تحولت أجهزة الغاز في الجزائر من وسيلة للتدفئة إلى أداة للموت ، تحصد أرواح مئات المواطنين سنويا ومن كل الأعمار، حيث أحصت مصالح الحماية المدنية 397 حالة وفاة منذ بداية موسم البرد تسببت فيها هذه الأخيرة، جراء سوء استعمالها أو استنشاق غاز أحادي أكسيد الكربون حيث تتضاعف هذه المخاطر بشكل كبير خلال موسم البرد، فيما أحصت مصالح الأمن 231 حالة وفاة في نفس الفترة وكلها ناجمة عن نقص النظام الوقائي واستعمال وسائل غير مضمونة. ما أن تنخفض درجات الحرارة حتى ترد معها أخبار حوادث الاختناق بالغاز، والأمر لا يقتصر فقط على المناطق الداخلية للوطن كما قد يعتقد البعض، فالعاصمة وحدها تسجل حصيلة ضخمة نهاية كل شتاء. وبينما تشير أصابع الاتهام كالعادة إلى الأجهزة المغشوشة والمقلدة، يبقى المتهم الأكبر في سقوط الضحايا ووقوع الحوادث المأساوية هو العنصر البشري. باعتبار أن 80 بالمائة من حوادث الإختناق بالغاز المحروق سببها اللامبالاة من طرف المواطنين. سوء التعامل مع الأجهزة يضاعف خطر الاختناق من أسباب حوادث الاختناق بوسائل التدفئة هو سوء التعامل معها من طرف المواطنين كأن يكفل تركيبها لأشخاص غير مختصين. مما يؤدي إلى تسرب الغازات المحترقة. الى جانب عدم تنظيفها وصيانتها والسبب الرئيسي لحالات الاختناق هو الغازات المحروقة وبالأخص أول أو كسيد الكاربون ويتكون عندما يكون هناك نقص في الأوكسجين في الغرفة التي يتم فيها استعمال الجهاز. وأكبر خطأ يقع فيه المواطنون هو تركيب سخانات الغاز داخل الحمام أو في الأماكن المغلقة داخل المنزل. مما يؤدي إلى عملية الاختناق بسبب إمكانية تسرب الغاز الخانق فتحدث وفاة الأشخاص المتواجدين هناك أثناء عملية الاستخدام. وهو نفس ما ذهب إليه مجموعة من التجار ممن استطلعنا آراءهم في سوق دبي و الحميز. هذه الأخيرة التي يعتبرها أغلب المواطنين موطن السلع الصينية الرديئة التي تفتقد لمعايير الأمن والسلامة، حيث فأكد أغلبهم بأن سبب حوادث الاختناق تعود إلى تهاون المستهلك والاستعمال غير السليم لأجهزة التدفئة وعدم المبالاة بشروط السلامة وأخذ الحذر والحيطة،ناهيك عن انعدام الكفاءة لدى مركبي هذه الأجهزة التي كثيرا ما يفضل أفراد من الأسرة التكفل بها دون الاستعانة بمختصين في المجال. واعترف محمد .ب بوجود أجهزة مغشوشة مسوقة من طرف المستوردين الذين حملهم مسؤولية ما ينجر عنها من مخاطر.فيما أرجع صالح.ع السبب في تسويق مثل هذه الأجهزة التي تشكل خطرا حقيقيا على سلامة المواطنين إلى غياب الرقابة من ناحية وإلى قلة الوعي لدى المواطن الجزائري الذي يهتم للسعر على حساب سلامته.مضيفا أنه من الأفضل لأي كان تحمل البرد على مخاطر هذه الأجهزة القاتلة. مع انخفاض درجات الحرارة يعود طرح مشكل التدفئة في المؤسسات التربوية ليطفو على السطح،لكن الغريب أن لا أحد يطرح مشكل سلامة التلاميذ من أجهزة التدفئة غير الآمنة,رغم تكرر الحوادث من هذا النوع خلال السنوات الأخيرة في قلب المؤسسات التربوية. حيث تعرضت بعض الأجهزة إلى الانفجار وعديد التلاميذ إلى حوادث اختناق بثاني أوكسيد الكاربون. فيما يبقى المشكل الأكبر في هذه المؤسسات هو انعدام التدفئة في الأقسام وتحمل البرد القارص في بعض الأقسام التي تفتقر حتى إلى نوافذ محكمة الإغلاق. للإشارة،فإن وزارة التربية الوطنية تخصص كل سنة دراسية ميزانية خاصة بتجهيز وتصليح المدافئ، على غرار ميزانية