يوجد حزب جبهة التحرير الوطني في وضع جيد تحسبا للدخول الاجتماعي المقبل، بعد أن نجح في تجاوز مراحل صعبة مر بها، ولعل الإستراتيجية التي وضعتها قيادة الحزب تجعل الأفلان على قدر من الاستعداد للرهانات والتحديات التي تنتظره، بدءا بالدخول الاجتماعي وما يحمله من اهتمامات مختلف طبقات المجتمع، مرورا إلى التحضير للمؤتمر العاشر وما يمثله من أهمية في حياة الحزب. هذه الإستراتيجية بنيت على إذابة جليد الفرقة والخلافات بين المناضلين، وتأثيث هياكل الحزب بإطارات شابة وذات كفاءة. عكس السنوات الفارطة عاش حزب جبهة التحرير الوطني، خلال هذه الصائفة حركية وديناميكية كبيرة، هدفها ترتيب بيت الحزب، وهو ما سعى إليه عضو المكتب السياسي المكلف بالتنظيم، مصطفى معزوزي، من خلال الجولة الماراطونية التي قادته إلى عدة ولايات، أشرف خلالها على تجديد محافظات كانت تعيش حالات انسداد، وتنصيب أخرى جديدة، بناء على معطيات اجتماعية مدروسة. ولأن أهم رهان ينتظر الأفلان هو المؤتمر العاشر، فإنه لا يمكن لقيادة الحزب بأي حال من الأحوال أن تغض الطرف عن هذا الرهان، مع ما ورثته من تململ وانشقاقات في عدد من المحافظات الولائية، هذا الوضع دفع بالأمين العام والمكتب السياسي إلى وضع خطة دقيقة تعيد للحزب مكانته، وتفسح المجال أمام المناضلين الحقيقيين لتولي المسؤوليات داخل هياكل الحزب، وتكرس حق الأفلان في الوصول إلى سدة الحكم بما أنه صاحب الأغلبية، وفق ما دعا إليه الأمين العام في أكثر من مناسبة. ويعمل الأفلان قبل وصول وقت المؤتمر العاشر إلى القضاء على الهفوات التنظيمية، وإنشاء هياكل تتسم بالمرونة، من حيث القرب من المواطن وتسهيل عملية التواصل بين المناضلين، زيادة على ترسيخ قيم الديمقراطية واستشارة القواعد حول كل القضايا التي يعرفها الحزب، والتحدي الكبير الذي يجب أن يكسبه الأفلان هو فتح الأبواب على الكفاءات والطاقات الشبانية، وتحديد الآليات الكفيلة بانتشار الحزب بين الجماهير في الجامعات والمدن والقرى. وفيما يخص التحضير للمؤتمر العاشر يستعد الأفلان لتنصيب اللجان الفرعية الخاصة بتحضير المؤتمر، بعد تنصيب اللجنة الوطنية بتاريخ 24 جوان الفارط، حيث تسعى قيادة الحزب إلى أن يكون المؤتمر العاشر محطة تاريخية في حياة الحزب، تنهي عهد الانشقاقات، وتضع الحزب على سكة شرعية تحتكم فيها الأقلية لرأي الأغلبية. ولان أهم مشروع سياسي ينتظر الجزائر هو تعديل الدستور يعتبر حزب جبهة التحرير الوطني معنيا أكثر من غيره بهذا المشروع، بما أنه كان من السباقين للمطالبة بتعديله، فضلا عن تربعه على أغلبية المقاعد بالمجلس الشعبي الوطني، هذه الأغلبية تضع كتلتة الحزب بالبرلمان، أمام تحد مناقشة وإثراء مسودة الدستور، الذي أراده رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أن يكون توافقيا.