أجمع عدد من المثقفين عما نجم مما يعرف بالربيع العربي ، الذي قلب الموازين وجعل المثقف يتخبط في دواليب القرار السياسي نتيجة ما خلفته الأنظمة الاستبدادية التي عمرت وجعلت من الشاعر والكاتب والروائي أي المثقف عامة يعاني التهميش واللامبالاة ويبقي يتصارع بين مد وجزر، وهذا ما أجاب عنه البعض في سؤال تعلق ب »لماذا بقي المثقف العربي بعيدا عن الأحداث التي يعيشها الوطن العربي « ؟. محمد سعيدي مدير دار'' نشر ترجماكس'' نحن بحاجة إلى تأصيل الفكر من منطلقات ذاتية وأدوات علمية المثقف العربي مغيب من كل دواليب القرار السياسي وهو كذلك كل ما يجري من أحداث يصب في مصب السلطة ، المثقف لا يستطيع أن يتحرر بشكل واسع، فلا بد أن تكون هناك قنوات الاتصال ، الإعلام، الشاشات الإذاعات ، الأماكن الإبداعية كالمسرح والسينما، حيث يسمح له بالإنتاج الثقافي الاّ إذا كان هناك نصيب في المعين السياسي، فإذا كان هناك عروض في الفنون التشكيلية مثلا تعالج في محتواها انتقادات المجتمع والأوضاع السياسية لأنها تُساءل هذه الأوضاع . فبإمكاننا أن نقول: »ماهو مخيال المثقف وهو من صميم المجتمع ومن الأمة وأماله «. فإذا كان إبداعه يعبر بكل إرهاصاته فانه لن يجد له منفذا للعروض وستسد أمامه كل فضاءات التعليم وهذا هو الشأن بالنسبة للسينما والمسرح والكتابة والرواية والشعر ، الطريق غير نافذ واكبر الأقلام لم يكن لها صدى إلا من خلال الانطلاق من الخارج، فحتى في مجال الغناء، فهل يكتب ادونيس في بلده. هل وجد الراحل يوسف شاهين التمويل في بلده، المثقف يعيش انحصارا في وطنه ومُدَاهَمُ يوميا في فكره وتحركاته لكن لا نفهم لماذا لم يتفاعل المثقف العربي مع تحركات الشعب الذي ولد المثقف العربي . لا طالما المجتمع المدني غير مهيكل فلا يُرجي شيئ كبير ما بعد الثورة لأننا نرى في الواقع وفي هذه الثورات بالذات غياب الريادة النوعية وربما ينتظر أن تقال هذه الثورات لخدمة مصالح غير مصالح الشعوب التي قامت من اجل تحريرها.فمن اجل تحقيق أهداف صحيحة لا بد من وجود فكرة ، تصور ، برنامج ثم عمل ميداني هذه العملية تقام وتتحقق الا بعد خمس سنوات وهناك غلق ذكي للسياسية ، فرغم كل المخابر الفكرية الموجودة في الوطن العربي وهو تفكر من منطلق الغرب لأن القائمين على تفعيلهم لم يتخلصوا ثقافيا بعد من التأثير الغربي بالمدرسة الفكرية الإستشراقية الغربية ،نحن بحاجة إلى تأصيل الفكر من منطلقات ذاتية وأدوات علمية ، وقد نستعين من خارج الرقعة العربية ، فلا بد من أن تكون هناك نزاهة علمية ولا بد أن ندرك أن هناك لكل بلد رقعة جغرافية لها خصوصياتها ولا يمكن أن نعمم كل شيء على المثقف فالطابع يختلف ، فحاليا وخلال هذه الفترة والنقلة التي يشهدها الوطن العربي، لا بد أن تكون هناك شهادات عليا كالدكتوراه لتعالج هذا السؤال فهل فعلا شباب »الفايس بوك« متؤثيرين بما يحدث بالداخل والخارج؟ ، فمن منظاري لي مخاوف من التعميم وسلوكات المثقف العربي تختلف من بلد إلى آخر من حيث السياق التاريخي والجغرافي والسياسي فلا يجب التعميم كي لا نقع في الخطأ وندرك الأشياء من واقعها من خلال دراسات معمقة صحيحة قائمة على أسس معينة. الروائي لحبيب السايح المثقف النزيه لم يتخلف في أية لحظة عن دخول معركة إعادة بناء الذات العربية شخصيا أرى أن السؤال معمم بشكل لا يسمح بأن يظهر لأن هناك مثقفين آخرين غير اللذين يبدون ساكتين يشاركون يوميا وكل ساعة في الأحداث التي يعانيها العالم العربي من خلال كتاباتهم التي تصدر سواء في شكل مقالات أو في شكل زوايا صحفية يومية أو في شكل قصائد أو في شكل قصص وروايات وفي شكل روايات كما هو الأمر معي غير أن الذي يجعل الرأي العام لا ينتبه إلى هذه الإسهامات هو أن المقروئية في العالم العربي متدهورة جدا وهذا هو المشكل لأن هناك أسباب كثيرة جدا لعل أهمها طُغيان الصورة . أنت تلاحظين أن الإنسان العربي صار يجلس أمام جهازه لمدة ساعات وربما يسهرا ليلا متنقلا بين فضائية وأخرى من غير أن يلتفت إلى ما يكتب من حوله لماذا لا يظهر المثقف العربي، حيث لا يشارك في الأحداث فالجواب هو هناك مثقفين غير مرتبطين بالأنظمة إذ لا يسمح لهم بالظهور في تلك الفضائيات أو أنهم غير مرتبطين بالمصالح والأجندات التي تُسير تلك الفضائيات ولذلك أعود وأقول أن المثقف العربي النزيه الواعي، لم يتخلف في أية لحظة عن دخول معركة إعادة بناء الذات العربية المهمشة. الروائي بشير مفتي الكثير من المثقفين العرب تجاوزتهم الأحداث لأنهم تكيفوا مع الأوضاع القديمة أظن بأن المثقف العربي لم يكن بعيدا عن كل ما حصل في الآونة الأخيرة إلاّ أن حضوره لم يكن ميدانيا بصفة عامة كما لم يكن محبذا من جهة أخرى ، إذ لا نجزم بغيابه، حيث كان حاضرا فيما يكتبه وبما يحاول أن يدلي به من آراء ، لأن الأحداث جعلت من الوضع يسيطر عليه الشباب بصدورهم العارية الذين خرجوا إلى الشارع، فكانت مشاركة المثقفين موجودة منهم من راح إلى معركة الحدث رافضين عهد الاستبداد والظلم سواء في مصر وتونس وغيرها، والكثير منهم من كان في أوائل المعركة والساحة وهناك من اتجه إلى الكتابة لأنها شيء مقدس يستطيع أن يوجه الشباب إلى بناء المجتمعات العربية والكثير من المثقفين العرب تجاوزتهم هذه الأحداث لأنهم تعايشوا مع الأنظمة الاستبدادية تكيفوا مع الأوضاع القديمة حيث لم يستطيعوا أن يفهموا ما حصل أمامهم وبالتالي كان هناك مؤيد ومعارض فيما يحصل للوطن العربي، ولا يمكن أن نعمم حيث الوضع يختلف من بلد إلى آخر . ومن هذا المنطلق تغييب رؤية الحقيقة حيث يصعب التفسير لا يتبين الخيط الأبيض من الأسود وهناك من كان في صف التغيير وهناك من كان لا يستطيع أن يساير هذه الأوضاع.... ... الكاتب أحسن ثليلاني لا نملك مثقفين متنورين شجاعان المفروض أن المثقف هو عين الأمة يستوعب تاريخها ويفهم حاضرها ويستشرف مستقبلها ، لكن للأسف الشديد ليس هو حال المثقف العربي بشكل عام فالملاحظ أن المثقف تابع للسياسي غارقا في مشاكله اليومية بعيدا عن حياة المجتمع وهذا لأسباب عديدة منها: الأنظمة الاستبدادية للأمة العربية تمهج على المثقف يخاف ويُجبن ولا ينخرط في المشاكل السياسية ، أما السبب الثاني يتعلق بتكوين المثقف عندنا فهو تكوين ضعيف فنحن لا نملك مثقف قار متنورين شجعان لا يخافون في الحق لومة لائم على غرار المثقفين الأوروبيين اللذين أسسوا للنهضة في أوروبا ، في حين السبب الثالث في نظري غياب الرؤية الواضحة نظرا لعدم توفر المعلومات