ا نزال في حالة من الاستغراب لحالة الهستيريا التي عمت أجهزة الإعلام المصرية، والتي نقلت مباراة رياضية من ساحة الملاعب إلى ساحة الدولة، وقد كنا نحسب أنها حالة طبيعية نتيجة الصدمة التي حصلت لهم بعد فوز الجزائر الذي كانوا يحسبونه مستحيلا، إلا أن المشاركين من الإعلاميين والسينمائيين والفنانين والراقصات وأشباه الرجال من الفضائيات، وعلى رأس كل هؤلاء مسؤولين على مستوى قمة هرم النظام في مصر لوثوا كل ما ربط البلدين من تاريخ وكفاح مشترك• إنهم أصبحوا كالكلاب المسعورة ينهشون في الجزائر شعبا وتاريخا ونظاما وهم في ذلك كمن يجلد نفسه في ساحة عامة، والأمر المحير أن أولئك الأقزام من فضائيات مصر يتصورون ببذاءتهم تلك أنهم أصبحوا نجوما ونسوا أن العالم بأسره والعالم العربي على وجه الخصوص قد وضع هؤلاء في المزابل وراح يتساءل أين هي مصر العظيمة بأولئك الرجال الذين صنعوا المجد والتاريخ وكانوا منارات للكفاح والثقافة والعلم والدين وروح التوحد، أين أولئك الرجال والنساء الذين كانوا على مر الزمان والأنظمة يبنون حضارة مصر ويرسمون مسارها التاريخي المليء بالعزة والكرامة والأنفة•••هل ذهب كل أولئك ولم يبق سوى فتات الموائد الذين علينا أن نعتبرهم بقايا وليمة دسمة مصيرهم إلى القمامة حتى ولو بدوا في لباس الكبار! الجزائر تواصل العيش في أيام الأفراح وكل الشعب خرج في كل أنحاء الوطن وشعاره الوحيد تحيا الجزائر وبيده العلم الوطني•! إنها ظاهرة ستبقى خالدة ومخلدة في حياة شعبنا الذي يعشق على مدى تاريخه التحدي التضحية من أجل الانتصار• لقد توحد الشعب وهو يخوض معركة التحرير لاستعادة السيادة، وخرج يوم الانتصار كرجل واحد بعد أن سجل أعظم كفاح لشعب على مدى التاريخ وهو اليوم استعاد تلك الأيام، فعاش وحدة واحدة تردد على أسماع الدنيا "تحيا الجزائر"•! إحساس كهذا يتدفق من حناجر الكل شبابا وشيوخا رجالا ونساء، أطفالا وكبارا ليس ظاهرة تلفت النظر ولكنه فعل يؤكد على الروح الوطنية المتجذرة في دماء هذا الشعب الأبي، الذي أثبت من جديد بأنه إن تجاذبته الأحداث والتحديات إلا أنه في اللحظة التاريخية يتحول إلى مارد جبار لا شيء يقف أمامه إذا كان الأمر يتعلق بالجزائر وسيادة الجزائر وكرامة الجزائر••• تلك هي الأشياءالتي يفتقدها الآخرون، وتلك هي الأشياء التي تجعل من الشعب الجزائري كبيرا في فرحه كبيرا في غضبه، كبيرا في ثورته، كبيرا في انتصاراته•• والآخرون أصغر من أن تحسب لهم حسابا•••فلن يكونوا إلا مجرد مجموعة كلاب حرضوهم على النباح والتقيؤ في وجه الشعب المصري بعد أن أجهضت "ركلة" من قدم "عنتر يحيى" مشروعا كاملا لنظام أخذ من المناسبة جسرا للمرور إلى مرحلة يتحول بها من مصر الجمهورية إلى مصر الإمارة! يكفينا هبة العالم وكل الشرفاء فيه ليكونوا معنا ويكفينا الفرحة التي تغنينا عن مهاتراتهم التي لا تزال مستمرة وتقطر حقدا وكراهية وكذبا•••نحن أكبر من ذلك ولن نسقط إلى ذلك الحضيض الذي - مع الأسف- وضعوا قاهرة المعز فيه•••آه يا مصر لقد أهانك علماؤك وكتابك ومثقفوك وفنانوك وحتى الراقصات وأشباه الرجال• فعذرا يا مصر التاريخ إن أهانك غلمان العصر!!