لم يتردد القائد العام للكشافة الإسلامية الجزائرية، محمد بوعلاق، في حواره ل »صوت الأحرار«، في الحديث بكل صراحة وجرأة عن واقع الكشافة الإسلامية الجزائرية، تحولاتها ورهاناتها، وغيرها من القضايا التي برزت من خلال الوجه الآخر للقائد الكشفي الذي سلك مسار المحارب طيلة عقود من الزمن، من طفولة تحلم بجزائر الغد إلى مراهقة تحمل فيها مسؤوليات أكبر منه، ليجد نفسه في قلب الإعصار هو يساهم في إعادة ترتيب البيت الداخلي للكشافة في مؤتمر الانبعاث الذي كان عبارة عن انطلاقة جديدة في حياة هذا التنظيم التاريخي، بوعلاق الطفل، الشاب، الأب والجد، وكذلك الصديق في عمله مع كل الموظفين، يبقى حريصا على أن تكون الأمور في نصابها، في إطار عمل نضالي متواصل لا يكاد ينقطع، فالنضال، كما يقول، هو كل حياته. لمن لا يعرف القائد بوعلاق، من أين كانت الانطلاقة وكيف كانت البداية؟
أنا من مواليد 24 فيفري 1963 بمدينة سوق أهراس، من عائلة عددها معتبر، ككل العائلات الجزائرية ، أسرة متكونة من إحدى عشر أخ وأخت، وترتيبي هو الخامس في وسط هذه العائلة، تنقلنا مع الوالد رحمه الله سنة 1965 إلى العاصمة وسني لم يتجاوز سنتين، أقمنا في بلدية رايس حميدو في سكن إيجاري خاص، وبعدها بحي ديار الشمس في المدنية بعد أن حصل والدي على سكن اجتماعي، وعن نفسي تربيت في حي شعبي وسط عائلة بسيطة وميسورة الحال إلى حد ما، كل أفراد العائلة كان يعيلهم الوالد والجميع مهتم بالدراسة، في الوقت الذي كان فيه المسؤول الأول عن الأسرة يكد ويعمل لكسب القوت. الوالد كان حريصا على تربيتنا أحسن تربية بالإضافة إلى تركيزه على الجانب التعليمي، كان يشتغل عاملا متعدد التخصصات في المدرسة السلكية واللاسلكية بالمرادية، وحرصه على تعليمنا نابع مما عاناه من حرمان في فترة الاستعمار الفرنسي، حين حرم الجزائريون من حقوقهم الأساسية كمواطنين، كان يريد أن يرى حلمه يتحقق في أبنائه، أما الوالدة التي أتمنى لها طول العمر والصحة والعافية، فكانت بمثابة السند القوي لمهمة الوالد وكانت تحمل همنا في البيت وتهتم بالدراسة، الصحة وتحرص على أن نظهر أمام الناس في أحسن حال، كانت دائما تفتخر وتعتز بأن لها مثل هذا العدد الهائل من الأبناء والبنات، لتمنح كل واحد منا مكانته الخاصة به.
وما هي مكانة محمد بوعلاق الابن الوسط في هذه العائلة؟
كنت أحظى بمكانة مميزة، فهناك إخوة كبار يساعدون الوالد في توجيهنا ودراستنا، بحيث كان لديهم قسط من التعليم، خاصة أكبرهم الذي كان بمثابة الأب الثاني لنا، كنت أحس أني أعيش في أسرة تجمعها علاقات حميمية بداخل ذلك البيت، بالفعل كنت محظوظا وسط إخوتي وهذا الموقع أعطاني مكانة خاصة. وعن نفسي، كنت أتميز بشخصية هادئة وبالرغم من صغر سني ومرحلة المراهقة، بقيت ملتزما بذلك الهدوء في البيت، وهذا ما جعل الوالد يستشيرني في عديد القضايا العائلية، يحدثني ويناقشني في مواضيع معينة، إلى درجة أني كنت أشعر أني أكبر من سني وأتساءل هل يحدث الشيء نفسه مع باقي إخوتي. كنا نعيش في جو عائلي دافئ، حياة قائمة على التواصل، صحيح لم يكن لدينا تلفاز، إلا أن مذياع الوالد كان يصنع الحدث، حيث نجلس للاستماع إلى نشرات الأخبار التي كانت مقدسة بالنسبة للوالد، لا حركة ولا همس، الجميع ينصت، أما باقي الأوقات فنقضيها في جلسات سمر ونحن نسمع من الوالد قصصا تاريخية مرتبطة بمعاناته خلال فترة الاحتلال، قصص أخرى للترويح وأخرى من التراث، إلى جانب حكايات عن الأجداد التي كانت تتفنن في روايتها جدتي الوحيدة من الوالد لأن الباقي توفوا، كانت تروي لنا قصص الأجداد الذين لم يكن لنا الحظ للقائهم.
