الشيخ عبد الله جاب الله يرى في مقاطعة الانتخابات ردا مناسبا على ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة، وحسب رأيه فإن المشاركة في الانتخابات على ضوء المعطيات الحالية تكرس الرداءة وتشجع التجاوزات من طرف السلطة ولا تخدم البناء الديمقراطي. كثير من المعارضين يشاطرون جاب الله رأيه، فهم يقولون دعوا بوتفليقة في الانتخابات وحيدا حتى يكون انتخابه بدون مصداقية، وهم يقولون أيضا أن المشاركة في انتخابات معروفة النتائج سلفا سيكون تزكية لمرشح السلطة الذي لن يجد أي صعوبة في الفوز على منافسيه. قد يكون كل هذا الكلام صحيحا، وقد لا تكون الإدارة بحاجة إلى تزوير الانتخابات لتثبيت بوتفليقة في منصبه إن ترشح، لكن يبدو الجميع في مأزق، فالقرار الذي اتخذه ستة مرشحين للانتخابات الرئاسية لسنة 1999 بالانسحاب، وجاب الله كان من ضمن هؤلاء، لم يغير في الوضع شيئا، فاز بوتفليقة بالانتخابات، وتم التشكيك في نسبة المشاركة، لكنه بعد ذلك بقي في السلطة 15 عاما، وأكثر من ذلك هو الآن لا يجد منافسا جديا يمكن أن يكون بديلا حقيقيا في الانتخابات التي ستجري بعد أقبل من ستة أشهر من الآن. مقاطعة الانتخابات ليست حلا الآن، فقد تم اللجوء إلى هذا الخيار ولم يتحقق أي شيء من ورائه، والدعوة إلى عدم الترشح للانتخابات فقدت معناها من الآن لأن هناك فعلا من ترشحوا، وسيترشح آخرون لا محالة، ثم إن القول بأن البلاد تواجه خطرا حقيقيا بسبب هذا الوضع لا ينسجم مع الدعوة إلى ترك بوتفليقة وحيدا في الانتخابات لأن ذلك يعني الموافقة على استمرار الوضع الحالي الذي ينذر بالكارثة حسب خطاب المعارضة. المأزق الذي تعيشه المعارضة حاليا هو نتيجة منطقية لتقاعسها خلال السنوات الماضية، فالعمل السياسي الذي يقتصر على المناسبات الانتخابية لا يمكن أن يفضي إلى تغيير حقيقي، والهروب خوض معركة البناء الديمقراطي هو الذي أفرغ العمل السياسي من محتواه، والأسوأ من هذا كله أنه كان سببا في هجر الجزائريين للسياسية واستقالتهم من الشأن العام، وهذه ورقة رابحة في يد من يحكمون.