أليس جديرا بمجموعة ال 19 أن تنشر المعلومات التي بحوتها والتي تؤكد أن الجزائر في خطر للرأي العام عبر مختلف وسائل الإعلام، ثم تتحمل مسؤوليتها حول مصادقية معلومتها من عدمها، فليس حريا بالرأي العام أن يصدق كل من يقول له أنه يملك معلومة خطيرة حول الوضع في الجزائر، ولا يصدق من يقول خلاف ذلك. ففي الوقت الذي يحمد فيه الجزائريون الله العلي القدير لحفظ الجزائر من "مؤامرة الربيع العربي" يصرّ بعضهم على توفير شروط وظروف التنغيص على الشعب سكينته وطمئنينته وتطلعه الهادئ نحو المستقبل وسط ظروف صعبة حقيقة. وليس مستبعدا أن مبادرة مجموعة ال 19 لا تخرج عن سياق مسلسل بدأت أحداثه مع مجموعة "بركات" ثم استمر مع أحداث غرداية وقضية البطالة في الجنوب وتحديدا في ورقلة ثم التظاهر بخصوص قضية الغاز الصخري، مرورا بحكاية مساكن الترقوي العمومي، وبالموازاة معها كان رهان بعض الأحزاب على زعزعة الوضع في 5 أكتوبر 2015 بمناسبة ذكرى أحداث 1988، و استبشارها بنزول أسعار النفط على أمل سقوط النظام الجزائري، لكن كلها لم تفلح أما ارتفاع الوعي السياسي لدى الشعب. وبالموازاة مع ذلك ما تزال المحاولات الهادفة لاستقرار الجزائر مستمرة في شكل ما تقوم به حركة فرحات مهني المدعومة من قبل النظام المغربي والكيان الصهيوني ودوائر سياسية في فرنسا، وفي شكل تصريحات أجنبية كتلك التي أطلقها مقتدى الصدر في العراق لترويج "وهم الشيعة المظلومة في الجزائر" أو تلك التقارير الدولية الصادرة من وزارة الخارجية الأمريكية مثلا مثل التقرير حول الأديان في العالم أو حول الحريات الإعلامية وغيرها كثير. وفي هذا السياق تأتي مبادرة مجموعة ال 19، التي تبدو مكمّلة لما سبق، وكأنها الحلقة الجديدة في مسلسل "الإستهداف" الذي بات شبيها بأفلام الأوبيرا الصابونية في السينما اللاتينية أو الهندية. لقد اجتهدت مجموعة ال 19 في تغليف رسالتها للرئيس بوتفليقة بدعاية سوداء شبيه9ة بالأساليب الدعائية التي كان يقوم بها غوبلز وزير الإعلام الألماني في عهد هتللر. والدعاية السوداء هي تلك المعلومات غير الواضحة والتي يصعب التأكد من صحتها، لكنها تسوّق في شكل أخبار صحيحة ومؤكدة، الهدف منها ممارسة الحرب النفسية على الشعب وترويعه وزعزعة ثقته حتى في نفسه ومؤسسات بلاده وإحباط معنوياته في ظرف حساس تعيشه المنطقة العربية والإفريقية. فعندما تقول مجموعة ال 19 أنها تريد معرفة من يحكم الجزائر؟ فهي هنا حكمت حكما مسبقا أن الرئيس لا يحكم .. وبالتالي فإنها أخطأت في توجيه الرسالة. وعندما تقول مجموعة ال 19 أن الرئيس رهينة المحيط الرئاسي، فهي هنا تمارس الدعاية بهدف خلق "فتنة في المجتمع" وعندما يقول بوجمعة غشير وهو أحد الموقعين على الرسالة أن رد الفعل الذي أوقعته الرسالة يعني أن المبادرة حققت هدفها، يتأكد لنا فعلا الهدف الدعائي للمجموعة وهو خلق حالة من "الهلع" والشك في وسط الجماهير. وعندما تقول المجموعة أن الجزائر في خطر مما يستدعي مقابلة الرئيس، فهي هنا لا تستغبي الرئيس ومؤسسات الدولة فقط، بل تستغبي أيضا وسائل الإعلام والمجتمع ككل، وكأن الجميع لا يعرف أن الجزائر بفعل مختلف الأحداث