وماذا عن المسار الدراسي للسيد بوعلاق؟
المسار الدراسي كان بداية من المدرسة الابتدائية بديار الشمس، كنت من التلاميذ الأوائل في القسم، همي الوحيد هو الدراسة والتعليم، لم أكن تلميذا مشوشا، كنت منضبطا إلى حد بعيد، وهذا ما منحني مكانة في القسم، مكانة احترام، وبنفس الوتيرة واصلت دراستي بمتوسطة الناظور، نفس السلوك مع علاقة احترام كبيرة مع أساتذتي. وأذكر أن هناك شخصيات ممتازة تأثرت بها، كنت مزدوج اللغة حينها، حيث كنا ندرس العلوم والرياضيات باللغة الفرنسية وباقي المواد باللغة العربية، ومن ثم انتقلت إلى مرحلة الثانوي بالمدرسة التقنية بالمحمدية، درست المحاسبة، كنا ندرس كل المواد بالفرنسية، وبالرغم من أنني لم أدرس في المسجد، إلا أنني كنت أتقن اللغة العربية وأعشقها، الدراسة كانت مكثفة، بعدها انتقلت إلى ثانوية الحامة ببلوزداد، غيرت الشعبة إلى العلمي ولم أحصل على البكالوريا، حينها قررت أن انتقل إلى التكوين المهني وتحصلت على شهادة تقني في المحاسبة ومن ثم اقتحمت عالم الشغل ولكني، موازاة مع ذلك، سجلت في جامعة التعليم المتواصل تخصص علوم اقتصادية.
كيف كانت انطلاقة الكشاف الصغير وما هي أحلامه في تلك المرحلة؟
التحقت بالكشافة سنة 1974 وسني لا يتجاوز 11 سنة، في فوج السلام بديار الشمس، مررت بكل المراحل الكشفية وتقلدت عدة رتب في الطليعة، الوحدة والفوج، وانتقلت بعدها إلى قيادة الفوج بداية من الثمانينات ثم أصبحت رئيس المكتب البلدي للكشافة وكنت مسؤولا على 3 أفواج بالمدنية، إلى أن أصبحت عضوا في المكتب الولائي للكشافة بالعاصمة سنة 1987. كان لنا طموح في عودة الكشافة الإسلامية إلى أصولها من خلال تسميتها التاريخية، تلك الكشافة التي حلم بها الشهيد أحمد بوراس، وعليه شاركت في اللجنة التحضيرية لمؤتمر 1989، وسني لا يتجاوز 26 عام، كنت بالفعل أصغر عضو في اللجنة التحضيرية ولعبت دورا كبيرا في التحضير للمؤتمر الذي انعقد في شهر جويلية من تلك السنة، وانتخبت عضوا في اللجنة المديرة للمنظمة الكشفية الجديدة. وجاءت التعددية السياسية التي أعطت فرصة لاستقلال الكشافة الإسلامية وأصبحت تخضع لقانون الجمعيات الذي سن في عام 1989 وانتخبت كأول محافظ ولائي في تلك السنة، أي مباشرة بعد مؤتمر الانبعاث وإلى غاية 1991. وكيف التحقت بالكشافة؟
أذكر تلك الواقعة جيدا، كان أخي الأصغر مني بسنتين، هو في الحقيقة صديقي أيضا، توفي سنة 2004 رحمه الله، كنا في كل مرة نمر عبر فوج للكشافة بحينا في ديار الشمس، كنا نخطف النظر كلما نرى الباب مفتوحا، فنرى أولادا بزي مختلف ومن ثم تساءلنا، ماذا لو نلتحق بهم، طلبنا الإذن من الوالد الذي رحب بالفكرة، وأعد لنا الرخصة الأبوية وقمنا بإعداد الملف المطلوب بعد أن استفسرنا على مستوى الفوج، والطريف في الأمر أن أخي كان أول من أودع الملف والتحقت به بعد مرور أسبوع، كنت أنا في صف الكشاف وهو في صف الأشبال، لكنه للأسف لم يواصل مساره النضالي، صحيح بقي متعاطفا مع الكشافة إلى أخر يوم من حياته بالرغم من أنه شغل مناصب أخرى في مساره المهني بحكم أنه تحصل على شهادة البكالوريا وشغل منصب ضابط في الدرك الوطني. في النهاية كان دائما معجبا باستمراري ونضالي في الكشافة.
