انصب رهان المترشحين لرئاسيات 17 أفريل خلال أيام الحملة الانتخابية على دعوة المواطنين إلى مشاركة قوية يوم الاقتراع، من منطلق أن التصويت ممارسة للسيادة وحق دستوري قبل أن يكون واجبا وطنيا لقد جاب المترشحون وممثلوهم كل جهات الوطن، مما يعكس الإرادة القوية لديهم في لقاء المواطنين ومحاولة كسب ودهم وخوض منافسة حقيقية، لا مجاملة فيها ولا مكان لما يسمى ب»أرانب السباق«، وهذا في حد ذاته مؤشر إيجابي على أن العملية الانتخابية مفتوحة وأن الصندوق هو الفاصل الحقيقي لكن، أليس من العبث، بل من السخرية أن تختزل المعارضة بكل أصنافها، من المقاطعين إلى بعض المشاركين مرورا بالمنسحبين من المنافسة لعجزهم عن جمع التوقيعات، في تلك الخطب النارية التي تزرع الخوف، تهدد وتتوعد وتبشر بالويل والثبور وعظائم الأمور. هؤلاء الذين يعرفون أحجامهم السياسية، خاصة وقد اختبروا شعبيتهم وعرفوا أن سقفهم الشعبي محدود، لا يؤمنون بالديمقراطية والتداول السلمي على السلطة ولا يحترمون إرادة المواطنين. لذلك راحوا يستنجدون بالدول الأجنبية ويطالبون الجيش بتوقيف المسار الانتخابي. وبالتأكيد، فهؤلاء الذين يراهنون على العنف والفوضى، لا يريدون خيرا للجزائر ولا يسعون إلى إشاعة ثقافة السلم والديمقراطية، بل يريدون تحقيق مصالح ذاتية، لا تتجسد في إطار المنافسة السياسية المفتوحة، بل في ظل الأزمات والفراغ المؤسساتي. لقد كان على الذين يريدون توريط الجيش في الصراعات السياسية أن يدركوا- مع أنهم يعلمون- أن الجيش الوطني الشعبي، جيش أصيل، جمهوري ووطني في تأسيسه، ولاؤه للجزائر أولا وأخيرا، وهو ملتزم بمهامه الوطنية المحددة دستوريا ولن ينجذب وراء الطروحات الخاسرة لهؤلاء السياسيين الفاشلين والمنبوذين شعبيا. هذا الموقف الوطني الذي يلتزم به الجيش، ينبع من الإيمان بحق الشعب في أداء واجبه الانتخابي بكل طمأنينة، وفي كنف الأمن والسلم، بكل حرية وشفافية، إن الجزائر، في هذا الظرف، معرضة لجملة من التهديدات، حيث أنها محاطة بالعديد من البؤر المشتعلة التي تهدد الأمن القومي، ولذلك فإن مهمة أفراد الجيش الوطني الشعبي ومختلف الأسلاك الأمنية هي مواصلة جهودهم وتضحياتهم لتوفير الأجواء المثالية لإجراء الانتخابات الرئاسية، مع الاستعداد التام لمواجهة كل التحديات والتصدي للمؤامرات المعادية للجزائر أرضا وشعبا. لذلك كله، فإن الذين يستنجدون بالخارج ويدعون إلى إلغاء الانتخابات ويلوحون بشماعة التزوير، إنما يمارسون الاستعراض، من خلال طروحات خطيرة، ترمي إلى الدخول في مرحلة فراغ سياسي ودستوري والزج بالبلاد في متاهات العنف والفوضى وإراقة دماء أبناء الجزائر. إنهم المغامرون باستقرار البلاد الذين، يذرفون دموع التماسيح على الإرادة الشعبية، وقد كان عليهم أن يدركوا بأنه لم يكلفهم أحد بالحديث باسمه، لا الشعب ولا الجيش، ولذلك فإن ممارسة المعارضة بالفوضى والعنف هي خيارهم الأوحد. إن المطلوب ليس إفشال أو تعطيل الآلية الانتخابية، مهما كانت نقائصها، وليس إشاعة الفوضى ومحاولة تحريك الشارع، تحت أي مسمى، بل العمل على إنجاح رئاسيات 17 أفريل، من خلال مشاركة قوية للمواطنين في الانتخاب واختيار من يرونه أهلا لقيادة البلاد، ذلك هو الضمان لكي يكون هذا الموعد الحاسم انطلاقة جديدة في مسار تعزيز الممارسة الديمقراطية وتكريس الأمن والاستقرار ومواصلة مسار التنمية وسيكون إقبال المواطنين على صناديق الاقتراع يوم 17 أفريل ردا قويا على دعاة المقاطعة وأمثالهم من الذين يطالبون بإلغاء الانتخابات ويستنجدون بالدول الأجنبية ويتوعدون الجزائريين بفتنة مدمرة، ذلك أن أمن واستقرار الجزائر وسيادة ووحدة الشعب خيارات ثابتة، وهي خط أحمر لا يمكن تجاوزه أو التلاعب به.