رحبت الولاياتالمتحدة بتأجيل التصويت على تقرير القاضي ريتشارد غولدستون بشأن الحرب الإسرائيلية على غزة إلى مارس القادم، في وقت انتقدت حماس دعم السلطة الفلسطينية لقرار التأجيل واتهمتها بمحاولة إنقاذ إسرائيل من مشاهدة قادتها يمثلون أمام المحاكم الدولية. وقالت مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون المنظمات الدولية إستير بريمر إن بلادها تثمن قرار التأجيل وستواصل العمل مع إسرائيل والسلطة الفلسطينية لإعادة إطلاق مفاوضات الوضع النهائي بأسرع وقت ممكن، مشيرة إلى أن »واشنطن تشجع التحقيقات الداخلية حول المزاعم الجدية عن انتهاكات لحقوق الإنسان«. ومن جهته قال مايكل بوسنر مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية إن السلطة الفلسطينية وافقت على طلب أمريكي أوروبي روسي بدعم التأجيل، مؤكدا أن هذه الخطوة لمصلحة الجميع. وشدد على أن الولاياتالمتحدة ستواصل مراقبة عمل مجلس حقوق الإنسان، مضيفا أن واشنطن ظلت لمدة طويلة تنتقد ما سماها معاييره المزدوجة وتركيزه غير المتناسب على إسرائيل. ومن جهتها طالبت منظمة العفو الدولية (أمنستي) الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإحالة تقرير القاضي ريتشارد غولدستون إلى مجلس الأمن فورا. وأعربت العفو الدولية عن أسفها لقرار التأجيل على التصويت. ودعت مجلس الأمن إلى وضع لجنة مستقلة من الخبراء لمراقبة تشكيل إسرائيل وحماس للجان تحقيق في الممارسات التي وردت في التقرير وكانت الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية أرين خان قد حثت الحكومة الأمريكية على فحص نتائج التحقيق التي أوردها القاضي ريتشارد غولدستون في تقريره. وفي المقابل سارعت السلطة الفلسطينية للدفاع عن دعم طلب إرجاء التصويت على التقرير وأكدت أن التقرير ما زال قائما. وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن تقرير غولدستون لم يسحب وإنما تأجل فقط وإنه لا يزال على جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان. ومن جهته قال المراقب الفلسطيني الدائم لدى الأممالمتحدة في جنيف إبراهيم خريشة إن الفلسطينيين ليس لديهم الحق من الأساس بطلب سحب القرار، مفسرا ما جرى بأنه كان نتيجة اتفاق دول أفريقية وعربية وإسلامية على تأجيل النظر في القرار لدورة المجلس المقبلة. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن خريشة قوله »نحن لا نريد أن نضع العقبات أمامهم«, في إشارة إلى ضغوط وتحذيرات من واشنطن بتعثر عملية السلام. أما نائبه عماد الزهيري فأكد أن السلطة ترغب بإفساح المزيد من الوقت من أجل تعزيز الدعم الدولي للتقرير، مشيرا إلى أن التأجيل لا يعتبر انتصارا لإسرائيل. ومن جهته نفى رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في تصريحات له أن تكون السلطة طلبت سحب القرار،في حين قال الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو إن التأجيل جاء بناء على اتفاق أمريكي فلسطيني قبلت به المنظمة. وفي المقابل انتقد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد مشعل بشدة مطالبة السلطة الفلسطينية بتأجيل التصويت أمام مجلس حقوق الإنسان على تقرير القاضي ريتشارد غولدستون، ووصفه بأنه »عار وعيب«، في حين شدد على أن برنامج المقاومة هو الوحيد القادر على استعادة الحقوق، وكشف عن مخطط إسرائيلي لتهويد القدس. وقال مشعل إن الشعب الفلسطيني لن يغفر لأولئك الذين فرطوا بدمائه في قطاع غزة في سبيل مصالحهم الآنية،غير أنه شدد على أن »مثل تلك المواقف السخيفة والمخزية والتي نشاهدها يوميا لن تمنعنا من المضي قدما في سبيل إنجاز المصالحة الوطنية«، مشيرا إلى أن حماس قدمت الكثير في هذا المجال، »والمصريون يعرفون ذلك«، ولفت إلى أن نهاية الشهر الحالي قد تشهد نهاية سعيدة في هذا الملف. كما اتهم المتحدث باسم حماس فوزي برهوم الرئيس عباس بمحاولة إنقاذ قادة إسرائيل من المثول أمام المحاكم الدولية. وقال برهوم إن حماس تصر على وقوف قادة الاحتلال أمام المحاكم الدولية كمجرمي حرب، وإن أي شخص يحاول منع حدوث ذلك سيعتبر شريكا في الجريمة. وبدوره حذر الناطق باسم الحكومة الفلسطينية المقالة بقطاع غزة طاهر النونو من أن تجاهل الأممالمتحدة لتقرير غولدستون وعدم البناء عليه سيشكل تمهيدا لحرب جديدة بغطاء دولي. وطالب النونو في بيان المجتمع الدولي بوقف ما سماها سياسة المعايير المزدوجة. وقد طلبت باكستان نيابة عن الدول العربية والإسلامية والأفريقية الراعية للقرار من المجلس رسميا تأجيل التصويت على نص القرار حتى موعد انعقاد الجلسة الاعتيادية التالية للمجلس في مارس القادم. وكان التقرير الذي يتهم كلا من إسرائيل وحركة حماس بارتكاب جرائم حرب من المفترض أن يحال لمجلس الأمن الدولي. ويدعو غولدستون مجلس حقوق الإنسان المؤلف من 47 دولة لتبني التقرير الذي انتهى إلى »رتكاب الجيش الإسرائيلي والنشطاء الفلسطينيين جرائم حرب«. كما يطالب غولدستون مجلس الأمن برفع الأمر إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي إذا لم تحقق السلطات الإسرائيلية أو الفلسطينية على حد سواء مع المشتبه بتورطهم في تلك الجرائم وتقديمهم للقضاء خلال ستة أشهر.