ماذا يمثل مؤتمر الانبعاث بالنسبة لك كمناضل في الكشافة الإسلامية الجزائرية؟
مؤتمر الانبعاث يعني لي الكثير، فبعد الاستقلال استمرت الكشافة وإلى غاية سنة 1975 في نشاطها بطريقة عادية في إطار الامتداد التاريخي لها منذ عهد الثورة، وبعد تأسيس الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية في 19 ماي من العام 1975 تم حل التنظيم الكشفي وإلحاقة كفرع بهذا الاتحاد الجديد، وتم التخلي عن الكشافة، حيث فقدت روحها وأصبحت تسير من طرف أشخاص ليس لديهم علاقة بالكشافة، وبعد مؤتمر الانبعاث وفي عهدة 4 سنوات اختصرتها في سنتين، عقدت جمعية انتخابية، لأن القيادة العامة طلبت مني الالتحاق بها، وبالفعل هذا ما حدث، حيث التحقت بها كعضو إلى غاية سنة 1997، وأصبحت نائب القائد العام إلى غاية جانفي 2015.
ما هي الشخصيات التي تأثرت بها في مسارك المهني والنضالي؟
البداية بالوالد الذي كان مجاهدا وغيورا على الجزائر وكان له برنامج إذاعي يسمعه كثيرا، أذكر ذلك، البرنامج كان على الساعة السادسة مساء بعنوان، صوت الثورة الفلسطينية، في تلك الفترة لا حركة ولا صوت، الكل يصمت في البيت حتى نهاية البرنامج. وبذلك عشت القضية الفلسطينية، إضافة إلى كل ما سمعناه عن ثورة التحرير الوطنية، بالنظر إلى التشابه الموجود بين الثورتين، من باب تسلط كيان أجنبي على أرض واحتلاله لها، المقارنة جعلتني أتمسك بالقضية الفلسطينية، كنت متأثرا كذلك بشخصية الرئيس الراحل هواري بومدين، قوة الشخصية، الخطاب، قوة التحدي والقرارات في قضايا التحرر والقضايا الدولية، كان يعتبر رمزا في تلك الفترة، بكينا كثيرا عند إعلان خبر وفاته، حاولت أن التحق بقصر الشعب لألقي النظرة الأخيرة عليه ولكني لم أتمكن من ذلك بسبب الجماهير الغفيرة وفي الأخير اكتفيت بمرافقة الموكب الجنائزي ، هو الشخص الذي ترك بصمات عميقة في ذاكرتي، إضافة إلى شخصيات أخرى منها الأساتذة الذين تعلمت على أيديهم. وفي الكشافة هناك شخصية الشهيد محمد بوراس، هناك الشيخ عبد الحميد بن باديس، البشير الإبراهيمي، أبطال الثورة، وغيرهم من شخصيات جمعية العلماء المسلمين، والشهيد العربي بن مهيدي.
من غذى في محمد بوعلاق روح الوطنية؟
الوالد رحمه الله هو أول من غذاها، ثم الكشافة الإسلامية الجزائرية، الوطنية كبرت معنا ولا أنكر أني كنت متأثرا بالأفلام الثورية التي تركت وقعا كبيرا في نفسي.
وماذا عن دور الكشافة في إذكاء هذه الروح لدى الناشئة؟
كل أنشطة الكشافة الإسلامية مرتبطة بالوطنية، بداية من الحركة الوطنية ومن ثم ثورة التحرير، وهذا ما يدفع التنظيم الكشفي إلى غرس الروح الوطنية من خلال احترام رموز تاريخ الجزائر، العلم الوطني، الأناشيد الوطنية، مسرحيات نمثل من خلالها أدوارا تاريخية، كما نسعى إلى إعطاء فرصة للكشفيين حتى يعيشوا تلك اللحظات الملحمية، ننظم رحلات ومخيمات للتنقل بين مختلف ربوع الوطن ونحث الشباب على التنوع.
