ضمن برنامج الأسبوع الثقافي للمؤسسة الوطنية للإتصال النشر والإشهار بمركز مصطفى كاتب تجدد الموعد أمس مع ندوة « إعلاميون كتبوا «، وهي الجلسة التي أدارها الإعلامي خليفة بن قارة وشارك في تحريكها نخبة من الإعلاميون الذين نزعوا نحو الكتابة لتأريخ تجاربهم الذاتية مع الممارسة الإعلامية على غرار الدكتور عاشور فني، حميد عبد القادر، فتيحة زماموش، صورايا بوعمامة ، عثمان لحياني ، نزيم عزيري. وثمن المشاركون في الندوة مبادرة المؤسسة الوطنية للاتصال النشر والإشهار في مواكبة أعمالهم ومطالبين باقي دور النشر الوطنية اعتماد إستراتيجية دعم التجارب الشابة والترويج لها من أجل إنعاش وتحريك الفعل الثقافي . في البداية أشارت الإعلامية صورايا بوعمامة أن تجربتها الأولى في النشر من خلال كتابها «أوراق لم تكن للنشر «هي مساهمة متواضعة منها كشاهدة عيان على مرحلة صعبة عاشتها الجزائر أرادت تدوينها لتكون شهادة ووثيقة لتفاصيل وقائع أليمة. وأضافت أن الكتابة لصيقة بالممارسة الإعلامية ومألوفة لأن الصحافة قبل أي شيء ورقة وقلم، قبل بروز الوسائط المعلوماتية الجديدة . وقالت أن أولى خطواتها في عالم الكتابة كانت في مرحلة الدراسة، ثم تجسدت من خلال إشرافها على الأخبار، حيث كانت تضطر إلى البقاء ساعات من أجل اختيار عبارات تلائم موضوع الخبر أو الحوار الذي تجريه مع الشخصيات السياسية والثقافية، ما يستلزم اختيار وانتقاء كلمات تفي بالغرض وحاجاته لأن محاورة رئيس الحكومة السابق أحمد أويحي ليس مثل محاورة عبد العزيز بلخادم ويستدعي اختيار الكلمات ومواضيع الحوارات أسابيع عديدة، كما أن الصورة قد تغني عن 3000كلمة، لكن ذلك لا يعني إلغاء أهمية الحرف في نقل الواقع. وعن دوافع الكتابة بالنسبة إليها، كشفت صورايا بوعمامة أنه بعد مرحلة تردد انفجرت الرغبة في الكتابة لديها بعد متابعاتها لصور مؤلمة عن استشهاد جنود تونسيين في جبل الشعانبي قي عملية إٍرهابية وهو ما أعاهدها إلى مرحلة الإرهاب الدموي في الجزائر الذي ذهبت ضحيته نخبة من الإعلاميين والمثقفين، وهو ما دفعها للكتابة، حيث انغمست في الكتابة بقوة لتستحضر ذلك الكم من الصور والأحداث التي عاشتها وجيلها جراء الآلة الدموية المتطرفة كما لم تغفل دور مدرية النشر بالمؤسسة سميرة قبلي التي كانت تحرجها عن موعد تسليم النص لنشره. وأكدت صورايا بوعمامة ضرورة ارتباط فعل الكتابة بالصدق رغم اعترافها أن الكتابة في الجزائر ليست مغرية وأن كتابها يتضمن شهادتها للحالة الجزائرية التي ترى أنها جديرة بالدراسة والتعمق. وفكك الإعلامي عثمان لحياني محاور مؤلفه الموسوم «تونس حالة ثورة« ،حيث أكد أن فكرة تجسيد مقالاته وحواراته في يومية الخبر حول تغطيته ميدانيا ثورة الياسمين بتونس منذ لحظاتها الأولى بعد انتحار البوعزيزي في سيد بوزيد وجمعها في كتاب تولدت لديه منذ البداية وذلك حتى يقدم رؤية متأنية غير إستعجالية