاة الجمعة عندما خرج مواطنون مدنيون فى مسيرات سلمية باتجاه مقر إحدى المليشيات فى منطقة غرغور استجابة لنداء الأئمة للمطالبة بسحب الأسلحة من أيدي المليشيات وتسليمها للسلطات المركزية قصد إنهاء سيطرة الجماعات المسلحة ومن أجل استعادة الهدوء والمضي فى بناء دولة المؤسسات. وانسحبت أمس الكتيبة المسلحة التي كانت متواجدة بمنطقة غرغور في العاصمة الليبية طرابلس، وذكر مصدر أمني أن عناصر الكتيبة أخلت جميع المقرات التي كانوا يشغلونها وانسحبوا من المنطقة، مشيرا إلي أن بعض المقرات والآليات التي كانت تحت سيطرة القوة المسلحة تعرضت لعمليات حرق وإتلاف. وتعيش مختلف مناطق العاصمة الليبية منذ أمس ولمدة ثلاثة أيام حدادا على أرواح أبناء ليبيا التي عجزت السلطات الحاكمة بها عن بسط سيطرتها على الأرض بعد مرور سنتين على الإطاحة بنظام الراحل معمر القذافي كما فرضت غرفة عمليات ثوار ليبيا حالة الطوارئ في العاصمة لمدة 48 ساعة. وذكرت تقارير إعلامية أن شوارع العاصمة ووسطها خلت أمس من المارة فيما شوهدت أعداد قليلة من السيارات تتحرك وأقفلت المدارس والمصارف ومعظم المؤسسات الحكومية والمحال التجارية باستثناء تلك التي تقدم خدمات يومية للسكان مثل الصيدليات والمخابز. من جانبها أعلنت رئاسة أركان الجيش الليبي أنها تدخلت في منطقة غرغور وساهمت في فض الاشتباكات الدامية التي شاركت فيها قوات قدمت من مصراتة بضواحي طرابلس لدعم كتيبة تابعة لها متمركزة في العاصمة تعتبر مسؤولة عن إطلاق النار على المتظاهرين. وقالت رئاسة أركان الجيش الليبي في بيان رسمي أنها قامت بواجبها حسب استطاعتها وإمكانياتها حيث كلفت بعض الوحدات التابعة لمنطقة طرابلس العسكرية بالفصل بين الطرفين التشكيلات المسلحة والمتظاهرين بمنطقة غرغور. وكان رئيس الحكومة الليبية المؤقتة على زيدان قد دعا إلى إخراج كل المظاهر المسلحة خارج العاصمة طرابلس غداة اشتباكات غرغور التي وصفت بأنها الأسوأ في العاصمة منذ شهور قائلا فى ندوة صحفية أمس الأول إنه يجب على كافة الكتائب المسلحة من أي مدينة أن تخرج من طرابلس ولا توجد استثناءات لأي كتيبة بحسبه. وأثارت المواجهات والانفلات الأمني الذي تشهده ليبيا قلقا لدى المجتمع الدولي الذي دعا جميع الأطراف إلى ضبط النفس والى نزع سلاح الميليشيات. ودعت رابطة علماء ليبيا في بيان لها الجيش الليبي الى تحمل مسؤولية سرعة نزع سلاح الكتائب باعتباره الجهة الشرعية المعنية بهذه الأمور، ومن جهتها أدانت الولاياتالمتحدة على لسان وزير الخارجية جون كيري استخدام العنف بكل أشكاله ودعت كل الأطراف إلى ضبط النفس وإعادة الهدوء. وأعربت الحكومة البريطانية عن إدانتها لأعمال العنف التي شهدتها العاصمة الليبية وأهابت بكافة الأطراف ضبط النفس والامتناع عن أي أعمال عنف أخرى، وبدورها أكدت الحكومة الإسبانية أن السلطات الليبية التي تحظى بالدعم الإسباني والأوروبي والدولي مدعوة لأن تتحمل مسؤولياتها في الحفاظ على السلم القومي والتوصل إلى توافق وطني.