وسط هذا المشوار، ماذا عن الحياة الخاصة للقائد العام للكشافة؟
الكشافة أخذت مني كل جهدي ووقتي خاصة وأنا عضو قيادي، كنت أنشط كثيرا وأعطيتها وقتا كبيرا، كنت أكتب، أنظم دورات وأقترح برامج، وأصدقائي يعولون علي كثيرا ويحترمون رأيي، ومع ذلك الوالدة كانت تصر على زواجي، وفعلا تزوجت استجابة لطلب الوالدة وإلحاحها سنة 1988، كان عمري 25 سنة، كان زواج تقليديا أثمر بكثير من الحب في رحلة عمر طويلة ولا تزال متواصلة إلى يومنا هذا، كان أحد الأصدقاء عرض علي أختا له للزواج، أعجبتني باعتبار أنها كانت امرأة جميلة وصاحبة سلوك وبنت عائلة، الحمد لله الذي رزقنا أربع بنات وطفلا.
هل تتفهم الزوجة مسارك النضالي؟
في البداية نعم، كانت متفهمة وقد اهتمت بتربية الأولاد، كانت ماكثة في البيت والحمد لله أولادي كانوا دائما متفوقين في الدراسية، التحقوا بالجامعة ولكن مع ضغط السنين بدأت الزوجة تتضايق وتحاول الضغط علي لإعطاء وقت للأسرة. أما أولادي فقد تربوا في الكشافة وزوجتي كانت قريبة مني لأنها تحضر بعض النشاطات كضيفة شرف، البنات تخلوا عن الكشافة بحكم انشغالاتهم، أما الولد فلا يزال مناضلا إلى يومنا هذا وهو يزاول دراسته بالجامعة.
ماذا أعطتك الكشافة وماذا أخذت منك؟
في العقدين الأولين أعطتني الكثير بحكم فرصة التكوين التي حصلت عليها داخل هذا التنظيم، وبعدها أخذت مني الكثير وهذا واجب، كان علي أن أرد الجميل، وفي نهاية المطاف هي علاقة أخذ وعطاء مستمرين، ولا يمكنني أن أتخيل حياتي بعيدا عن الحياة الكشفية.
ما هي الأدوار التي لعبتها داخل هذا التنظيم، على الأقل تلك التي تراها مهمة؟
كما سبق وأن قلت لكم، ساهمت في مؤتمر الانبعاث لأنه كان له تأثير كبير، خاصة بالجزائر العاصمة، لأننا تمكنا من إدخال العاصمة في هذا المسار بداية من سنة 1989، ساهمت كذلك في إعداد برنامج تربوي للكشافة سنة 1994، بالإضافة إلى إعادة إدخال سياسة تكوين وتدريب للقيادات الكشفية بمفهومها العصري الجديد وهذا سنة 1995.
كيف قضيت فترة التسعينات بحكم المناصب التي كنت قد اعتليتها حينها؟
عشناها كما عاشها الشعب الجزائري ولكننا كنا في قلب الحدث، والهدف هو بقاء مؤسسات الدولة، لا يجب أن ننسى أن الكشافة مدرسة وكان يجب أن نكرر الموقف التاريخي لهذا التنظيم، نددنا في تلك الفترة بالعمليات الإرهابية، دعينا للحوار وللمصالحة الوطنية كما شاركنا في المرحلة الانتقالية وكنا نتنقل إلى الأماكن التي عاشت المجازر الإرهابية، لدينا ضحايا كثر، والجميع يذكر حادثة مقبرة الشهداء بسيدي علي بولاية مستغانم، براعم كانوا هناك لوضع الزهور مع الوفد الرسمي بمناسبة عيد الثورة في سنة 1994، انفجرت قنبلة تقليدية، فتية وفتيات راحوا ضحية ذلك العمل الإجرامي. وجدير بالذكر أن تلك الواقعة كانت بمثابة تحول للرأي العام الداخلي حول الإرهاب، بعد التردد الذي كان يدور في أذهان البعض، ليفهموا وبصفة نهائية أن الإرهاب أعمى ولا يبقي ولا يذر، بعدها مباشرة خرج مواطنون عبر 48 ولاية في مظاهرات للتنديد بالإرهاب والمطالبة بالمصالحة الوطنية. كما شاركت في فترة التسعينات في ندوة الوفاق الوطني وذلك في سنة 1994 في الجزائر، التقينا مع الرئيس الرحل محمد بوضياف وتكلمنا على دورنا ككشفيين، كانت لديه نظرة تاريخية وقال إن الشباب الجزائري قادر على أداء أدوار عظيمة لو نقنعه، كانت لديه نظرة محترمة للشباب. وكان لدينا دور في الخارج لتصحيح صورة الجزائر لدى الغرب الذي كان يتهمنا بالإرهاب ويسعى إلى تشويه صورة الجزائر.
