رفع المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي تقريرا إلى الوزير الأول، عبد المالك سلال، يتضمن 50 مقترح استعجالي لتجنيب الجزائر تبعات الأزمة النفطية الراهنة، وتضمنت الوثيقة المعدة من طرف هيئة الخبراء وصفة سحرية مكوناتها إجراءات جبائية قاسية وتغيرات جذرية في أساليب التسيير وتمويل الميزانيات كفيلة بعدم إدخال الجزائر في دوامة الاستدانة والغليان الاجتماعي. دعا المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي الحكومة إلى الإسراع في مراجعة وثيقة قانون المالية لسنة 2016 وإدراج 18 مقترحا يرى خبراء هذه الهيئة أن تطبيقها على المدى القصير جدا بات ملحا من أجل تجنيب الجزائر الغرق في أزمة اقتصادية خانقة، ولتفادي هذا السيناريو في ظل تراجع العائدات النفطية للخزينة العمومية بحوالي 50 بالمئة، يقترح الكناس عقلنة النفقات العمومية واستهداف الفئات المحتاجة للدعم، موضح أن استرتيجية الدعم المطبقة حاليا تكلف ما يعادل 30 بالمئة من الناتج الداخلي الخام، وهي وضعية اعتبرها التقرير مهددة للتوازنات المالية الوطنية وتستدعي الإسراع في تقليص ميزانية الدعم عبر استهداف أمثل للشرائح المحتاجة فعلا للدعم. إلغاء دعم المواد الأساسية واستبداله بمنح للمحتاجين وضمن سياق يوحي باتجاه الجزائر نحو أزمة اقتصادية خانقة رغم تطمينات الحكومة العازمة على الاتجاه نحو الاستدانة الخارجية ذهب الكناس في تقريرها الموجود حاليا على مكتب الوزير الأول عبد المالك سلال إلى حد اقتراح إلغاء الدعم المعمم المنتهج حاليا وتعويضه بنظام بديل يعتمد على تخصيص أطرفة مالية تمنح مباشرة للأسر المحتاجة إليها وذلك بالاعتماد على رقم التعريف الوطني. كما يقترح المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي رفع تسعيرة الوقود بنسبة أعلي من 25 بالمئة محددة في مشروع قانون المالية 2016، بحيث دعا إلى رفع تسعيرة لتر البنزين ب 10 دينار بدل 5 دينار المقترحة في قانون المالية و15 دينار بدل 4 دينار بالنسبة للمازوت. رفع تسعيرة البنزين والمازوت ب 10 و15 دينار للتر الواحد وبخصوص النفقات العمومية قدمت هيئة باباس حلولا جذرية تضمن تقليصها بما لا يقل عن 20 بالمئة على مدى أربع أو خمس سنوات، وبحسب الوصفة المقترحة من طرف الخبراء ينبغي الحفاظ على المبالغ المالية للنفقات المخصصة حاليا من ميزانية الدولة ولكن مع ترك التضخم يؤدي دوره في هذا المجال، وفي المقابل أشار التقرير إلى ضرورة التوصل إلى التمويل الكلي لميزانية التسيير عبر الجباية العادية، ولتحقيق هذا الهدف سطر التقرير خطوات يجب تجسيدها على المدى القريب تتمثل في ضمان رفع تغطية ميزانية التسيير بنسبة 15 إلى 20 بالمئة من مداخيل الجباية العادية وذلك في ظرف خمسة على سبعة سنوات على الأقل، كما دعا خبراء »الكناس« إلى تقليص رواتب المسؤولين الكبار وإطارات السامي في الدولة بنسبة 5 بالمئة بصفة رمزية حتى تكون الحكومة والإدارة العمومية بمثابة القدوة. تقليص رواتب المسؤولين ومراجعة الضرائب على الأرباح ويقترح خبراء المجلس الاقتصادي والاجتماعي مراجعة جذرية للضريبة على أرباح المؤسسات، بحيث تضمن التقرير دعوة الحكومة إلى تفعيل نسبة ضريبة على أرباح المؤسسات لا تقل عن 30 بالمئة بالنسبة لنشاط الاستيراد بهدف البيع دوت تحويل، كما دعا إلى رفع الضريبة على أرباح المؤسسات في مجال الخدمات باستثناء على الخدمات النبيلة ذات القيمة المضافة العالية والتكنولوجية، وأوضح التقرير، المعد عقب اللقاء الذي جمع الحكومة بالمجلس الاقتصادي و الاجتماعي في 20 سبتمبر المنصرم، أن انتهاج هذه السياسة في مجال الضرائب المفروضة على أرباح المؤسسات من شأنها أن تضمن تقليص الضريبة على أرباح المؤسسات في القطاع الصناعي بنقطتين إلى ثلاث نقاط على الأقل وهو المقترح الذي يعكس بشكل واضح تأييد »الكناس« للطلبات التي تقدم بها أرباب العمل ومنتدى رؤساء المؤسسات للحكومة في هذا المجال والتي سرعان ما اكتشف الشركاء الاقتصاديون رفضها من قبل الحكومة بمجرد نشر قانون المالية التكميلي 2015 