لم يستبعد الخبير الاقتصادي، الدكتور فارس مسدور، في هذه الدردشة التي جمعته مع جريدة "صوت الأحرار"، تسجيل ارتفاع فاحش في الأسعار كنتيجة مباشرة لتدهور قيمة الدينار ما سيُؤثر، يقول، على القدرة الشرائية ورافع لصالح "اعتماد قرارات تتعلق بزيادة أجور تكون مبنية على الإجراءات الجبائية عوض النقدية" معتبرا تخفيض قسمة الدينار بكونه "امتصاص للزيادات في الأجور التي لا يقابلها زيادة في الإنتاج"، كما اقترح "بحث فكرة حذف صفر من عملتنا مثلما فعل التونسيون والأتراك، واعتماد عملة جديدة، وتبني فكرة العفو الجبائي لرجوع الكتلة النقدية المكتنزة في البيوت" وكذا "ترسيم سوق تجارة العملات". عرف سعر الدينار الجزائري تراجعا بلغ حد الخوف من المستقبل، كيف قرأتم ذلك ؟ وما هي حقيقة هذا التراجع ؟ الواقع أن المتغيرات العالمية سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي تظهر أن هنالك أزمة عالمية سببها الرئيسي هو صراع على الطاقة ما أثر على أسعار العملات العالمية وما دامت العملة الوطنية ضعيفة ومرتبطة بعدد من العملات فهي تتأثر بها تأثرا سلبيا خاصة وأن اقتصادنا اقتصاد ضعيف فهذا عزز من ضعفها . هل تتوقعون استمرار هذا الانهيار وما هي برأيكم، النتائج السلبية التي قد تنجر عنه على المدى القريب؟ أتوقع أن يستمر هذا الانهيار إلى أن تستقر أسعار المحروقات في سنة 2016 وعليه سيؤثر ذلك على سعر صرف عملتنا ما دمنا بلدا مصدرا للمحروقات، وعليه ما يتوقع من نتائج على المدى القريب هو: ارتفاع فاحش في الأسعار خاصة المستورد منها وارتفاع فاتورة الاستيراد نتيجة ذلك إضافة إلى ارتفاع مستويات التضخم على المستوى العالمي والمحلي. ألا ترون بأن لجوء بنك الجزائر إلى قرار تخفيض قيمة الدينار في هذا الظرف بالذات يتناقض مع الإستراتيجية الاقتصادية التي تعمل الحكومة على تجسيدها ميدانيا ؟ بنك الجزائر خفض من سعر صرف عملتنا وكأننا بلد مُصدر بالدرجة الأولى ولكن هذا التصرف هو سياسة مضادة للسياسة الاجتماعية التي بادرت بها الحكومات السابقة واللاحقة وهذا بغية امتصاص تلك الزيادات في الأجور التي أقدمت عليها الحكومات السابقة، وعليه فهي لعبة مكشوفة يلعبها البنك المركزي. بلغت نسبة تخفيض قيمة عملة الدينار 30 بالمئة في ظرف لا يتعدى السنتين، كيف تقرؤون هذه النسبة؟ هذا يؤكد ما ذكرته أعلاه التخفيض هو امتصاص للزيادات في الأجور التي لا يقابلها زيادة في الإنتاج وهذا حل نقدي أقدم عليه البنك المركزي كرد فعل يراه ذكيا ضد السياسة الاجتماعية التوسعية للحكومة هل تُوافقون لجوء بنك الجزائر إلى هذه الإستراتيجية ؟ اللجوء إلى هذه الاستراتيجية هو تصرف اقتصادي محض مبني على معطيات اقتصادية ونقدية يحوز عليها البنك المركزي وعليه لو كنت ناصحا لنصحت باعتماد قرارات تتعلق بزيادة أجور تكون مبنية على الإجراءات الجبائية عوض النقدية كأن نخفض الضرائب على الأجور عوض الزيادة الكمية التي تأكلها تصرفات البنك المركزي. وهل تتفقون مع الرأي القائل بأن تهاوي الدينار ناتج عن تراجع أسعار النفط ؟ نعم هو أحد الأسباب ولكن هنالك أسباب محلية كان أبرزها الزيادات غير المبررة في الأجور. بما أن نسبة معتبرة من حاجيات الجزائريين مستوردة، كيف تقرؤون آثار هذا التراجع على القدرة الشرائية ؟ نعم سيؤثر سلبا على القدرة الشرائية ما دامت النقود تراجعت قيمتها هذا من جهة ومن جهة ثانية عدم تبني سياسة جبائية وجمركية مناسبة ومتوافقة مع السياسة الاجتماعية . ما هي برأيكم الحلول الكفيلة بمعالجة هذا التراجع وتفادي الآثار السلبية لذلك سواء على الاقتصاد الوطني أو على القدرة الشرائية للمواطنين ؟ أولا تفادي الزيادات في الأجور وتبني فكرة التخفيضات الضريبية المعتبرة خاصة على ذوي الدخل الضعيف فيكون الدخل أقوى عندما تخفض الضرائب على المداخيل وعلى السلع ذات الاستهلاك الواسع، وهذا سيؤثر بشكل إيجابي على تحسن القدرة الشرائية لنقودنا، ثانيا، نحتاج إلى ترقية الانتاج خارج قطاع المحروقات، وذلك باعتماد مبدأ التحفيزات الجبائية وشبه الجبائية، وجعل الجزائر جنة ضريبية لمدة لا تقل عن خمس سنوات إلى عشر سنوات، عندها سيكون إنتاجنا قوي وترتفع قدراتنا التصديرية خارج قطاع المحروقات، ثالثا، اعتماد فكرة الدعم الانتقائي، عوض الدعم العام، فيكون للفئات الاجتماعية المحرومة في المجتمع الأولوية في الدعم الاقتصادي للمنتجات ذات الاستهلاك الواسع. هل يُمكن القول بأن لجوء بنك الجزائر إلى تخفيض قيمة الدينار بهذا المستوى يُترجم فشل الحكومة في النهوض بالاقتصاد الوطني بصفة عامة ؟ حكوماتنا بداية من القرن الواحد والعشرين كلها كانت حكومات فاشلة أوصلت البلاد إلى ما نحن عليه اليوم، وما استهلاكها لأكثر من 800 مليار دولار دون أن يكون لدينا القدرة لتصدير واحد مليار دولار صافية خارج قطاع المحروقات ومشتقاته يعتبر في حد ذاته جريمة ضد الاقتصاد الوطني خاصة وأننا شاهدنا حجم الملفات التي دخلت المحاكم نتيجة الفساد . ماذا تقترحون على الحكومة بخصوص ملف الدينار خاصة ونحن نراه الأرخص مقارنة بعملات الدول العربية المجاورة ؟ أولا بحث فكرة حذف صفر من عملتنا مثلما فعل التونسيون والأتراك، واعتماد عملة جديدة. ثانيا، تبني فكرة العفو الجبائي لرجوع الكتلة النقدية المكتنزة في البيوت. ثالثا، ترسيم سوق تجارة العملات. رابعا، لا يمكن لقرارات مكتبية أن تحل مشاكل اقتصادية عظمى، إنما الحوار الواسع مع الخبراء الوطنيين يمكنه أن يجد حلولا لطيفة تغير ولا تدمر، وأنا أقصد الضريبة التي فرضت على المودعين لأموالهم في البنوك نتيجة قانون استعمال الشيكات ووسائل الدفع للمعاملات التي تساوي مليون دينار في التجارة والتي تساوي خمسة مليون دينار في العقارات، خامسا، ننصح الحكومة بتبني سياسة جبائية تجسد فكرة الجنة الضريبية لمدة عشر سنوات لاستقطاب الاستثمارات العالمية.