أبى الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني أن ينساق وراء الجدل العقيم، الذي أثاره مسؤول حزبي، حيث فضل الاهتمام بالقضايا الجوهرية التي تهم البلاد في حاضرها ومستقبلها، خاصة في هذا الظرف، الذي يراهن فيه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة على تتويج الإصلاحات السياسية التي بادر بها، بتعديل الدستور. لم يرد الأمين العام للحزب الخوض في قضايا هامشية، تحاول أصوات الإثارة، من خلال مكبرات صوت إعلامية، جعلها في صلب اهتمامات المواطن، حيث يسعى أصحابها، من المزايدين والمتقولين، إلى اتهام حزب جبهة التحرير الوطني بما ليس فيه، ولذلك حرص الأمين العام على أن تكون مسألة المراجعة الدستورية على رأس الاهتمامات. لقد تحدث الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني، في لقائه بالنواب، بصراحة عن كل القضايا، لم يمتنع عن الإجابة عن أي سؤال ولم تكن إجاباته عائمة أو مائعة أو متزلفة، بل تنطلق من رؤية واضحة، ناضجة ومسؤولة وتتضمن مواقف جريئة ورؤى واضحة، تصب كلها في مصلحة الجزائر، حاضرا ومستقبلا. إذن، لا وقت يضيعه الأمين العام للحزب في جدل عقيم، لا جدوى منه، لكن ذلك لا يعني أبدا السكوت عن الاتهامات الباطلة أو القبول بها أو اعتبارها لم تحدث، لذلك يرى الأمين العام بأن الوقت غير مناسب للرد، اقتناعا منه بأن هناك قضايا تتصدر اهتمامات حزب جبهة التحرير الوطني وأن الظرف يقتضي تحديد الأولويات والتبصر الواعي بما يجوز ولا يجوز وعدم الانسياق وراء المهاترات، التي يريد البعض إغراق الساحة السياسية بها. إن توضيح الحقائق للرأي العام أمر واجب، تفرضه الحقيقة في حد ذاتها، أولا: لفضح التزييف، الذي يريد البعض تسويقه ومحاولة إقناع الناس به، وثانيا: لان المنافسة السياسية، وهي ضرورية بين مختلف الأحزاب، بما في ذلك تلك التي تنضوي تحت لواء الموالاة، إذا كانت تقتضي خوض معارك شرسة، فذلك لا يعني تجاوز الحدود التي يضبطها القانون وتلزم بها أخلاقيات الممارسة السياسية، وثالثا: إن المهزوم في كل انتخابات يلجأ إلى سلوك "التلميذ الخائب"، الذي يبرر رسوبه بإلقاء اللوم على غيره، خاصة المعلم. أليس الحديث عن "الشكارة"، الذي أراد به صاحبه "تبييض" نفسه وحزبه، دليلا واضحا على الشعور بالانكسار، ألم يكن الأسلم هو الاعتراف بالنتيجة التي أفرزها الصندوق، عوض توزيع التهم وإقامة "المتاريس" و"الخنادق"، في وقت توجد فيه أحزاب الموالاة تحديدا أمام امتحان كبير، هو إنجاح تعديل الدستور وضمان أغلبية مريحة لتمريره عبر البرلمان. لقد حرص الأمين العام عمار سعداني، منذ توليه أمانة حزب جبهة التحرير الوطني على المصارحة وعدم التخفي وراء الكلمات الميتة، التي لا تحمل أي رأي أو موقف، بل كان دائما حريصا على المكاشفة، وفق ضوابط أخلاقية، وليس من خلال الإساءة للغير أو النقد من أجل النقد أو التجريح والتشهير بالخصوم. إن المواقف التي يبديها الأمين العام، ليس بهدف الإثارة أو الاستفزاز، كما أنها ليست استعراضا للقوة ولا مجرد طلقات بارود في الهواء، وهي ليست تعبيرا عن حالة سخط أو غضب، بل هي ترتكز على رؤية واضحة، تبدأ وتنتهي عند مصلحة الجزائر أولا وأخيرا. ويخطئ من يعتقد بأن عمار سعداني يخوض معركة بالوكالة أو أنه مكلف بمهمة أو أن هذه المواقف مملاة عليه وأنه مجرد ناطق باسم غيره!إن ما يبديه عمار سعداني من آراء ومواقف هي قناعات راسخة، ما فتئ يجاهر بها منذ سنوات سواء كان مناضلا أو مسؤولا، لم يتراجع عنها ولم يعلن "التوبة" رغم المساومات والابتزاز والتهديد، بل ظل مستمسكا بما يؤمن به، مدافعا عنه، لا يبغي من وراء ذلك سوى خدمة الجزائر. لذلك كله، فضل الأمين العام للحزب عدم الرد على تلك التصريحات، التي تحمل الأكاذيب المفضوحة، لأن الوقت يجب أن يستثمر في ما هو أكثر أهمية وأولوية، خاصة وأن الساعة هي لجمع وتجنيد كل القوى التي تناصر برنامج رئيس الجمهورية وتسعى لإنجاح تعديل الدستور. التحرير