للحالة التونسية، لأن الكتابة الإعلامية اليومية تستدعي الاستعجال والقفز على بعض المحطات وبالتالي عرضها بكتاب سيكون مهما بالنسبة للمنشغلين والباحثين في دراسة تجربة التغيير في تونس أو باقي تجارب الربيع العربي، وبالتاي أعاد بعد فترة قراءة رصينة لما كتبه ولديه من المادة الخام ما تمكن من تويظفها في الكتابة وتقديم شهادة حية ووثيقة تاريخية وما حفزه لإصدار الكتاب هو خصوصية الانتقال في تونس وحقيقة الصراع بين القوى السياسية التونسية وبين التيار اليساري واليميني، وبين الإسلاميين والعلمانيين وبروز مشروع مجتمعي ويرى أن الصراع في بدايته كان حراكا اجتماعيا بمطالب بعيدا عن قضية سقوط النظام ثم اتجه نحو المنحى السياسي وبالتالي الثورة التونسية في بدايتها كانت بشعارات اجتماعية لتنتقل إلى الشعارات السياسية وذلك حسبه بعد انخراط القوى السياسية المستنيرة وبمشاركة المجتمع المدني الفعالة الذي يشارك بفعالية في تأطير والتحريك الإيديولوجي. وأكد أن المجتمع المدني في تونس حال دون انحراف الثورة ونزوعها نحو العنف من جهته تناول الصحفي حميد عبد القادر مضامين كتابه »أسفار الزمن البهي« وقال أنه يجمع مقالاته التي نشرت بجريدة الخبر منذ 1990 جمعها بين دفتيه لتقديمها للقارئ وتأسف في سياقها لتراجع الصفحات الثقافية في التجربة الإعلامية الجزائرية عكس مرحلة التسعينات حيث طبع الالتزام صحفيي الأقسام الثقافية وانخراطهم في الهم الجماعي وتبعات اللحظة التاريخية لمجتمعهم عكس اليوم وقال في فترة ال90 ثمة تقسيم الفكري للصحفيين بين يمينيين ويساريين وإسلاميين ووسط للدفاع عن قيمهم وطالما تفاعل الصحفي مع الحدث الثقافي بقوة إيمانا لالتزامه بالهم الفكري مشبها إياهم بالسارتريين ومقالاته التي كتبها على مدار 24 عاما هي مقالات ذاتية وحميمة كما تأسف حميد عبد القادر لتدهور الصفحات الثقافية التي تغيب فيها الكتابة الإبداعية التي لم تصبح جزءا من الكتابة الصحفية ، كما استعرض الدكتور عاشور فني محتوى سلسلة « المعيار« التي حاول من خلالها جمع عناصر وأدوات تجربته الإعلامية المتفردة في مجال اقتصاديات الإعلام والإشهار والتلفزيون...« وذلك في 6 كتب وقال أن مؤلفاته ثمرة عمل 28 سنة من البحث الجامعي بعد طلاقه مهنة الصحافة سنة 1985 حيث نجح في مسابقة للتوظيف في مؤسسات إعلامية وكان على رأس قائمة الناجحين لكنه وجه نحو مؤسسة لم يرغب فيها وهو ما رفضه وطالب بحقه في الاختيار وأمام الوضع السلبي اختار الجامعة كملاذ لمواصلة البحث العلمي ومن جهته استعرض الإعلامي في التلفزيون نزيم عزيري تجربته المتواضعة من خلال مؤلفه « قاموس الدارجة الجزائرية «مؤكدا أن الكتابة ليست غريبة عن الصحافة بل لصيقة بها وأكد أنه يهدف من خلال مؤلفه إبراز ارتباط اللغة العامية الجزائرية وقربها من اللغة العربية الفصيحة استنادا إلى أمثلة عديدة وتصحيح صورتها لدى المشارقة.