الدولية المحيطة بنا، وبفعل الجماعات افرهابية النشيطة على حدودنا وبفعل انهيار اسعهار النفط الي جعل البلاد تفقد نصف مداخيلها. وإذا كان رئيس الجمهورية شخصيا قد طلب من الحكومة أن تقول الحقيقة للشعب بهذا الخصوص، فهذا بحد ذاته يفند على الأقل "الإستغباء" الذي حملته رسالة ال 19. أما تصريحات خليدة تومي المشهورة في وقت سابق باسم خليدة مسعودة لجريدتين ناطقتين بالفرنسية صادرتين يوم أمس القائلة أن الوضع خطير جدا وأنه لذلك قررت المجموعة مقابلة الرئيس حتى يسمع بنفسه "الوضع" فهذا محاولة لإيجاد عذر للرسالة أقبح من ذنب. فليس هناك أخطر من تحدي الدولة الجزائرية وزيارة إسرائيل، واستيلام جائزة الفاتيكان كمكافئة على معارضة فتح مركز ثقافي إسلامي في تيزي وزو، واستهداف القيم العقائدية للدين الإسلامي بشكل جهور. ولماذا أصبحت الجزائر في خطر، بعد تنحيتها من وزارة الثقافة؟ ولماذا لم تكن في خطر خلال ال 12 سنة الماضية، أو خلال تظاهرة الجزائر في فرنسا التي أنفقت فيها خليدة حسب وسائل الإعلام نحو 700 مليار سنتيم؟ مثلا بدون الحديث عن نفقات تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية والجزائر عاصمة الثقافة العربية. أما الدعاية الأخرى التي وظّفتها مجموعة ال 19 فتتمثل في الإختباء وراء مجموعة من المجاهدين الأشاوس الذين لقنوا فرنسا الإستعمارية ومن ورائها الحلف الأطلسي أروع التضخيات والبطولات ونكران الذات في سبيل الوطن، فهم، إن كنّا نلقبهم بالمجاهدين، فقد كانوا خلال الثورة "مشاريع شهداء"، لجأت إليهم مجموعة ال 19 سعيا لكسب مصداقية مفقدودة. الغريب في أمر هؤلاء المجاهدين، يكمن في توقيعهم وثيقة موقعة من قبل امراة لم يسبق لها أن ترددت في إطلاق تصريحات معادية للإسلام، أشهرها قولها أن "الصلاة أكبر إهانة للإنسان، وأنها تأسف على الأموال التي تضيع في سبيل الحج، وكان الأولى أن تبنى بها قاعات سينما!!"، وذلك في حديثها مع الصحافية الصهيونية الفرنسية "إليزابيث شملا" في كتابها بعنوان (خليدة مسعودي جزائرية واقفة)، وما إلى ذلك من السب والشتم في حق الإسلام واللغة العربية. لم يكن جديرا بالمجاهدين الإسهام في الأعمال الدعائية التي تهدف زعزعة الثقة في نفوس الشعب، فكم من معلومات دعائية نشرت ثم تبين أنها خاطئة، بما فيها معلومات حول المجاهدين أنفسهم. إن الشعب يعي ويرى ويسمع، فالمعلومات اليوم لم تعد محجوبة عنه بفعل انفجار تكنولوجيا المعلومات، واليوم إذا كان الشعب يأسف، فهو يأسف فعلا عن الظروف السياسية التي خلقت أسماء لجموعة كان مكانها الطبيعي في الهامش وليس في المركز. نعم، إن الجزائر في خطر، والجميع يعلم هذا، بفعل التقلبات الجيوسياسية والإقتصادية. فهل الأساليب المنتهجة من قبل مجموعة ال 19 هي الكفيلة بحماية الجزائر، أم أن هناك تفكير في الخفاء تحركه ايادي مجهولة؟ أنا لا أستيبعد اي شيء خاصة بعد محاولة نوادي الماسونية ممثلة في نادي الروتاري "الإستحواذ" على نادي رياضي ينشط في الدرجة الأولى لتسويق نفسه، وهو نادي سريع غيليزان .. ثم يصرح رئيسه جهرا ليقول أن "ما يهمه هو المال لفريقه" .. لقد أصبح كل شيء ممكن .