في الجريدة الرسمية. وضمن نفس السياق تضمنت وصفة هيئة باباس السحرية لتجنيب الجزائر أزمة مالية واقتصادية خانقة دعوة الحكومة إلى التفكير في تقسيم فترات تسديد المؤسسات للضريبة المفروضة على الأرباح بهدف تشجيع الاستثمار في المجالات ذات المردودية البطيئة على غرار القطاع الصناعي، كما يقترح التقرير مراجعة مختلف الإجراءات المتعلقة بتحسين الجباية بهدف إدراج إجراءات تمييز تفضيلي لفائدة بعض القطاعات بهدف إعطاء الدفع اللازم لتحفيز مؤسسات صغيرة مبتكرة في مجال الاقتصاد الرقمي. رفع سعر قسيمة السيارات ب 100 بالمئة وطرح التقرير فكرة رفع سعر قسيمة السيارات ب 50 بالمئة بالنسبة للسيارات بمحركات البنزين وب 100 بالمئة بالنسبة لمحركات الديزال وبمضاعفتها مرتين آو ثلاثة بالنسبة للسيارات الفاخرة التي تتعدى 10 أحصنة، وفي سياق آخر وبهدف تجنب انفجار فاتورة الواردات التي تقترب من عتبة ال 60 مليار دولار، دعا خبراء الكناس إلى فرض ضريبة مرتفعة على المنتجات الفاخرة وتلك التي تنتج الجزائر بديلا عنها. وبحسب وثيقة الكناس ينبغي تبسيط النظام الجبائي المتعلق بالأعباء الاجتماعية عبر إرساء نظام المساهمة الواحدة المسددة شهريا، حيث ترى هذه الهيئة أن الأعباء الاجتماعية يجب أن تحدد على نسبة التحصيل الكلي وليس على أساس كتلة الأجور وهو الإجراء الذي يرمي إلى تشجيع المؤسسات على التصريح بالعمال غير الشرعيين. مراجعة قاعدة 51 /49 بالمئة رافع المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي »كناس« لصالح مراجعة القاعدة 51/49 بالمئة المُطبقة على الشراكة الأجنبية في مجال الاستثمار موضحا أن تشجيع الاستثمار يمر أساسا عبر إزالة العراقيل الموجودة في الواقع سيما الإدارية منها، وتضمنت اقتراحات هذه الهيئة المرفوعة على طاولة الوزير الأول، أن القاعدة المذكورة يُمكن أن تُطبق في القطاعات الحساسة في مقدمتها قطاع السياحة، معتبرة أن الموقع الجغرافي للجزائر يمكن أن تجعل من هذا البلد قاعدة لوجستيكية عالمية. وشدد »الكناس« من خلال مقترحاته على ضرورة منح الأولوية كذلك للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص ودعا الحكومة في هذا السياق، إلى استعمال أموال صندوق ضبط الإيرادات، المُستغلة حاليا في سد عجز الميزانية، لتمويل المشاريع القاعدية، كما اعتبر أنه بإمكان الشراكة بين القطاع العام والخاص والبنوك العمومية أن تُجند موارد مالية تُعادل 10 مرات تلك التي يتوفر عليها صندوق ضبط الإيرادات. وفي المجال المالي، يرى المجلس الاقتصادي والاجتماعي أنه من الضروري »تفعيل الإجراءات الخاصة بالسوق الآجلة للعُملة«، وأوضح بأن هذا الإجراء يسمح للمؤسسات، خاصة تلك التي تستورد المواد الأولية من الخارج، من حماية نفسها من مخاطر العُملة. وجاء في وثيقة »الكناس« التي حملت 50 اقتراحا، أن رفع العراقيل البيروقراطية على العقار الموجه للهياكل السياحية وتحسين عملية تمويل المشاريع التي تدخل في إطار تشجيع النشاطات السياحية، ستكون حافزا لدعم وتطوير الاستثمار الوطني والأجنبي، كما أوصت الوثيقة على ضرورة تمكين القطاع الخاص من مشاريع تهيئة المناطق التوسعية السياحية. في سياق ذي صلة، أكدت هيئة محمد الصغير باباس، أن الموقع الجغرافي للجزائر يمكن أن تجعل من هذا البلد قاعدة لوجستيكية عالمية، سيما مع ارتفاع الأجور في الصين وفي ظل تنافسية اليد العاملة الجزائرية، ناهيك عن كون موقع الجزائر يُمكنها كذلك من أن تكون مركزا لنقل أنشطة الإنتاج، وأن تكون قاعدة لوجستيكية عالمية على المدى المتوسط نحو إفريقيا عبر تمنراست وتجاه آسيا مرورا بقناة السويس إضافة إلى أوروبا بسبب قربها الجغرافي. وفي الأخير، يُؤكد الكناس أنه بإمكان الجزائر كذلك أن تُصبح »بطلا عالميا« في مجال الطاقات المُتجددة بالنظر إلى الإمكانيات التي تتوفر عليها في هذا المجال، وهو ما يتم برايه عبر تطوير الطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية، ومن هذا المنطلق، ذكر بالدور الريادي للجزائر في مجال الغاز الطبيعي المُسال سنوات الستينات.