شدد المجاهد صالح قوجيل عضو أمانة الهيئة التنفيذية لحزب جبهة التحرير الوطني نهاية الأسبوع المنقضي في ندوة نظمها الحزب في ذكرى مظاهرات 11 ديسمبر على أهمية التدقيق في تاريخ الثورة التحريرية من خلال دراسة تحليلية للعوامل والأسباب المحيطة بهذا التاريخ تتجاوز مجرد التوقف عند كل ذكرى تاريخية وإحيائها، كما دعا إلى أهمية استثمار الالتفاف الشعبي خاصة من فئة الشباب حول الراية الوطنية لتعزيز الروح الوطنية لدى فئة أجيال الاستقلال مستشهدا بالنجاح الذي حققته الثورة التحريرية بفضل الالتفاف الشعبي حول قيادتها. بادر قطاع التكوين السياسي لأمانة الهيئة التنفيذية لحزب جبهة التحرير الوطني برئاسة عبد الكريم عبادة، نهاية الأسبوع المنقضي بعقد ندوة فكرية للتوقف عند ذكرى مظاهرات 11ديسمبر 1960 بحضور شخصيات وطنية وإطارات حزبية وأساتذة ومختصين، نشطها المجاهد صالح قوجيل عضو أمانة الهيئة التنفيذية، وقد خاطب قوجيل في معرض حديثه الأساتذة والمؤرخين بالقول » إنه حان الوقت لندقق أكثر في تاريخ ثورة نوفمبر المظفرة ولا نكتفي بإحياء الحدث فحسب بل تحليله لمعرفة العوامل والأسباب التي أدت إلى حدوثه» ومن وجهة نظر المحاضر فإن مهمة الباحث والمؤرخ تتجاوز مجرد الاكتفاء بجمع المعلومات بل يفترض فيه التعرض لها بالتحليل والتمحيص و كتابة التاريخ بطريقة موضوعية حتى يتسنى للأجيال المقبلة الإطلاع عليه والاستفادة منه مستقبلا. وفي سياق ذي صلة بالذكرى عرج المتحدث الذي كان من رفاق الشهيد مصطفى بن بولعيد في محاضرته على المحطات الهامة التي مرت بها الثورة بداية من بيان أول نوفمبر 1954 إلى غاية مفاوضات ايفيان ثم الاستقلال، وتعرض بالتفصيل لفلسفة بيان أول نوفمبر الذي سطر لكل مرحلة من مراحل الثورة وحدد هوية الدولة الجزائرية لما بعد الاستقلال. ومن بين المراحل التي استوقفت المحاضر مطولا معركة الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955 والتي كانت متبوعة بمعركة الجرف التي دامت 7 أيام و7 ليالي في جبال لأوراس وكذا مؤتمر الصومام الذي اعتبره المحاضر محطة تنظيمية حاسمة في كل المجالات سواء القتالية الميدانية أو على صعيد التنظيم الشعبي والجماهيري. ويذهب المجاهد صالح قوجيل في محاضرته وفي تعداده لعوامل نجاح النضال التحرري في الجزائر إلى كون قيادة الثورة قد راهنت على الالتفاف الشعبي منذ البداية و نجحت في كسب الرهان بامتياز وهو ما جعل مثلما يؤكد المتحدث السلطات الاستعمارية الفرنسية تسعى من خلال خططها العديدة إلى كسر هذا الالتفاف والوحدة بين الشعب والثورة في محاولة يائسة لعزل الثورة عن الشعب بكل الطرق والوسائل، مستشهدا بمشروع قسنطينة وخطي شال وموريس فضلا عن المحتشدات التي لم تتوان عن اقامتها. وفي سياق ذي صلة بالموضوع اعتبر قوجيل مظاهرات 11 ديسمبر 1960 صورة حية لالتحام الشعب الجزائري بجبهة التحرير الوطني، موضحا أنها نظمت في 25 نقطة من الجزائر من بينها الجزائر العاصمة، مبرزا أهمية صور المظاهرات التي وصلت لكل بقاع العالم والتي التقطها مصور ايطالي وبثها عبر التلفزة الايطالية، والتي سمحت بإسماع صوت الثورة التحريرية على الصعيد الدولي. كما توقف المجاهد صالح قوجيل في محاضرته عند أهمية النضال السياسي والدبلوماسي الذي خاضته جبهة التحرير الوطني على الصعيد الدولي وما كان يمثله من دعم للعمل المسلح الذي كانت تخوضه قيادة الثورة على أرض المعركة، مبرزا الدور الذي لعبه مؤتمر بوندونغ لدول عدم الانحياز في نقل القضية الجزائرية إلى المحافل الدولية، واعتبره المحطة الدبلوماسية الأولى و الهامة التي مهدت الطريق أمام القضية الجزائرية ونقلها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما كانت مقدمة لانتصارات دبلوماسية باهرة كانت مدعومة بقوة المعارك الميدانية في الداخل. وقد تميزت الندوة التي نظمها الأفلان بنقاش ثري من خلال أسئلة الحضور والتي تمحورت حول أهمية كتابة التاريخ وتسجيل شهادات المجاهدين الذين صنعوا الحدث وذلك لتعريف جيل الاستقلال بالتضحيات الجسام التي قدمها أجدادهم وآباءهم على مذبح الحرية وتحقيق الاستقلال الوطني الذي ينعمون فيه اليوم، كما اعتبر الحضور الهبة الشعبية وبالأساس فئة الشباب بعد افتكاك الفريق الوطني لتأشيرة التأهل إلى المونديال بمثابة بادرة لغرس الروح الوطنية في أجيال الاستقلال والتي ينبغي استثمارها لتشمل مختلف ميادين الحياة .