انتهت جلسة زوال أول أمس بين وزيرة التربية الوطنية ونقابات التكتل النقابي التسع إلى إقرار وقف للإضراب الوطني المتجدد، الذي كان مقررا الشروع فيه أمس، مقابل تلبية ثلاثة مطالب أساسية، والالتزام بمواصلة الحوار والتفاوض حول باقي المطالب الأخرى، وهو الأمر الذي أُرجيء إلى لقاء الأربعاء المقبل بالنسبة لنقابة »كناباست«، التي أبلغت الوزيرة أنها ستعود بما حصلت عليه من نتائج إلى مجلسها الوطني الذي هو المخول قانونيا بالإقرار، وستعود إليها بالإجابة النهائية في اللقاء المقرر معها ليوم الأربعاء القادم. أعلنت وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريت صراحة عن نزعتها الملحة نحو »ضبط الأمور في قطاع التربية الذي مثلما قالت »يتوقف عليها مستقبل الأجيال وهو قطاع وفق ما أضافت »يعيش وضعا تسوده أقصى درجات التوتر، ويُحرمُ فيه الأطفال من التمدرس«، ولهذا هي وفق ما تضيف مازالت متمسكة بإصدار »ميثاق أخلاقيات يضع مصلحة التلميذ فوق أي اعتبار، وينبغي على النقابات التحلي بالمزيد من المسؤولية«، في الوقت الذي أكدت فيه أيضا ضرورة التكفل ب »المطالب المتعلقة حقا بالاختلالات التي يشهدها القطاع«. ولإظهار حسن نيتها في معالجة الوضع القائم، قالت الوزيرة بن غبريت: »نحن بصدد بذل قصارى جهودنا لكن ينبغي على النقابات أيضا القيام بمبادرة تُبين حسن نواياها، لكن في نفس الوقت وزارتنا التي تكرس النقاش والحوار لن تخضع للمساومة«. وما يشهد للوزيرة بن غبريت أنها تجنبت كل محاولات الدفع بها وفق ما جرت العادة مع غيرها نحو »تخوين الأساتذة المضربين، أو التشكيك في نواياهم وإلصاق الأيادي الأجنبية بهم لأنها تقف وراءهم وغيرها«، وأكدت بشكل مباشر »احترامها للنقابيين ونضالهم وآرائهم«. وبرّأت الجميع حين قالت وبوضوح تامّ: » لا يُمكنني الكلام عن أي تلاعب باعتباري المسؤولة الأولى عن القطاع، لأن الحديث عن هذا هو طريقة للتخلص من الشعور بالذنب، والتملص من المسؤولية، وهذا أمر لا يليق، وعلى كل واحد تحمّل مسؤوليته«. ولا شك أن هذا الكلام الصريح والواضح، غير الحامل لأية خلفيات سوداوية إزاء المضربين المطالبين بحقوقهم المهنية والاجتماعية هو الأمر الذي وفّر جانبا هاما من الثقة في شخص الوزيرة لدى نقابات التكتل النقابي، وجعل القيادات النقابية لهذا التكتل تفتح آذانها بصدق لما حملته إليها هذه الأخيرة في جلسة زوال أول أمس، وقد أثمرت هذه الجلسة عن وقف الذهاب إلى الإضراب الوطني المتجدد آليا ، الذي كان مقررا الشروع فيه أمس، وقد قابل هذا تلبية جملة من المطالب المرفوعة، وفي مقدمتها ثلاثة مطالب أساسية للتكتل النقابي المشكل من سبع نقابات، وهذه المطالب وفق ما جاء أمس على لسان الوزيرة بن غبريت نفسها هي: أولا، »التزام الوزارة الوصية بفتح ملف القانون الخاص لمعالجة نقائصه واختلالاته، وستتولى ذلك لجنة مشتركة يتمّ تنصيبها يوم 18 مارس الجاري«. وثانيا، »تجميد تحويل مناصب الترقية الشاغرة إلى مناصب قاعدية للتوظيف، وفقا للقوانين السارية المفعول في انتظار معالجة اختلالات القانون الخاص، وثالثا، »أن تبقى الترقية الآلية خاضعة للتفاوض لغاية صدورها في القانون الخاص المرتقب تعديله بناء على الأمر الرئاسي 06 03 ، المتعلق بقانون الوظيفة العمومية«. وهذا المطلب الأخير هو أهم مطلب عند نقابة كناباست أيضا، وقد توقفت عنده مطولا جلسة الحوار والتفاوض زوال أول أمس، وهو يطرح إشكالا وطنيا كبيرا لدى الوظيفة العمومية، ويمتدّ ليمسّ شرائح واسعة من الأطباء العامين والصيادلة وجراحي الأسنان المجمّدة ترقياتهم لسنوات، المُرغمين اليوم بالمرور على المسابقات للحصول على هذه الترقية الداخلية، التي هي ممارس رئيسي، وممارس رئيس، وهو ما يقابلها في قطاع التربية رتبتي أستاذ رئيسي وأستاذ رئيس. إلى جانب أن السيدة بن غبريت أوضحت أن الحوار ما يزال متواصلا مع نقابات التكتل بشأن هذه التطبيقات، وباقي المطالب الأخرى، ومنه مطلب الساعات الإضافية التي قالت بخصوصه: »إن ملفه قيد الدراسة، وموجود حاليا على مستوى الأمانة العامة للحكومة«. ومع أن جلسة الحوار والتفاوض، مع نقابة »كناباست« التي مازالت في إضراب مفتوح متواصل حتى الآن كانت صعبة وشاقة، إلا أن الوزيرة بن غبريت تمكنت من تخطّي نسبة كبيرة من عقبات هذه المفاوضات، رغم أنها توقفت مطولا عند مطلب الترقية الآلية الداخلية للمناصب المالية المتوفرة في القطاع، ولم تتوسع إلى باقي المطالب الأخرى بنفس التركيز وقد أعربت السيدة الأولى في وزارة التربية عن تفاؤلها ب »إمكانية التوصل إلى اتفاق يقضي بوقف الإضراب مع نقابة »كناباست في اللقاء المقرر عقده بين الطرفين غدا الأربعاء«، وعبرت أيضا عن استعدادها »لدراسة كل الإشكالات التي تطرحها النقابة في اللقاءات القادمة«، بعد عقد المجلس الوطني لنقابة »كناباست«، وهذا هو عين ما يعتقده الكثير من المتتبعين، الذين يرون في أن الإصرار على الاستمرار في الإضراب بعد كل الذي مضى يُدخل العمل النقابي والأستاذ المربي نفسه في وضع أخلاقي وتربوي لا يُحسدُ عليه، خصوصا حينما نضع قلما وورقة بين أيدينا ونحصي مجموع الدروس الضائعة للتلاميذ الأبرياء في الإضرابات الأربعة للسنة الجارية، وفي أحداث غرداية، وأحداث عين صالح، وفي الولايات الثلجية التي انقطعت فيها الطرق والمسالك المؤدية للمؤسسات التربوية.