دعا وزير المجاهدين محمد الشريف عباس أمس، المؤرخين والمثقفين إلى تناول تاريخ الثورة التحريرية بمحمل الجد، والإسراع في تدوين شهادات المجاهدين التي تفضح جرائم فرنسا الاستعمارية، فيما ربط الوزير مسألة تفعيل التعاون الاقتصادي بين الجزائروفرنسا بضرورة طي صفحة الماضي التي باتت تعرقل أي مسعى في هذا، مضيفا أن تسوية الذاكرة بين البلدين هي مفتاح أي علاقات صداقة متينة في المستقبل. وجّه وزير المجاهدين في كلمته التي ألقاها بمناسبة إحياء الذكرى 48 ليوم الهجرة الموافق ل17 أكتوبر 1961، رسالة حادة إلى الحكومة الفرنسية، مفادها أن أي تعاون اقتصادي حقيقي مستقبلا بين البلدين، مرتبط أساسا بضرورة تسوية مسألة الذاكرة، التي باتت حجر عثرة في أي تقدم لعلاقات صداقة قوية من جهة، وترهن أي تفكير في هذا المسعى مع سلسلة القوانين الفرنسية التي تمجد الاستعمار وتحفظ حقوق الحركى من جهة أخرى. وأبدى محمد الشريف عباس امتعاضه الشديد من الخرجات الفرنسية بين الفينة والأخرى المتضمنة مجموعة من القوانين الممجّدة للاستعمار التي تعبّر عن عدم تغيّر للذهنيات الاستعمارية الاستدمارية التي كانت سائدة آنذاك في النظام الحالي الفرنسي اليوم، مضيفا »لا يمكن تحقيق النهوض الاقتصادي والتعايش بين البلدين، ما لم تصفّى الذغائن، التي لا يمكن القفز عليها، لأنها تركت جرحا في الضمير«. في سياق متصل، جدّد وزير المجاهدين نداءه للمؤرخين والمثقفين الى ضرورة جعل كتابة التاريخ أولوية من أولوياتهم وأن يحملوا هذه المهمة على محمل الجد، حيث دعا إلى ضرورة الإسراع في كتابة تاريخ الثورة، لاسيما أنه من الواجب أن تنادي الأمة للنهوض بتاريخها كما نهضت بالأمس لتحريرها، مشيرا أمام جمع من المجاهدين الذين صنعوا الحدث قبل 48 عاما »يبدو أن هناك تقصيرا في كتابة التاريخ، ولكن يجب على صانعي هذه البطولات ممن هم على قيد الحياة من مجاهدين أن يساهموا في تدوين وقائع تاريخ الثورة من خلال الكتابة والتسجيل والتصريح حول الأحداث التي عاشوها أو صنعوها«. وحول مجزرة 17 أكتوبر 1961، أكد شريف عباس أن هذه الأحداث التي صنعها المهاجرون فوق أرض العدو بعد أن رفضوا التمييز العنصري المسلّط عليهم دون غيرهم من طرف السلطات الفرنسية آنذاك تعتبر جريمة ضد الإنسانية بكل مواصفاتها، مذكرا في هذا الصدد بأن الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بفعل التقادم، وبعد أن ذكر أنه ليس من حقنا النسيان أو تناسي تلك الأهوال، قال »دعوتنا اليوم ليست من باب استغلال الماضي وإنما من باب التوافق مع القانون الدولي وإقامة العدل وإحقاق الحق في التاريخ بفضح الجرائم التي ارتكبت في حق الجزائريين«. وبعد أن أوضح أن قانون 23 فيفري 2005 الفرنسي يمجد الجريمة وينبع من ذهنية استعمارية بحتة ما تزال موجودة في ذهنيات البعض، أكد شريف عباس »أننا دعاة سلام وحق وأن إرادة الأمة تسعى الى تواصل حضاري مع الجميع بما في ذلك خصم الأمس«، مضيفا »أن الاعتراف بالذنب هو الاختيار الصحيح أما الفضائح والترهيب فحبلها قصير ولا تؤدي الى أي نتيجة، كما أنه إذا لم نذكر أنفسنا وإذا لم ندين القتلة والزبانية سيصبحون أبطالا أسطوريين«.