تضاعفت حدة القبضة الحديدية بين وزارة التربية ونقابات »إينباف«، »كناباست« و»سناباست«، وتفاقم الصراع بين الجانبين، على مرأى من الرأي العام الوطني، والمؤسف أن الوزارة غضت الطرف عن المسلك المؤدي إلى الحلول الفعلية للملفات والقضايا العالقة، واتجهت صوب مناحي أخرى، هي في حقيقتها تصلح لأي حل إلا التهدئة وطمأنة النفوس، وإعادة الحياة للمؤسسات والهياكل التربوية المعطلة منذ 12 يوما. يتواصل إضراب عمال التربية الوطنية لليوم الثاني عشر على التوالي وسط أجواء لا تُبشر بقرب انتهاء الأزمة الحاصلة بين النقابات والوزارة، وعوض أن تلجأ الوزارة إلى التهدئة وجبر الخواطر، لجأت إلى اتخاذ إجراءات وصفتها النقابات ب »الاستفزازية أكثر منها إجراءات مؤدية إلى حلول مرضية«. ولأن الأمر كذلك النقابات الثلاث مصممة على الاستمرار في الإضراب، والتلاميذ أيضا مصممون على »تحديد العتبة«، وقد دخلوا هم من جهتهم في احتجاجاتهم أمام مديريات التربية، وقد طالبوا بتحديدها في الشهر الجاري بدل إرجائه إلى شهر أفريل القادم. وفي سياق الإضراب أصدرت أمس نقابة »إينباف« تصريحا صحفيا قالت فيه: »كنّا ننتظر من وزارة التربية الوطنية تحقيق المطالب المشروعة لموظفي وعمال التربية، وطمأنتهم من خلال مراسلات المديريات التربية نتفاجأ بانتهاجها لسياسة الهروب إلى الأمام مرة أخرى، بل وبالتهديد والوعيد من خلال إنزالها لترسانة من المراسلات التهديدية، آخرها إعذارات التخلي عن المنصب ناهيك عن الإجراءات الردعية لخصم المرتبات،ضاربة عرض الحائط كل النصوص والقوانين«، والنقابة تعني بهذا الإجراءات التي تراها ظالمة وتعسفية، التي أقرتها وزارة التربية، والتي هي قيد التطبيق على مستوى المؤسسات والهياكل التربوية، وقد شملت خصم أيام الجمعة والسبت، وكل أيام الإضراب دفعة واحدة وفي هذا الشهر«. وردا عن هذه الإجراءات قالت النقابة: » نؤكد لوزارة التربية الوطنية أن سياسة التخويف والترهيب المنتهجة قد انتهت وتجاوزها الزمن، فالمربون هم من يلقنون غيرهم دروسا في التضحية والنضال ، كما نؤكد لها بأن القفز على النقابة من خلال مراسلة الموظفين مباشرة في المؤسسات التربوية لثنيهم عن الإضراب، وعزل القيادة الوطنية عن قواعدها محاولة يائسة وفاشلة، لأن هؤلاء الزملاء مهيكلين تنظيميا، ويمارسون نشاطهم في إطار قوانين الجمهورية«. ولذا فإن الحل الأمثل مثلما تضيف نقابة إينباف هو انتهاج أسلوب الحوار الجاد والمسؤول الذي يفضي للحلول التي ما فتئت تُروّج لها، وتتباهى بها أمام الرأي العام لإيهامه بأن المطالب قد تحققت« . ووجهت نقابة اتحاد عمال التربية والتكوين انتقادا لاذعا لوزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله غلام الله، الذي قالت عنه: »إنه أقحم نفسه في إضراب قطاع التربية ، الذي لا يعنيه، وكان الجدير به الاهتمام بقطاعه، خاصة أسلاك الأئمّة، الذين هم بحاجة ماسة إلى تحسين ظروفهم المهنية والاجتماعية، لتأدية مهامهم على أكمل وجه«. ونصحت »إينباف« الوزير بوعبد الله ب »إعطاء المؤسسة الدينية مكانتها وقدسيتها، وعدم إقحامها في مثل هذه القضايا، سواء عن طريق وزيرها، أو أصحاب الفتاوى، الذين أصبحوا يخبطون خبط عشواء، ويتسببون لا محالة في ضرب قدسية مهنتهم الشريفة في الصميم«، وانتهت النقابة إلى أن تقول إلى غلام الله: » تعلمنا من مشايخنا الأجلاء في المساجد أن الدفاع عن المظلومين وردّ المظالم إلى أصحابها من أفضل القربات إلى الله«. وقالت النقابة: » إن إضراب عمال التربية هو صرخة الفئة المظلومة نتيجة الحيف والإجحاف الذي طالها، من أجل ذلك نحن مع الإضراب، وقد آن الأوان للاجتثاث النهائي لرتب العار والمسماة بالآيلة للزوال«. وفي ردها العملي على تعسفات الوزارة، قررت اللجنة الوطني لمساعدي التربية مواصلة الإضراب، وتنظيم وقفات احتجاجية ولائية غدا الأربعاء أمام مديريات التربية، واعتصم وطني أمام ملحقة وزارة التربية برويسو يوم الأربعاء الموالي.