في شهر جانفي 2015، انتخبت قائدا للكشافة، كيف تلقيتم الخبر؟
لم يكن يخطر ببالي أبدا أن أترشح أصلا لهذا المنصب، لأنني لم أفعل ذلك في السنوات الفارطة بالرغم من توفر الفرص، كنت أكتفي بلعب الأدوار الأساسية من كل المواقع التي كنت متواجدا بها، لكن ما عاشته الكشافة من تجاذبات سياسية، جعلت أعضاء الكشافة تلتقي وأقنعوني بضرورة الترشح لإعادة رسالة الكشافة إلى مسارها الصحيح، وبالفعل هذا ما حدث. بعد انتخابي دافعت على جملة من الأفكار لإصلاح الكشافة ولقيت تجاوبا، قمنا بتحديد عهدات القائد العام والمسؤولين الولائيين، قادة الأفواج وعمدنا إلى إعطاء فرصة للدماء الجديدة من باب تكريس مبدأ التداول الديمقراطي على مختلف المناصب. بصمتنا كانت في رسم الأولويات لبرنامج الكشافة لاسترجاع دورها التربوي والحمد لله فإن كل هذه المشاريع والمبادرات لقيت ترحيبا وقبولا لدى الأغلبية.
وماذا تم تحقيقه بعد مرور سنة من توليكم لهذا المنصب؟
مع نهاية العام الجاري تم انجاز أغلب النقاط التي حددت بداية السنة، في انتظار عقد تجمع وطني لقادة الأفواج من ألف إلى ألفين قائد وهذا خلال الفترة الممتدة ما بين 16 إلى 20 ديسمبر 2015، كما تم تحقيق باقي الأنشطة، أعدنا الكشافة لمسارها وحققنا الكثير، الخطاب أصبح يصب في هذا المسار، حققنا هدف تحسين صورة الكشافة واسترجعنا المصداقية وأعدنا بناء الثقة في الداخل والخارج، تم مراجعة اتفاقيات الشراكة وسنختم السنة بإمضاء اتفاقيتين مع كل من وزارتي المجاهدين والتربية، في مختلف المجالات، الأولى تهتم بربط الشباب الجزائري بثورة نوفمبر وربطه بأجداده ليكون الولاء للوطن، والثانية ستهتم بتطوير النشاطات الثقافية ومكافحة العنف في الوسط المدرسي والمخدرات، بالإضافة إلى اتفاقية مع الأمن الوطني والمديرية العامة لإدارة السجون، في اعتقادي الكشافة استرجعت مكانتها الداخلية والخارجية، فنحن نشارك في عديد التظاهرات الدولية، هناك وفد جزائري من 130 عضوا كانوا في اليابان وصنفوا ضمن أحسن وفد عربي على الإطلاق، وفد آخر من 40 عضو زار الأردن، هناك إعادة تواصل مع الأشقاء في المغرب لبعث التكامل المغاربي، وفي هذا السياق سيتم تنظيم مؤتمر الاتحاد المغاربي للكشافة في مارس 2016 والذي سنشارك فيه بقوة، خاصة وأنه يعتبر بمثابة الاجتماع الأول بعد أن توقف لمدة 16 سنة.
هل تفكرون في الترشح لعهدة كشفية جديدة؟
هدفي هو تحقيق البرنامج المسطر على مدار السنوات الأربع المقبلة وحاليا لا أفكر في الترشح وربما تكون هناك أمور أخرى.
وماذا عن انتمائكم السياسي؟
الانتماء السياسي مكفول دستوريا، الكشافة كمدرسة لتكوين الأجيال لا يمكن أن تمنع عضوا من الانتساب إلي أي حزب، لأن هذه الأخيرة بدورها مدارس سياسية، فقط نريد غرس حب الوطن في نفوس الأجيال الصاعدة ليكون ولاؤها الأكبر للوطن، الفرق في اعتقادي بيننا كمنظمة كشفية وحزب سياسي، هو أننا نكون المواطن بينما الأحزاب تكون المناضل.