السنة الجارية التي حددتها الوصاية ب 4,4 مليار دج. وقد شددت الوزارة على ضرورة ضمان التدفئة داخل المؤسسات التربوية لمختلف الأطوار التعليمية باعتبارها شرطا أساسيا لراحة التلاميذ في القسم وعاملا مهما لتحصيلهم الدراسي خلال فصل الشتاء، وأنه لا يجب أن يطرح مشكل التدفئة في المدارس خلال السنة الدراسية الجارية 2014 2013 لضمان تمدرس مريح للتلاميذ وعمل ملائم للأساتذة والموظفين. حملات التحسيس ضد الاختناق بالغاز أثبتت محدوديتها ورغم أن الجهات المسئولة تلجأ إلى التحسيس من مخاطر سوء استخدام أجهزة التدفئة عبر حملات التوعية من خلال الحصص الإذاعية والأبواب المفتوحة أو حتى في شكل لافتات تعلق هنا أو هناك أو ومضات في وقت الذرة للمشاهدة التلفزيونية،إلا أن التجربة أثبت محدودية تلك الحملات التي لم تؤد إلى النتائج المرجوة. وقد كشفت المديرية العامة للحماية المدنية في إحصاءاتها عن أرقام مخيفة لضحايا الاختناق بالغاز خلال العام الماضي، حيث إن الجزائر سجلت خلال العام الماضي وفاة 230 شخص وتم إسعاف 1701 آخرين اختنقوا بالغازات المحترقة وأكسيد الكربون ويبدو أن هذا الشتاء سيحمل المزيد من المآسي لعائلات فقيرة تقطن بيوتا قصديرية أو منازل ضيقة تفتقر إلى التهؤية ولا تمتلك الإمكانات لشراء مدافئ وفق المعايير الدولية المتعارف عليها،بل تكتفي بمدافئ تقليدية أو مقلدة تقتنيها بأسعار زهيدة وفق مقدورها المادي. يقول مالك.ر »سمعت الكثير عن المآسي التي تسببها أجهزة التدفئة المغشوشة التي تقتل مئات الجزائريين سنويا، وأنا من الذين اشتروا هذه الأجهزة لأن سعرها في متناول الجميع، وحتى عندما سعين لتغييرها سمعت أن كلها مغشوشة حتى الغالية منها، فقررت أنا وزوجتي الاكتفاء بإشعال»الطابونة« التقليدية اتقاء لكل المشاكل التي باتت تسببها المدافئ اليوم، وبعد تجربتها وجدنا النتيجة رائعة ولا بديل عنها« بينما يرى مسعود رب أسرة بأنه يحافظ على صيانة المدفأة مع بداية كل موسم شتاء حيث يجلب لها متخصص في المعاينة والصيانة وبالتالي لن يواجه أي مشاكل معها، كما يؤكد مسعود أنه حريص على التهوية الجيدة للمنزل حتى لا يكون هناك أي خطر على أسرته، مشيرا إلى أن أصل مشاكل الاختناق بالغاز هو انعدام التهوية في المنازل. يفسر الدكتور عبد الوهاب بونعجات كيفية حدوث التسمم والاختناق بالغاز فيقول أن الفرد يحتاج منا دوما للأوكسجين عند كل عملية احتراق لتوليد الطاقة الضرورية لتسخين الجسم وتعديل حرارته. ولهذا الغرض يعتبر الاوكسجين مادة حيوية لحياة الإنسان.علما أن كل مادة عضوية تحتاج دائما للأوكسجين عند كل عملية احتراق مثل الحطب أو غيره. وعند حدوث تسرب للغاز فإنه يستولي على نسبة مئوية من نصيب الاوكسجين في الهواء الموجود في الفضاء الذي تسرب داخله الغاز وهنا تحدث صعوبة في التنفس وعندما تكون كمية الاوكسجين غير كافية لنقص في التهوية أو لكثرة مستعملي الاوكسجين وخصوصا عندما يصاحب ذلك شيء يشتعل وعادة ما يعود ذلك لوجود سخان يعمل بالوقود السائل أو بالغاز تحدث الكارثة.ويضيف أنه إذا كانت نسبة تسرب أوكسيد الكربون مساوية أو أقل من 10 بالمائة ينتاب المصاب صداع خفيف أما إذا زادت قليلا بنسبة لا تتعدى 2 أو 3 بالمائة يصاب بتصدع مع الحفاظ على الوعي والإدراك. وإذا ما زادت هذه النسبة على ذلك يصبح الأمر خطرا ويحصل الاغماء وعدم التمييز بين مداخل ومخارج الفضاء وربما حتى الموت.