ولكن ماذا عن انتمائكم أنتم السيد بوعلاق؟
انتسابي كمناضل هو لحزب جبهة التحرير الوطني، وهذا لا يمنعني من الحياد السياسي كقائد عام للكشافة الإسلامية الجزائرية، تربطني مسافات متساوية مع كل الأحزاب والحساسيات.
وماذا عن بوعلاق الوالد داخل المنزل؟
لن أفتخر بنفسي، أنا أختلف عن كثير من الأولياء بحكم تجربتي الكشفية مع الأطفال، في المنزل أتعامل مع أبنائي بكل حرية وديمقراطية، الحوار حاضر بقوة ولا أجبرهم على أي شيء، أمنحهم بعضا من الوقت وأتشاور معهم كما أترك لهم جرأة طرح أي سؤال مهما كان، أحترم خياراتهم، هي تربية محافظة، كما أن زوجتي تبنت تربية دينية للأطفال في ظل المرافقة الدائمة لهم.
هل تصطدم معهم في بعض الأحيان؟
من الطبيعي أن نصطدم في الحوار والنقاش ولكن في نهاية المطاف يبقى الحوار هو صاحب الغلبة، أنا لا أريد نسخة طبق الأصل من بوعلاق، فكل واحد لديه شخصية خاصة به.
هل أنت حقيقة جد؟
من قال لكم ذلك. بالفعل لدي حفيد يبلغ سنة من العمر، هو بهجتي وفرحتي بلقائه لا توصف. له مكانة خاصة عندي ونحن متعلقين يبعضنا البعض، هو نقطة ضعفي كما يسميه أصدقائي.
هل أنت طباخ ماهر؟
محدود جدا وضعيف رغم أنني كشاف.
هل تطالع في أوقات الفراغ؟
ليس لدي وقت كبير، آخر كتاب طالعته كان للدكتور بشير مصيطفى حول الاستشراف للمستقبل، أنا ميّال للكتب التاريخية لا سيما ما تعلق منها بتاريخ الجزائر القديم والحديث وكذلك التاريخ الإسلامي وأطالع طبعا الكتب التربوية لتكوين نفسي ككشاف، كما تستهويني الكتب السياسية.
وماذا عن اللغة العربية؟
أنا ذواق للغة العربية وتأثرت ببعض الأساتذة، كنت أكتب الشعر في المتوسطة بالرغم من أن أغلب دراستي كانت باللغة الفرنسي، حيث أنني عوضت ذلك بالمطالعة كثيرا باللغة العربية التي أعشقها حتى النخاع رغم أصولي الأمازيغية، فالعربية لغة القرآن والعلم الذي صدر إلى أوربا في زمن مضى.
ما هي فلسفتك في الحياة؟
الحياة بالنسبة لي هي كفاح من أجل قيم سامية والعمل على تكريس مبادئ يعيش من أجلها الإنسان، هي محطة لا بد أن نترك فيها بصمات إيجابية.
هل تقبل الانتقادات؟
أرحب بها كثيرا، أحب الحوار الهادئ، أقبل الاختلاف والانتقاد البناء.
وكيف تواجه المتهجمين؟
أنا متسامح ولا أبالي ولا أحب من ينقل لي شيئا من هذا النوع، ليس لي أي رد فعل، وفي اعتقادي أحسن رد فعل هو أن الإنسان يقوم بما يؤمن به دون الالتفات لهؤلاء الأشخاص لأن إرضاء الناس في الأخير غاية لا تدرك.
هل تمارس الرياضة؟
مارست أنواعا كثيرة من الرياضات في الماضي مثل الكونكفو وحاليا اكتفي بالمشي.
ماذا بعد الكشافة؟
مواصلة النضال في العمل السياسي من أجل تقديم خدمة للوطن، أنا لا أؤمن بالتقاعد.
كلمة أخيرة..
أقول للشباب الجزائري إن هناك حدا أدنى من القواسم المشتركة يجب أن تجمعنا لنحافظ على أمن واستقرار بلادنا ونلتحق بركب الشعوب المتطورة، بلادنا تتمتع بكل القدرات والإمكانيات ومهما اختلفنا تبقى الجزائر فوق كل اعتبار تجمعنا من أجل غد أفضل.